مسجلة 2.8 مليار دولار.. صادرات الملابس الجاهزة تحقق قفزة تاريخية جديدة    الاثنين 8 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    توقيع اتفاقية تمويل بين البنك الأوروبي لإعادة الإعمار و"الأهلي المصري" ب100 مليون دولار    مدير جهاز تنمية البحيرات: عودة طيور الفلامنجو لبحيرة قارون بعد تحسين أوضاعها    ماسك يهاجم الاتحاد الأوروبى بعد غرامة ال 140 مليون دولار على منصة X    ارتفاع المؤشر الرئيسي للبورصة مقتربا من مستوى 42 ألف نقطة    «كجوك» يشهد قرعة «تأشيرات الحج» للعاملين ب«المالية»    37 عاماً على مأساة أرمينيا.. زلزال دمر مدينة ومصر كانت أول المغيثين    غارات جوية تايالاندية تستهدف منشآت عسكرية في كمبوديا    جيش الاحتلال يشن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في رفح الفلسطينية    جوتيريش يجدد دعوته للأطراف السودانية للوقف الفوري للأعمال العدائية ضد المدنيين    أمين عام مجلس التعاون الخليجي: استراتيجية خليجية موحدة للأمن السيبرانى    موعد مباراة عمان وجزر القمر في كأس العرب والقنوات الناقلة    ميلان يبحث عن صدارة الدوري الإيطالي أمام تورينو    قرار مرتقب باستبعاد محمد صلاح من مواجهة إنتر ميلان بدوري الأبطال    حسام أسامة: بيزيرا «بتاع لقطة».. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    تحرير 530 محضرا للمخابز والأسواق في حملات مكثفة بأسيوط    متحدث الوزراء: أعمال تطوير حديقتي الحيوان والأورمان تجري بشكل شامل    مواصفات امتحان العلوم للشهادة الإعدادية للفصل الدراسى الأول    «بسبب عطل مفاجئ فى خط الطوارئ».. محافظ بني سويف يوجه فرع الإسعاف بإخطار المواطنين للحصول على الخدمة    هل هناك فيروس جديد مجهول؟.. «متحدث الصحة» يجيب    وزير الصحة يتابع مشروع النيل: أول مركز محاكاة طبي للتميز والتعلم في مصر    مشروبات وأدوات بسيطة تضمن الدفء.. كيف تنام بعمق في الشتاء؟    مواعيد مباريات الإثنين 8 ديسمبر - المغرب ضد السعودية.. ومانشستر يونايتد يواجه ولفرهامبتون    محمد الخراشي: منتخبا مصر والسعودية قادران على بلوغ الدور الثاني في كأس العالم    إيران: رحلة ثانية تقل 55 إيرانيا من المرحّلين تغادر أمريكا    مزاعم إسرائيلية: هجوم إقليمي محتمل يهدد الأمن القومي لإسرائيل    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    قبل انطلاقها في الداخل.. كيفي تستعلم عن لجنتك الانتخابية بالرقم القومي؟    برودة وصقيع تضرب محافظة الأقصر اليوم    تحريات أمن الجيزة تكشف لغز العثور على جثة سمسار بحدائق أكتوبر    اعترافات المتهم بقتل زوجته فى المنوفية: ضربتها على رأسها ومكنش قصدى أقتلها    تجهيزات خاصة لتكريم الموسيقار عمر خيرت في افتتاح مهرجان الأوبرا العربية    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    سعر كرتونه البيض اليوم الإثنين2025فى اسواق المنيا    تقرير المعمل الكيماوي: إيجايبة عينات عاطل متهم بالتحرش بمعلمة في السلام    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    وزير الصحة ينفى انتشار فيروس ماربورج أو أى فيروسات تنفسية جديدة بمصر    بعد فشل مفوضات السد الإثيوبي.. هل تلجأ مصر للحرب؟ وزير الخارجية يرد    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن في 30 دائرة من المرحلة الأولى لانتخابات "النواب"    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    إصابة 18 شخصاً في حادثي سير بطريق القاهرة الفيوم الصحراوي    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    غرفة عقل العويط    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطر العودة إلى الفتنة الطائفية
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 04 - 2015

تجديد الموحدات القومية، أو الوحدة الوطنية، تشكل أحد أكبر معضلات الدولة المصرية منذ نهاية عقد الأربعينيات من القرن الماضى وحتى اللحظة التاريخية الانتقالية الراهنة،
لأن النخب الحاكمة المتعاقبة لم تحاول بجدية وإبداع سياسى أن تواجه الأزمة فى مناباتها وعوامل تشكلها، وأسباب انكسار أسس الاندماج والتكامل الوطنى. ترتب على اللامبالاة بهذه المحنة الممتدة، أن بعض الوقائع اليومية البسيطة تثير مشكلات كبرى بين المواطنين من المسلمين والمسيحيين، وتجعل بعضهم يعتقد أن قانون الغلبة الأكثرى يستطيع أن يهيمن على سلطة قانون الدولة وعلى أجهزتها الأمنية والقانونية والسياسية، بل وعلى رجال الدين ومؤسساتهم.
ان تاريخ ما يطلق عليه «الفتن الطائفية» والتعبير غير دقيق ولا علمى وراءها شجارات أو وقائع ناتجة عن الاحتقانات الاجتماعية، أو بعض من مشكلات الجيرة أو العمل أو الزراعة أو الرى أو المرور أو التوترات بين بعض الأطفال والصبية، أو بناء كنيسة أو ترميم بعض مكوناتها الآيلة للسقوط، أو أداء بعضهم للصلوات فى بعض البيوت فى قرى نائية بعيدة عن مكان للعبادة.. أو بعض الألفاظ التى تنبو عن الذوق واللياقة الاجتماعية أو الأخلاقية عموماً.
خذ مثلا ما نقلته بعض المواقع الصحفية الرقمية عن أحداث خطيرة فى دلالاتها فى قرية الناصرية بالمنيا، عندما فقد أحد المدرسين الأقباط شريحة ذاكرة جهازه النقال ويحملُ عشرين ثانية لخمسة طلاب تتراوح أعمارهم بين 13 إلى 15 عاما، وهم ينتقدون ممارسات تنظيم داعش، من الحرق والذبح.. الخ. ترتب على ذلك تهديد بعض الشباب والصبية والبنات لأطفال المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية بالقتل، والتحرش ببعضهم أو بعضهن، وذلك على الرغم من تحويل المدرس بالمدرسة الإعدادية جاد يوسف للنيابة العامة التى قامت بحبسه احتياطيا أربعة أيام على ذمة التحقيق، وقام أحد المتطرفين بنشر الواقعة فى القرى المجاورة.
ما الذى قام به بعض الغلاة والمتطرفين؟ الاعتداء على منازل الأقباط وتدمير منزل المدرس، وفرض تهجير قسرى على الأسر المتهم أبناؤها بالإساءة وعددهم ستة أسر.
ان أخطر ما فى هذه الواقعة الخطيرة هو طلب مديرة التعليم من مديرى المدارس أن يصرفوا الطلاب والطالبات الأقباط من المدارس، وإعادتهم إلى منازلهم خشية لتطور الأمور إلى الأسوأ والاعتداء عليهم. وهو ما يعنى أن أجهزة الدولة غير قادرة على حماية العملية التعليمية والطلاب والطالبات الأقباط. هذا السلوك البيروقراطى هو من الأمور المألوفة التى تحولت إلى نمط، لأن غالب الغلاة والمتشددين يعرفون سلفا نتائج أعمال القتل والضرب والحرق والتخريب التى يقومون بها! لأن أجهزة الدولة البيروقراطية تلجأ إلى مجالس الصلح العرفية من كبار العائلات وبعض رجال الدين والإدارة والأمن بالجلوس وتطبيق بعض القواعد العرفية الوبيلة والخطيرة، من إيجاد مصالحات يتم من خلالها جبر بعض الأضرار من خلال الديات والتعويضات، وهو ما أدى ولا يزال لإزاحة قانون الدولة، وانتهاك جسيم لمبدأ المساواة أمام القانون، وإهدار لقيم وقواعد ومعانى العدالة الجنائية الحديثة والمعاصرة!!
ما الذى ترتب ولا يزال على هذا الأداء البيروقراطى والدينى النمطى؟ عديد النتائج الماسة بهيبة الدولة والنظام والنخبة السياسية الحاكمة، وتتمثل فيما يلى:
1- إضعاف بل وإزاحة مبدأ دولة القانون وهيبته وروادعه وسيادته على المخاطبين بقواعده وأحكامه.
2- المساس بهيبة ومكانة السلطة والجماعة القضائية، وانتزاع صلاحياتها فى الفصل فى المنازعات القانونية، وخرق وانتهاك قانون العقوبات والإجراءات الجنائية.
3- حلول سلطة القانون العرفى، والقضاة العرفيين فى حل منازعات قانونية خطيرة تمس الاندماج والتكامل الوطنى سياسيا ودينيا، بكل آثار ذلك السلبية على الوحدة الوطنية.
4- رسوخ قانون قوة الأكثرية الدينية على الأقلية على نحو يؤدى إلى ازدياد معدلات التمييز الدينى بين المواطنين، والأخطر تمدد عملية التحول إلى «الطائفية»، بما يمس الانسجام والتجانس القومى الذى يتجاوز فى مكوناته الثقافية والاجتماعية «والطبقية» الانتماءات الأولية الدينية والمذهبية والعرقية والمناطقية. هذا التمدد الخطير شكل بيئة ملائمة وقاعدة لتحرك الجماعات الإسلامية السياسية المتشددة والطائفية، على نحو أدى إلى تحويل النزاعات الطائفية إلى أداة لمواجهة الدولة وأجهزتها والنظام السياسى على أرضية الطائفية، وذلك من خلال زعزعة الاستقرار السياسى والأمنى. من ناحية أخرى بث رسالة إلى المجتمع الكونى والإدارات السياسية فى الدول الكبرى بأن النظام غير قادر على حماية المواطنين الأقباط، وهى مادة مثيرة لأجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وتساعدها فى صياغة صور نمطية حول فشل الاندماج القومى. ترتب على ذلك ولا يزال التأثير على حصيلة مصر من السياحة الدولية والإقليمية، والاستثمارات الموجهة إليها من التدفقات الاستثمارية الأجنبية والعربية.
ان عوامل نشوب التوترات والمشكلات الطائفية تاريخية ومعقدة، وترتبط بالخلط بين الدينى والمذهبى و«الطائفى» وبين السياسى والثقافى والتعليمى، ومن ثم تعد مركبة ومعقدة وتحتاج إلى رؤية جديدة، وسياسة لتجديد أسس وقواعد وأبنية التكامل الوطنى، ترتكز على المبادئ التالية:
1 - التطبيق الحازم والحاسم لقانون الدولة وسلطان القضاء فى نظر جميع منازعات وانتهاكات القانون عموما والجنائى على وجه الخصوص.
2 - استبعاد مجالس الصلح والقانون العرفى تماماً.
3 - إعداد قطاع شرطى متخصص فى مواجهة المشكلات الطائفية أيا كان نطاق وقوعها وهو ما يتطلب تكوينا وتدريبا متميزاً فى هذا الصدد، ومده بأدوات أمنية متطورة.
4 - ورش عمل للدعاة والقساوسة على المواطنة والدعوة والإرشاد لقواعدها وحقوقها.
5 - ورش عمل لتدريب الصحفيين الجدد حول تاريخ الأمة المصرية والوحدة الوطنية، ووضع ميثاق أخلاقى وكتاب إرشادى على المصطلحات التى تستخدم فى إطار هذه المشكلات ومعالجتها، لأن بعض المعالجات يزيد من الاحتقانات الطائفية. من هنا نبدأ؟
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.