يعد محمود سعيد من أوائل مؤسسي المدرسة المصرية الحديثة في الفنون التشكيلية، وأحد رواد فن الرسم الحديث، استوحى أغلب أعماله من مفردات الحياة الشعبية، وصار واقع الحياة التقليدية المصرية منهجا لفنه ومصدرا لإلهامه، واتسمت لوحاته بمنظومة لونية صافية، أعادت للون اعتباره كعنصر جوهري في بناء العمل الفني. ولد محمود سعيد في مدينة الإسكندرية الساحلية عام 1897 لعائلة ارستقراطية، حيث كان أبوه محمد باشا سعيد أحد رؤساء الوزارة المصرية في العشرينات، كما أن سعيد هو خال الملكة السابقة فريدة الزوجة الأولى للملك فاروق، ولذلك يقال إنها ورثت عنه هواية الفن وموهبة الرسم. وقد تلقى تعليما راقيا، حيث حصل عام 1919 على ليسانس الحقوق من أكاديمية باريس وامتهن القضاء ووصل إلى مراتب عليا فيه. إلا أنه مع ذلك انصب تركيزه على الرسم وتعلم فنونه، وهو ما جعله ينمي هذه الهواية بالدراسة في إحدى الورش التدريبية في مراسم الإسكندرية، كما تعلم في أكاديمية «جوليان» في باريس، وزار إيطاليا وشاهد أعمال عمالقة الرسم في متاحف «بيتي» و«أوفيس» في فلورنسا. ودفعه اندماجه في دراسة الفن وممارسة هواية الرسم بشكل مهني إلى أن يتخذ القرار الحاسم في حياته الفنية، ويعتزل القضاء ويتفرغ للفن عام 1947 بعد أن أصبح مستشارا. برزت المرأة كتيمة مفضلة في رسوماته، سواء كانت زوجة أو أما أو فتاة أو امرأة. ومن أبرز هذه اللوحات (المدينة، بنات بحري، بائع العرقسوس، بنت البلد، الشحاذ، ذات الرداء الأزرق، ذات الجدائل الذهبية، الخريف). منحته فرنسا وسام «اللجيون دونير» عام 1951، وفي عام 1960 كان أول فنان تشكيلي يحصل على جائزة الدولة التقديرية للفنون وتسلمها من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. أقيم معرض لأعماله في نيويورك عام 1937 وعرضت رسومه في بينالي فينيسيا عامي 1938 و1948 ثم عامي 1950 و1952. وفي عام 1951 أقامت جمعية محبي الفنون الجميلة أول معرض شامل لأعماله بسراي الجزيرة ضم 145 لوحة. توفي الفنان محمود سعيد في 8 أبريل (نيسان) 1964، وترك كنزا من اللوحات الفنية الراقية، وفي 17 أبريل 2000 افتتح متحف خاص له في الإسكندرية
