تأتي أهمية الحديث عن بناء سد النهضة من بعدين البعد الأول هو موقعه على النيل الأزرق الذي يمد نهر النيل بنحو 60% من وارداته المائية . والبعد الثاني سعته التخزينية الكلية التي تصل إلى 74 مليار متر مكعب. وتهدف إثيوبيا من وراءه إلى استغلال المياه المخزنة به في إنتاج احتياجاتها من الطاقة الكهربائية. صحيح أن إثيوبيا لم تقر بحصة مصر من مياه النيل باتفاقية سد النهضة والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا وفقا للاتفاقيات السابقة ... ولكن فى الوقت نفسه لم تقر مصر باتفاقية سد النهضة بموافقتها على تقليل حصتها من مياة النيل المبرمة فى تلك الاتفاقيات ، بل وأكدت مصر باتفاقية سد النهضة على ضرورة عدم الإضرار بدولتي المصب "مصر والسودان" جراء أسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي . وأهم المبادىء العشرة التي تضمنتها اتفاقية سد النهضة هي احترام القانون الدولي للحدود، والاستخدام العادل والمنصف للمياه وعدم الضرر، ووضع آلية مشتركة حول قواعد "الملء الأول لبحيرة السد . أي انتصار لإثيوبيا يتحدث عنه البعض وإثيوبيا قد لا تستطيع مواصلة بناء سد النهضة ؟! ... تقرير لجنة الخبراء الدوليين العشرة الذي تم تقديمه في عام 2013 شكك في معامل الأمان للسد ، وذكر أنه يهدد الأمن الإنساني لدول النيل ونحن بانتظار تقريرا جديدا من قبل الخبراء الدوليين بعد 15 شهرا قد يفضي إلى نفس النتيجة السابقة. أن إثيوبيا لا تستطيع مواصلة بناء هذا السد إذا كان مهددا للأمن الإنساني لدولتي المصب (مصر والسودان) ، طبقا لقوانين المجتمع الدولي خاصة أن مصر وصلت بالفعل لمرحلة الفقر المائي ولا تحتمل المزيد . ثم أننا من حقنا اعتبار الأتفاقية كأنها لم تكن فى حالة عدم إلتزام إثيوبيا بعدم الإضرار بمصالح مصر المائيه ، خاصة أن أديس أبابا لديها خطة لبناء ستة سدود أخرى . الأمن المائي لمصر، المتمثل في ضمان تدفق مياه النيل من دول المنبع إلى مصر، يمثل حياة أو موت بالنسبة لمصر لأن المياه هى أهم عامل من عوامل البقاء للدولة المصرية . وهناك حلول سلمية تستطيع أن تلجأ لها مصر فى حالة عدم إلتزام إثيوبيا بعدم الإضرار بمصالح مصر المائيه قبل اللجوء إلى البدائل الأخرى الغير سلمية للحل تتمثل في الضغط من خلال المصالح الاقتصادية المشتركة بين مصر والدول الداعمة والممولة لمشروع سد النهضة مثل إيطاليا والصين والهند وكوريا وكذلك الضغط من خلال المصالح السياسية المشتركة بين مصر ودول الخليج العربي التي لديها استثمارات ضخمة في أثيوبيا، يمكن أن تضغط بها من أجل حماية حقوق مصر المائية. أن توقيع مصر على اتفاقية سد النهضة ليس انتصارا لأحد ولا تعد الوثيقة سوى خطوة إيجابية فى طريق الحل تشترط عدم الإضرار بمصالح مصر. [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي