السر الأخير للباشا وكمحترف بلا عقل استمر جرجس الجوهرى فى ترجمة كلمات مستر «بلاك» لسيده الوالي «محمد على باشا» دون أن ينتبه الى السكين الطويل الذى يُزرع فى جنبه بقسوة لا مثيل لها والحروف تتطاير مع دمائه الساخنة «لا يجب أن يكون هناك ثالث لهذا السر يا باشا».. وغامت عيناه. امتعض الباشا لمقتل مترجمه الأمين بهذه الطريقة الحقيرة وفى حضوره .وأخذ يهذى فى غضب: «المهزوم لايختار», وهو يبصق فى الهواء خلف رائحة العرق القذرة التى تركها «بلاك» بالغرفة السرية المظلمة بقلعة الجبل. وألقى نظرة أخرى على جثمان المترجم الهارب من جحيم الأسئلة التى بدأت تأكل رأس الوالى كغيلان أسطورية. تبخ النار بلا رحمة فى دمه المتكلس وتعصر فى عينيه كبريت «عجز الفهم» الحارق بمرارة والكاسر لكبرياء الباشا. - لا تكن جثة ولو للحظة..أيها القبطى المخلص الأمين. وابتسم ساخرا من زيت البركة الذى دهنه به البطريرك «مرقس» لينال النصر فغرق فى الهزيمة. ثم عاد ليخاطب جثة جرجس المترجم بصوت مرتفع, وهو ينادى كل الغارقين فى أسطوله. - هل كنت أمينا فى ترجمتك؟ أم أن الشعر الأبيض الذى نما داخل عقلى أوقف جبروت ذكائي، فلم أعد قادرا على الفهم؟ هل قال إنهم سوف يصنعون من خلاياى محمد على آخر؟ ماذا قلت؟ أى كلمة ثقيلة على اللسان تلك الكلمة! استنساخ. نسخة أخري؟ هل هناك «بلوظة» للباشا.. ولى المحروسة؟ لماذا قتلك هذا الشيطان الملعون؟...إنهم يسخرون منى يا جرجس.. وحق جسدك البارد هذا. يسخرون! أو أن أرواح المماليك الملاعين تعود, لتعشعش فى القلعة وتمس الباشا مخالبهم القذرة. تنبش شرايين ممزقة وتنتقم من أشلاء عجوز يرتعش أكثر مما يتنفس. فى لحظة الهزيمة يجتمع كل الأعداء. هذا المكان ملعون وهذا الزمن ردىء. لثم الباشا جبين جرجس.. وأمر بإقامة جنازة تليق بمكانته.. وسلم نفسه لعلماء جيوش المتحالفين ضده، ينتزعون من خلاياه ما يشاءون, وهو لا يفهم, لكنه يردد من حين إلى آخر «المهزوم لا يختار». تم حبسه فى غرفة عفنة مع قليل من الخبز والجبن القديم.أياما لا يعرف لها عددا. بانى مصر الحديثة مربوط فى تاريخ مزيف لشعب لا يقرأ.يشتهى اللحم والبصل. ولا يجد سائلا أو معزيا. وجاءوا يطرقون بابه ومعهم «محمد على آخر». «عفريتي»!!!!!!!!!!!!!! - الخواجات يعملون فى السحر والشعوذة كغوازى البربر... بسم الله الرحمن الرحيم..قل أعوذ برب الفلق. من شر ما خلق... لعلهم يقولون: - لاتكفينا هزيمتك مرة واحدة, سوف نهزمك مرتين