قالوا عنها وعنه الكثير .. بقدر ما تنمو ببطء ينمو الحذر سريعاً .. الأحمق لا يستطيع أن يخفيها .. الذكاء يليها في المرتبة .. طائرها يحوم على ارتفاع منخفض ويبحث عن غذائه تحت الشجيرات .. حوار واحد مع أحد أعلامها خير من عشرة أعوام من الدراسة كما يقول الصينيون .. إنها الحكمة والحكيم ذلك الذي يستطيع أن يصنع من الفرص أكثر مما يمكنه العثور عليه .. حديث الحكمة ترهف له الآذان ويشغف به الوجدان حينما تشتد الرياح ويستبد الغباء والجهل والحماقة .. عندها يفتش عنها وتستدعي بدلال « في الليلة الظلماء يفتقد البدر «.سليمان الحكيم نبي الله من أكثر الشخصيات التي ألهمت الأدباء في مختلف العصور والثقافات وهبه الله الحكمة .. لم يطلب من الله المال والثراء لكنه سأله الحكمة.. فكان له سُئله قال تعالى : « قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ « وأعطاه الله من فضله « هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ «39» وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ « هذا هو سليمان الملك رقم (48) وفقاً لما جاء في سفر الملوك والتلمود .. الذي أعطاه الله ما لم يعطه لأحد من قبله وزاد عليه غنى وكرامة وجيش من الإنس والجن والطير وسخر له الريح بفضله.في التلمود وتراث الشتات « كل شيء يضيع يعود ثانية « .. وها هو هيكل سليمان الذي بني في القرن العاشر قبل الميلاد وكان يعد آنذاك من أجل مباني العالم .. له مذبح خاص في قدس الأقداس يتوسطه التابوت الذهبي الذي يحوي اللوحين اللذين كتب فيهما «الوصايا العشر» رفض اليهود الاعتراف بالمسيح وأوعزوا إلى بيلاطس بصلبه فعرف ما سيحيق بهم نتيجة ضلالهم وغيهم وتنبأ بهدم الهيكل الأول « الحق أقول لكم أنه لا يترك هنا حجر على حجر لا ينقض .. هوذا بيتكم يترك لكم خراباً «.
وبالفعل أصبح الهيكل خراباً على يد نبوخذنصر عام 587 ق.م. ثم قام بأسر اليهود وسبيهم إلى بغداد ثم أعيد بناؤه للمرة الثانية على يد الملك « هيرودوس « لكنه هدم على يد الرومان هذه المرة عام 70م بواسطة « تيطس « ودمرت مدينة القدس بأكملها.
منذ شهر مضى .. أثار ظهور بقرة حمراء في منزل ريفي لرجل يهودي أمريكي يدعى هربرت سيلر .. موضوع إعادة بناء الهيكل إلى بؤرة الضوء مرة أخرى .. فمن المعروف أن الديانة والتراث اليهودي يزخران بالحكايات والأساطير والنبوءات وقصة البقرة الحمراء من أشهرها .. فظهورها يحتاج إلى معجزة وراثية جينية لا تتكرر منذ ألفي عام عام 1997 حين أكملت البقرة الحمراء ( ميلودي ) ثلاث سنوات – كما تنص النبوءة – اقتحم شارون المسجد الأقصى واثق الخطوة ملكاً محاطاً ب 300 جندي تمهيداً لإعادة بناء الهيكل للمرة الثالثة على أنقاض المسجد الأقصى .. فاندلعت انتفاضة الحجارة .. ولم يتحقق المشروع الديني الطموح الذي خصص له معهد خاص في القدس يسمى « معهد الهيكل « به محاكاة لكل ما يخص تلك الفترة من آنية وزجاجات وملابس وأبخرة .. مصمم جسم الهيكل « إيجي يوناه « يقول أنه لا يعرف مكان الهيكل القديم كل ما يعرفه أن الإسرائيليين يريدون هدم الأقصى.. بدأت الحفريات أسفل المسجد الأقصى تدريجياً منذ عام 1969.. وأكد أكثر من عالم حفريات وآثار أن الآثار الكائنة في هذه المنطقة معظمها رومانية وبيزنطية .. وأعلن بشكل واضح في العديد من الأبحاث والدراسات أن إسرائيل تخطط لهدم المسجد الأقصى بحلول عام 2020 ولكن لم يحرك أحد ساكناً .. بل إن عدم زيارة المسلمين للقدس أفسحت المجال لتمدد أطماعهم وطموحهم حتى بلغت هذا الحد من الجنون والشطط .. فهل بنى المسجد الأقصى كما يزعمون على أنقاض الهيكل .. وإن هدم المسجد وإقامة الهيكل في هذه الحالة عقيدة يهودية لابد أن تنفذ ؟
وفقاً لبعض الآراء والدراسات التاريخية نكتشف أن سيدنا إبراهيم وضع قواعد المسجد الأقصى قبل بناء الهيكل بما يزيد على 1000 عام فهم يريدون إعادة الهيكل تمهيداً لانتظار ما لا يجيء – عند الكاثوليك والأرثوذكس – ليحكم المسيح ألف عام سعيدة يعم خلالها الرخاء والسلام على العالم أجمع .. تراث طويل من التطير والتفاؤل والتنبؤ بالأحداث يحفل به التراث اليهودي .. وآخرها تخوفهم من ظاهرة القمر الأحمر ( الدموي ) الذي ظهر في أوائل أبريل ، وهم يتطلعون لرقم يكسر نحس الرقم ( 44 ) وهو رقم الرئيس باراك أوباما ومن وجهة نظرهم فالرقم 45 سيجنب إسرائيل شؤم القمر الدموي الذي سيظهر في القدس مرتين الأولى في 28 من سبتمبر هذا العام والمرة الثانية في نهاية يناير عام 2018 .. ولا يخفى مساندتهم لهيلاري كلينتون ووجودها بحد ذاته يمثل فألاً حسناً إضافياً بالنسبة لهم .. تتطير إسرائيل بالرقم (4) وهو يتكرر بدلالات مختلفة في التوراة .. لذلك رصدوا تاريخ الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران الذي تم في الرابع من أبريل هذا الشهر .. فهل العداء بين إسرائيل وإيران تاريخياً ؟
بالطبع لا. فإذا كان نبوخذنصر قد هدم الهيكل وأسرهم فإن ملك الفرس (قورش) هو الذي أعادهم إلى أورشليم وسمح لهم بإعادة بناء الهيكل .. وأطلق الأمريكيون على صدام حسين « نبوخذنصر الجديد « وبمجرد أن سقطت بغداد عام 2003 تم تدمير المتحف الوطني العراقي بالكامل.
هذا الأسبوع أعيد فتح الحديث عن كنوز الملك سليمان المحفوظة نسخ منها بالكامل في متحف بغداد والتي أصبحت تحت سيطرة « داعش « وتتجلى كراهية اليهود للعراق حين نعلم أنهم يعتقدون بوجود كنوز الهيكل الأول في مكان ما بالعراق حيث تم إخفاؤها تحت برج بابل والأدب الصوفي اليهودي يحفل بذكرى هذه الكنوز التي تحتوي قطعاً ذهبية وآنيات مرصعة بالمجوهرات وأبواقاً ذهبية وعدداً كبيراً من « المينورا «الشمعدانات الثمانية اليهودية الشهرية .. الأسبوع الماضي طالب أحد الخبراء الأمريكيين في الآثار بزيارة المتحف الوطني العراقي لإجابة مطالب إسرائيل وبكل صفاقة ذكر أن طلباتهم إذا لم تجب سيتم نقل المتحف الوطني العراقي إلى إسرائيل !! ولأن العرب يرعدون ولا يمطرون كما يقول نزار قباني فنحن ساهمنا دون أن ندري في منحهم تلك الفرصة الذهبية للاستفراد بالقدس ووضعنا العراقيل أمام من يريد التواصل مع المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة أمام الأكاديميين.. لابد أن يعترضهم الأمن بعدم التصريح لهم.. فكيف يطلعون على الكتب والدراسات التي لا تنشر .. في دراسة ماجستير أعدتها مروة وهدان الأستاذ المساعد بكلية الألسن .. تلقي الضوء على شخصية سليمان كما استلهمها الكاتب اليهودي «يعقوب كاهان« وكيف أضفى على سليمان سمات التمرد والعنف وبخبث يربط بين هذا التوجه وتوسع مملكة بني إسرائيل في عهده ليستمد اليهود من شخصيته روح الفتونة والهجوم يقول «اشمداي « في هذه المسرحية : « قل لنفسك أنك تستطيع وستستطيع .. أتعلم من أين استمد قوتي ؟ من التمرد ! جميعهم عرفوا الخضوع فقط والنواح والشكوى المريرة « أنا فقط الذي تجرأت وقلت لا أليس هذا ما تفعله معنا هذه « الدولة البلطجية « آه يا قدس «هذا قدرك معنا كما رسمه محمود درويش لعاشقته: أنا العاشق السيئ الحظ .. لا أستطيع الذهاب إليك .. ولا أستطيع الرجوع إليّ
أفيقوا يا عرب تكاد بقرة حمراء يحرق رمادها ويتطهر بدمائها الكاهن الأعظم – أن تحول هذه المنطقة إلى كتلة من لهيب .. إنها ليست بقرة واحدة والله إن البقر تشابه علينا !!