«غائمة» أحدث أعمال الكاتبة فاطمة ماضى، رواية كتبتها باسلوب سهل ينساب كانسياب ماء الأنهار، سهولة ويسر ونقاء. خلال أحداث الرواية التى تقع فى حوالى 250 صفحة من القطع المتوسط، تدور الرواية حول «أميرة» البطلة الوحيدة فى الرواية، وكما تدور الكواكب حول الشمس، يدور حولها جميع شخصياتها: أبوها، أمها، شقيقها، صديقاتها، زميلاتها، خطيبها، حبيبها، وزوجها.. كلوحة مرسومة بالقلم الرصاص، كما كان يهوى حبيب أميرة. قدمت المؤلفة رواية يمتزج فيها اللونان الرمادى والأسود؛ فالبطلة ضحية منذ مراهقتها، حيث يسمح لشقيقها بأن يفعل ما يشاء لأنه ولد، بينما يحرم عليها كل شىء، ولا تقف معها أمها التى تحمل نفس جنسها! وعندما تتعرض للتحرش مرتين: مرة على كورنيش النيل، ومرة فى الأتوبيس، يقف الجميع ضدها، رغم أنها الضحية، ولكن المجتمع- الذكورى بطبعه- يضع اللوم عليها، ولا ينصفها أحد قط، وهو- فى رأينا- نوع من التجنى على المجتمع، الذى كان يمكن أن ينقسم بين متهم لها ومدافع عنها، ولكن غلبة اللون الرمادى أو الأسود لدى المؤلفة جعلها دائما ضحية ومتهمة معا. .. ويتجلى ذلك أيضا فى علاقتها بخطيبها، الذى يضع على وجهه قناع التدين، بينما يحاول أن ينال منها ما ليس من حقه، وكذلك الحبيب المتحرر، وكأنهما وجهان لعملة واحدة، يريدان كلاهما الشىء نفسه، وإن اختلفت الوجوه- أو الأقنعة- التى يرتديناها! حتى عندما تولت البطلة مسئولية نشر رسائل القارئات ومحاولة حلها، نجد كل النماذج تلوم الرجل، وتتهمه بأنه لا ينظر الا لجسد المرأة ولا يفكر فى روحها أو عقلها، اللهم إلا مرة واحدة قدمت فيها نموذجا لامرأة حولت حياة زوجها الى جحيم، ويبدو أن المؤلفة حاولت أن تصنع شيئا من التوازن بعد أن وجدت أن كل النماذج التى قدمتها للذكور مشوهة. وتأتى نهاية الرواية مفتوحة أو «غائمة»؛ بين أمل فى أن ينجو الحبيب من رصاصة أصابه بها طليقها، أو يموت بها. «غائمة» لم يكن اسم الرواية فقط.. ولا نهايتها.. ولكنه أيضا انعكاس لمشاعر وأفكار البطلة المضطربة، والتى لم تستقر على قرار، وإن كانت دائما غائمة تتأرجح بين اللونين الرمادى والأسود.. ونحن فى انتظار أعمال أخرى لفاطمة ماضى، تقدم فيها ألوانا أخرى مبهجة غير الأسود والرمادى!