دفعتنى غيرتى على بلدى وعلى الإعلام المصرى الذى أنتمى إلي أحد فروعه المسماه بصاحبة الجلالة أن أكتب هذا المقال .. لعله يلفت إنتباه بعض الزملاء فى المهنة من الذين دفعونى لكتابة ما يؤذى مشاعرى كمشاهدة لبعض البرامج التليفزيونية أو الأفلام أو الاعلانات وتتلخص ملاحظاتى بالنسبة للبرامج الاخبارية ( التوك شو ) أنها فعلا شو ولكن أحيانا تستحق أن تسمى أكثر من شو فمثلا نرى بعض المذيعات أو المذيعين منفعلين بدرجة ترهق أعصاب المشاهد فى حين أن الدور الأساسى للمذيع هو توصيل الخبر أو المعلومة للمشاهد دون التأثير عليه بالانحياز إلى جانب ضد الآخر ومحاورة الضيف بأسلوب راقى ومراعاة مركز ومقام الشخصية المستضيفة سواء مركزه الإجتماعى أو سنه أو خبرته أو تعليمه أو تاريخه المشرف ،،، وعلى سبيل المثال وبدون ذكر أسماء شاهدت بالأمس برنامج توك شو تقدمه مذيعة استضافت شخصية راقية لها وزنها فى كل شىء علم ومركز وخبرة وسمعة فكانت تتحدث مع سيادته وكأنها وكيل نيابة يستجوب متهم ، أعتقد أن بديهيات ومبادىء التعليم الإعلامى سواء صحفيا أو تليفزيونيا أو إذاعيا آداب الحوار .. هذا نموذج من نماذج أخرى كثيرة أرهقتنا نفسيا بأسلوب حوارها ولم تكتفى بما نبتلى به من الأخبار السيئة التى تحاصرنا ساعة بساعة منذ سنة وأكثر حتى كدت أشك أن هناك مؤامرة على تحطيم نفسية المشاهد المصرى . وهناك نموذج آخر لمذيع لبرنامج يحكى قصة قصيرة وطبعا القصد منها الإهتمام بالبلد سواء فى أسلوب المعاملات أو النظافة وعدم الاستغلال للسائحين ولكنه عرض القصة بطريقة زادت الطين بله .. فتلفظ بألفاظ فى منتهى الإزدراء للبلد وما يجرى فيها من ..... وطبعا أى مشاهد للبرنامج لو كان ينوى السياحة فى مصر سوف يصاب بصدمة وإحباط وغالبا "حيصرف نظر" .. إذن طريقة العرض لا بد أن يعاد فيها النظر سواء من المعد أو المذيع وإلا تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن . ومن الأفعال المثيرة لأعصاب المشاهد للتليفزيون والمستهينة بإستقراره النفسى .. أن يكون المشاهد متابع لبرنامج دينى يجعله متفاعل معه فى جو إيمانى شفاف قريب من الله وفجأة ... فاصل إعلامى يعرض إعلانات عن برامج ترفيهية ليس لها أى علاقة بالجو الروحانى بل باللهو والسفور تجعلك تشعر بصدمة نفسية بنقلة رهيبة من مشاهدة وتواصل مع قمة الطهارة وفجأة قمة الهيافة بالفاصل الإعلانى ويكرر الفاصل أكثر من مرة وبنفس الإعلان فى نفس البرنامج مما جعلنى أشك فى حكمة السياسة الإعلامية فى إختيار الإعلانات المناسبة التى تتخلل بعض البرامج . فلا بد من إعادة النظر فى تصنيف الاعلانات وتصنيف البرامج التى تتخللها ويتوائم الإعلان مع الجو النفسى للمشاهد المتابع لإعلام ما . أما عن أسلوب عرض الإعلان فهناك إسفاف وإستهتار بحياء المشاهد المصرى فى بعض الإعلانات وكأنها تهين المشاهد وتتعمد إحراجه مع أن هناك أفكارا أخرى أرقى للأعلان عن المنتج . وكذلك زيادة مدة عرض الإعلانات لدرجة تصل بالمشاهد أو متابع أى شىء هادف أن يترك التليفزيون ومشاهدته بنسيان ما كان يتابعه أو استفزازه بكثرة الفواصل وقطع التواصل . أما عن العرض الدرامى للمشاكل الإجتماعية فيجب على مخرج البرامج المتخصصة فى تقطيع قلب المشاهد أن يرحم المشاهد من طريقة العرض بالتفاصيل وبالتصوير البطىء وأظن أن كل واحد منا ( اللى فيه مكفيه ) ونأتى للأفلام وما نرى فى بعضها من خدش لحياء الأسر فى البيوت فالأسرة المصرية معروفة بتدينها وتحفظها وكثيرا منها لا يذهب لمشاهدة الأفلام المعروضة فى دور السينما التى يخشى أن تخدش حياء أسرته ، وأسر أخرى لا تذهب للسينما لضيق ذات اليد وطبعا يكون التليفزيون المنزلى هو المتنفس الوحيد لمشاهدة بعض الأفلام ..، وتدخل الأفلام البيوت دون رقابة أو رقيب يحذف منها بعض الألفاظ وبعض المشاهد التى لا يصح أن تسمع أو ترى فى حضور نساء وبنات وأطفال . وأخيرا وليس آخرا يبدو أن مفهوم التخصص الأعلامى قد تلاشى مما نشاهده من برامج مختلفة على شاشة التليفزيون فلا يكون مقدم البرنامج مذيع ولكن من الممكن أن يكون صحفيا أو ممثل كوميديا أو مطرب أو أو ... مما يجعل المشاهد يفقد المصداقية فى كثير من الأحيان وهو أمام شاشته الصغيرة التى كانت تلتف حولها الأسرة لترفه عن نفسها بعد عناء يوم طويل لتستمتع بأوقاتها بين مرح وتعلم وتوعية وتثقيف ومعرفة فى مجالات مختلفة من العلم ، فأصبحت شاشة التليفزيون وجه لأسد مرعب لا تعلم متى وكيف سيهجم على مشاعرك وأنت متربص خوفا من هذا الفزع الأكبر ، وغالبا تخلد إلى فراشك مهموما مذعورا لتهنأ بكوابيس مرعبة وتصبح على "... المزيد من مقالات ايناس عبد القادر