برلماني: مشاركة المواطنين بالانتخابات رسالة وطنية تعكس تمسكهم بحقهم الدستوري    مشرف انتخابات الإسماعيلية: عطل فني وراء تأخر فتح لجنتين بالقنطرة غرب.. والعمل ينتظم بكفاءة    قطع مياه الشرب عن عدة مناطق في الإسكندرية لمدة 20 ساعة    وزير البترول يستقبل أعضاء لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    الإحصاء: الصادرات المصرية إلى السودان ترتفع إلى 760.2 مليون دولار    "رجال أعمال إسكندرية" و"حماية المستهلك" يناقشان آليات تلقي الشكاوى وحل النزاعات    قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل تناقش مصير 210 مليارات يورو مجمدة من روسيا    برلماني: المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية تمثل انتهاك صارخ لحقوق الشعب الفلسطيني    تشكيل مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025    دمياط تشن حربا على الغش وتضرب بيد من حديد    تعرف على موعد التقييم النهائي لطلاب صفوف النقل    طقس الغد.. انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة والصغرى 8 درجات بالقاهرة الجديدة    الداخلية: ضبط 119469 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة على مستوى الجمهورية    السينما العربية على طريق الأوسكار.. 4 أفلام في القائمة الأولية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    السبكي: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي والمناظير نموذج متكامل للرعاية الصحية المتخصصة بالسويس    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة    ترامب يوافق على 10 مليارات دولار أسلحة لتايوان.. والصين تحذر من نتائج عكسية    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    مصدر بالصحة: استلام 131 شحنة مساعدات لدعم مصابي غزة في المستشفيات المصرية بتكلفة 2 مليار جنيه    العربية لحقوق الإنسان تطلق حملة لاستعادة مكانة اللغة العربية    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    إطلاق مبادرة مصر معاكم لرعاية الأبناء القصر لشهداء وضحايا الحرب والإرهاب    مدرسة النور للمكفوفين ببني سويف ثاني الجمهورية ببطولة ألعاب القوى    كلية العلوم بجامعة قناة السويس تستقبل طلاب مدرسة السادات الثانوية العسكرية    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    وفد الأهلي في ألمانيا لبحث التعاون مع نادي ريدبول    نائب محافظ سوهاج.. يفتتح المؤتمر الثالث لمركز القلب والجهاز الهضمي    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    الحماية المدنية تواصل جهودها في رفع الركام من أسفل العقار المنهار من أجل الباحث عن ضحايا بالمنيا    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    توروب يشرح خطة الأهلي لعبور سيراميكا في كأس عاصمة مصر    ضبط شخص ظهر في فيديو داخل أحد السرادقات بالمعصرة وبحوزته جهاز لاب توب وسط حشود من المواطنين.    هجوم مدبر.. وفاة لاعب برشلونة الإكوادوري بسيل من الرصاص    «الأمم المتحدة»: تضرر 55 ألف عائلة بسبب الأمطار الغزيرة في جميع أنحاء القطاع    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    مدن سودانية رئيسية بلا كهرباء عقب قصف بطائرات مسيّرة استهدف محطة طاقة    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    "الست" خارج الصورة    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    وزير الاتصالات يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي بمحافظة الجيزة    مصرع موظف بشركة السكر وإصابة 4 آخرين في مشاجرة بنجع حمادي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    تشكيل نابولي المتوقع أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    نفي ادعاءات بوجود مخالفات انتخابية بلجنتين بدائرة زفتى بالغربية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرض مجموعة من أعماله النادرة بمناسبة يوم ميلاده الذى يوافق أيضا يوم رحيله
محمود سعيد .. الأرستقراطى الذى شكل عالمه الأسطورى من قلب البيئة الشعبية
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 03 - 2015

أنشأ الأمير يوسف كمال مدرسة الفنون الجميلة والتي افتتحت رسميا في 12 مايو من عام 1908 وبدأت بمجموعة من الأساتذة الأجانب
وكانت أولى ثمارها مجموعة من المصريين أبدعوا فناً ذا قيمة عالية وشكلوا دعامته بدورهم الأساسي في التعبير عن الوجدان المصري وخلق الشخصية المصرية في الفن الحديث وشمل المصورين أحمد صبري ويوسف كامل ومحمد حسن وراغب عياد مع محمد ناجي ومحمود سعيد اللذين درسا الفن دراسة حرة.
رغم تأثير الثقافة الغربية على الفنان الرائد محمود سعيد واطلاعه الواسع على فنون الشرق والغرب إلا أنه استطاع أن يكون علامة مهمة من علامات الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة حيث انفرد في فنه بأسلوب خاص واضح السمات يميزه بين أقرانه بعد إصراره وتمسكه بالفن الذي سيطر على كيانه فوقع أسيراً له وجعله يتخلى عن وظيفة القضاء التي ظل يمارسها 25 عاماً ووصل فيها إلى منصب المستشار خضوعاً ونزولاً على رغبة والده محمد سعيد باشا- الذي كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت وأسرته الأرستقراطية.
ولد محمود سعيد بالإسكندرية في أبريل عام 1897 وتوفى بها في نفس يوم مولده – 6 ابريل - عام 1964، قاعة سفرخان بالزمالك تقيم بهذه المناسبة معرضا لأعمال هذا الفنان الذى نشأ منتسباً إلى العائلات النبيلة والارستقراطية، وعاش في قصر والده ناظر النظار ورئيس الوزراء.. ومحمود سعيد خال الملكة فريدة ابنة أخته زينب هانم وقد ولدت صافي ناز ذو الفقار (الملكة فريدة) بنفس القصر ولما أتم السابعة من عمره التحق بمدرسة فيكتوريا ثم الجزويت حتى سن الحادية عشرة، ومن شدة عناية والده ورعايته له وفر له مدرسة خاصة بالقصر بين عامي 1910 و 1914 استقطب فيها نخبة من الأساتذة قاموا بالتدريس وفق مناهج المدارس الحكومية ليحصل على شهادة الكفاءة عام 1912 ويلتحق بالمدرسة السعيدية لينتقل بعدها إلى الإسكندرية بعد اعتزال والده رئاسة الوزراء ليلتحق بمدرسة العباسية والتي اشتهر فيها بين أقرانه بميله للرسم وحبه الشديد له حتى أنه رسم استاذ اللغة الإنجليزية على السبورة بخطوط كاريكاتورية في فترة الراحة بين الدروس.
حصل محمود سعيد على البكالوريا عام 1915، في هذه المرحلة كانت بدايات ظهور موهبته وميوله للرسم حاول بعدها أن يتخصص في الفن بالدراسة لكن حالت التقاليد والمناخ الأرستقراطي دون ذلك لتكون المراسم الأجنبية الخاصة المنتشرة في الإسكندرية ملاذه حيث التحق عام 1912 بمرسم الفنانة الإيطالية «كازاتودي مورينو» والتي يعتبرها أول استاذ له في الفن، ثم مرسم الفنان «ارتوروزانيري» عام 1916 وهما من خريجي أكاديمية الفنون بفلورنسا.
يخضع محمود سعيد لرغبة والده ويسافر إلى باريس في سن التاسعة عشرة ويحصل على ليسانس الحقوق عام 1919، ولأن الفن يجري في عروقه انتهز فرصة إقامته في باريس ليتعرف على الفن الحديث من خلال زياراته للمتاحف، وبعد تخرجه سعى إلى الدراسة الحرة للفن فالتحق ولمدة عامين بمرسم الكوخ الكبير الذي أسسه المثال الفرنسي « انطون بورديل» ثم التحق بأكاديمية جوليان بباريس لمدة شهر، وتتلمذ على يد «بول البير لورانس»، وقد كانت جولاته في أوروبا أثناء دراسته وحرصه على مشاهدة أعمال فنانيها في المتاحف هي اللبنة الأولى في تكوين أسلوبه الفني والذي ظهر في أعماله المبكرة، وجاء هذا الاهتمام بالفن دافعاً لغضب والده الذي بادر بتعيينه كمساعد للنيابة بالمحاكم المختلطة بالمنصورة عام 1922 ولم يعارض الابن رغبة والده احتراما وحبا لأسرته وظل في صراع داخلي بين ميوله الفنية ومهنة القضاء إلا أنه أدى مسئوليته تجاه المستوى الاجتماعي للأسرة في كبح جماح طموحاته الفنية داخل نفسه إرضاء لاسرته، فيعطي وظيفته جهدا واهتماما لينتهز الوقت المناسب ويتفرغ للفن ويهجر المهنة بعد أن تدرج فيها ليصل إلى منصب المستشار في الثلاثينات وهو في سن الخمسين لتهدأ نفسه من هذا الصراع الداخل ويتضاعف انتاجه الفني ليصل إلى أكثر من 14 لوحة في العام الواحد.
لقد تشكل محمود سعيد في مناخ ثورة 1919- سنة حصوله على ليسانس الحقوق-تلك الثورة التي ألقت الضوء على طبقات الشعب المصري لتكتشفها الطبقات الأرستقراطية التي كانت ينتمي إليها الفنان وينعم فيها برغد العيش، ورغم ذلك اتجه نحو تلك الطبقات الفقيرة متعاطفاً معهم، يعبر في أعماله الفنية عن بيئتهم وشخصياتهم ليرتفع بهم ويمنحهم دور البطولة مكتشفاً الجماليات الكامنة وراء الشكل، واشتهر محمود سعيد بأعماله التي رسم فيها بنت البلد وبنات بحري اللاتي يمتلئن حيوية وجمالا وأنوثة طاغية ويظهر ما يمتعن به من ملامح وقسمات شرقية وشعبية جذبت انتباهه وإعجابه وتأتي الفتاة «هاجر» لتحتل ملامحها أغلب نساء لوحات محمود سعيد وهي التي نزحت من قلب الأحياء الشعبية، تماما مثل الفتاة السمراء «حميدة» التي جاءت بعدها وأصبحت النموذج المثالي للفنان وملهمته هروباً من برودة الألوان في السكون الأرستقراطي ليلجأ إلى السكون المثير في بنت البلد. تقول حميدة: «كنت جميلة سمراء رشيقة مملوءة صبا وحياة في السادسة عشرة من عمري، أصبحت «موديلاً» لمحمود سعيد فأفنيت صباي على مهنة الموديل- الشخص الذي يرسمه الفنان – حتى استطيع مساعدة أسرتي الفقيرة، كنت أجلس أمامه سبع ساعات يومياً وكان يستغرق في اللوحة الواحدة من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع كان دقيقا في مواعيده، جاهزاً بألوانه وفرشاته- عندما كنت أجلس ليرسمني كنت أحس بالزهو والفخر لأنني كنت أرى نفسي بعد ذلك في لوحة جميلة». وقد رسم محمود سعيد حميدة في العديد من الأعمال في أوضاع وملابس وتكوينات مختلفة تحمل الروح المصرية في عالم أسطوري خاص لا تخطئه العين، وكذلك «نبوية» فقد كان ميله نحو الجو الشرقي في البيئة الشعبية وحياة البسطاء واضحا.
إن محاور إبداع الفنان محمود سعيد تتمثل في لوحات الصورة الشخصية والعاريات والعادات والتقاليد الشعبية والمناظر الطبيعية المتمثلة في البحر والريف، فالصور الشخصية رسمها للأطفال والنساء والرجال، وكان يدرس ويحلل الشخصية، من هذه اللوحات: ذات الهفهاف الأسود (1936) وذات الأساور الذهبية(1946) وذات الوردة (1950) كما رسم افراد أسرته : والده وكذلك زوجته في العديد من اللوحات في أوضاع وتكوينات متنوعة احداها بالقبعة كما رسمها بالشال الأخضر عام 1922 وكذلك رسم ابنته «نادية « ورسم نفسه ايضا في لوحات عديدة، وكان يهتم في الكثير من لوحات الصور الشخصية بالخلفية ذات البعد المنظوري وكانت تتسم بالوجوم والشجن. أما في مجال العاريات فرسم «عارية على الوسائد» و«عروس البحر» (1932) والمستحمات،وكان يستخدم الألوان النحاسية في الجسد والتي يستمدها من درجات البني ومشتقاته، وفي مجال العادات والتقاليد الشعبية والتي استمدها من البيئة الشعبية التي نشأ فيها على سماع صوت المؤذن للصلاة ونداءات الباعة الجائلين، فرسم «صلاة الجمعة» و «المقريء» و «زيارة القبور» و «حلقة الذكر» و «الزار» و «السوق» و «بنات بحري».
أما المناظر الريفية ومناظر البحر والصيد فكانت من شواطيء الإسكندرية ومرسى مطروح والطبيعة في لبنان.
يميز إبداع محمود سعيد بساطة التكوين وكثافة الألوان والظلال التي تؤكد اسطوانية الأشكال والمبالغة في الإضاءة التي تظهر استدارة الأعضاء حينما يرسم بنت البلد وبنات بحري لتبدو وكأنها منحوتات غائرة وبارزة.
ولتكريم الفنان الرائد محمود سعيد أقامت وزارة الثقافة في مصر متحفاً باسمه «مركز محمود سعيد للمتاحف» بالإسكندرية في قصر والده ضم أعماله التي كانت تقتنيها وزارة الثقافة ويضمها متحف الفن الحديث ومجموعة من أسرته، ويعتبر المركز بؤرة إشعاع ثقافي يقيم الأنشطة
والندوات وورش العمل الفنية
التي تخدم الحركة
التشكيلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.