موسيقي غجرية صاخبة، فتيات في أبهي صورهن يرتدين ملابس تشبه ملابس العرس ، ويضعن كميات كبيرة من مساحيق التجميل .. هذه ليست حفلة صاخبة ولكنه مهرجان للتزاوج في بلغاريا. فعلى ما يبدو أن الحالة الاقتصادية ألقت بظلالها الثقيلة على الحياة الاجتماعية هناك مما دفع الأسر الفقيرة لإقامة الأسواق لعرض بناتهم فيها كي يتزوجن بعد أن تدفع فيهن المهور المناسبة التي تستفيد منها باقي الأسرة لتجاوز التباطؤ الاقتصادي في بلغاريا. ويعد اليوم الذي يتم فيه إقامة المهرجان أشبه بتصوير فيلم سينمائي تتباري فيه الفتيات لكي يخطفن أعين الشباب ليصلوا إلى مرادهم المنشود ألا وهو الزواج علاوة على الفوز بالمهر الأكبر. وعلى الجانب الأخر ينتشر الشباب في كافة أرجاء المكان محاولين الظهور كالفرسان, واقفين على سياراتهم أملا في العثور على زوجة جميلة وبتكلفة مناسبة . ويتراوح مهر الفتاة ما بين 3000 و6000 دولار ويلعب السن والجمال دورا كبيرا في تحديد السعر , , غير أنه يجب الإشارة إلى أن قيمة المهر انخفضت في السنوات الأخيرة، لا سيما بسبب البطالة المتفشية في بلغاريا،إضافة إلى أن احتفالات الزفاف أصبحت أقل تكلفة وقد ذكرت صحيفة "دايلي ميل " البريطانية أن هذا الحدث يقام أربع مرات في العام وبخاصة في فصلي الربيع والصيف ويتجاوز الحضور عدة ألاف في بلدة تدعى "ستارا زاكورا "، والطريف في الأمر أيضا أن العرائس الجدد، اللاتي تزوجن في المهرجان السابق يقمن احتفالا خاصا بهم في نفس اليوم يتناولن فيه أطعمة خاصة بهن مرتديات أغطية رأس ملونة. وعلي الرغم من تقاليد الأسر الصارمة تجاه بناتهم بحرمانهن من التعليم خوفا عليهن من الاختلاط بالشباب إلا أنهم في هذه المهرجانات يتركوهن يرقصن ويلهون جنبا إلى جنب مع الفتيان للفوز بالعريس المناسب . هذه المهرجانات هي نتاج طبيعي للحالة الاقتصادية المتردية التي تعيشها بلغاريا,فارتفاع نسبة البطالة والفقر المدقع جعل الاقتصاد يحتل المرتبة الأخيرة في الاتحاد الأوروبي. كما تناوبت على بلغاريا أزمات اقتصادية عديدة منذ أن سقط النظام الشيوعي عام 1989 والتي بلغت أوجها عام 1996نتيجة للتضخم الجامح الذي ضرب البلاد ، مما أدى إلى انهيار12 بنكا. الأزمات الاقتصادية أيضا ألقت بظلالها على الوضع السياسي فى البلاد, فعجزت هذه الدولة الفقيرة عن تأسيس نظام سياسي مستقر حيث انه في العامين الماضيين أسقطت خمس حكومات مما أدي إلى الدعوة لانتخابات مبكرة بعد انهيار الحزب الاشتراكي أواخر العام الماضي والذي أسفر عن فوز حزب " مواطنون من آجل تنمية أوروبية لبلغاريا والذي أعاد بويكو بوريسوف إلى السلطة بعد أن تمت الإطاحة به عام 2013 اثر مظاهرات ضد الفقر والفساد ، وبالرغم من وعوده بأن يقوم بالعمل على إصلاحات اقتصادية إلا أن صعوده إلى الحكم مرة أخرى أصاب مواطني بلغاريا بالإحباط خاصة أن العديد من المنظمات الدولية أدانت الانتخابات الأخيرة بتهم تتعلق بشراء الأصوات بواسطة أحزاب ورجال أعمال وهو أمر متفشي في الأوساط الفقيرة .