لا أجد أي معنى للاحتفال بعيد الأم، ما دمنا قد ظلمنا ونصر على ظلم الأم الأولى «حواء» أم البشرية كلها، بتهمة ما أنزل الله بها من سلطان وافترينا بها على الله كذبا، بل إن بعضنا بلغ به الشقاء أنه ظن أن الاعتقاد بغوايتها من صميم الدين وأن التعبد بإدانتها من كمال الإيمان، فنحن نردد كالببغاوات أن « أمنا حواء أخرجت أبانا آدم من الجنة». فالبعض يظن أن غواية حواء لآدم هي سبب شقاء البشرية وأن حواء هي أم الشرور وليست فقط أم البشر! فكيف لنا مع هذا الهراء والافتراء، أن نحتفل ب«عيد الأم» ومازالت تهمة الغواية لصيقة بأول أم على وجه الأرض؟ّ! أليس معنى التصديق بأن حواء هي التي أخرجت آدم من الجنة، هو أننا جميعا نقر بأنها أجرمت في حق الإنسانية جمعاء إلى يوم القيامة؟! هذا مع أن القرآن الكريم قد نسب الغواية لآدم، حينما قال «وعصى آدم ربه فغوى» ولم يكن هناك دور لحواء سوى أنها شاركت آدم هذه الغواية أو أطاعته فيها!.
فلم يرد في القرآن الكريم ولا في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي «صلى الله عليه وسلم» ما يفيد أو حتى يشير، إلى أن أمنا حواء هي المسئولة عن خروج أبينا آدم من الجنة، أما قصة التفاحة والأفعى، فلا تزيد على انها من المأثورات الشعبية ولا أصل لها في الدين.. وأتحدى من ياتينى بدليل واحد من الكتاب أو السنة، يؤيد تلك القصة الساذجة التى التصقت بأمنا «حواء» ظلما وافتراءً!
فبأي وجه نتطلع في وجوه أمهاتنا ونحن نصدق أنهن سليلات أم الغواية الكبرى، فنحن نهين أمنا الكبرى وكل أم في الدنيا بترديد هذه القصة الخرافية، مرة بسخرية ومرة بتدين كاذب ومرات بادعاء الحكمة!.
فالرجل قد استطاع أن يتبرأ من خطيئته الأولى التى لوث بها الجنة، بأنه ألصق ولفق التهمة بحواء وظل هو يغتسل في البحيرات المقدسة ويسجد في المحاريب ويسكب الدموع أنهارا على خطيئته التى لا ذنب له فيها.
وليت الأمر اقتصر على التاريخ المزيف الملتصق بالأديان والمنسوب لها كذبا وادعاءً ولكن تجازوزها بان صدقها فلاسفة ومفكرون وشعراء، منهم كبار وعلامات على المستويين العالمي والمحلي، فقامت فلسفات وأقيمت مسرحيات وتغنوا بقصائد مطولة وحكوا قصصا وملاحم عن غواية المرأة وتحميلها وحدها الذنب واقتصر دورهم على تمثيل دور الضحية والبكاء ثمنا لخطيئة الأم التى هم ثمرتها!
فما معنى الاحتفال بعيد الأم دون تصحيح ما زبف به وعي الملايين على مر القرون؟!.. فنحن جميعا منافقون كاذبون مجرمون، لو لم نعتذر عن تلك الجريمة التى ارتكبناها في حق أمنا الأولى «فمعذرة يا أمي حواء ولأكون أنا الموقع أدناه، أول المعتذرين لك ولكل أم غافلنا فيها ضميرنا الديني والإنساني وصدقنا ما لم تجتنيه» فاقبلي عذري بقبلة على رأس ويد وقدم أمي نيابة عن كل شقي غوى وكل سنة وأنت طيبة يا ابنة حواء التى أعتز بها وأكيد الشيطان الذي أغوى أبي آدم.. فإن كنت خرجت معه من الجنة فهاهي قد عادت لك تحت قدميك.