"ماكس مش أول ضحية.. بس انتوا سكتوا كتير".. "الجنازة باردة والميت الرحمة".. "نطالب بإصدار تشريع فوري وعقوبات رادعة".. "عاش كلب ومات راجل!!".. "كلب شارع الأهرام.. مش هنرتاح إلا لما نجيب حقك!!".. مجموعة لافتات أثارت انتباهي وغيرها بالإنجليزية، في الوقفة التي نظمها بعض المواطنين المحتجين على ذبح "ماكس" كلب شبرا.. التي لم أشارك فيها ولكني متضامن معها، وأعرف أنه لا تزال هناك مساحة كبيرة للرحمة والشفقة والإنسانية في قلوب البشر، وأن الضمير الإنساني لم يمت، بعكس أصحاب قلوب مريضة لا يعنيهم إلا أن يشبعوا ما بداخلهم بمناظر الدماء، ويرضوا نفوسهم المريضة؛ بالتلذذ بتعذيب كائن! معترف بأن الساكت عن ذبح الحيوان بهذه الوحشية اليوم، سيسكت عن ذبح وتعذيب البني آدم غداً.. وأن هؤلاء القتلة لا يقلون بشاعة وعنفاً عن الإرهابيين الخوارج والدواعش الذين يستبيحون القتل والحرق والتدمير والتخريب. لكن القلوب الرحيمة التي تتأثر بموت الحيوانات وحدها، يهتز ويتألم قلبها أيضاً فيما يتعلق بكل الجوانب الإنسانية.. فأين حظوظ الفقراء من الوقفات الاحتجاجية المتضامنة معهم الذين لا يجدون قوت يومهم؟ والذين تملأ صورهم مواقع الإنترنت وهم يبحثون عن أي طعام يسد رمق جوعهم من صناديق القمامة، والمرضى الذين يحتاجون الأدوية، وأطفال الشوارع الذين لا يجدون أغطية تقيهم لسعات البرد القارس.. وحقوق العاطلين الذين لا يجدون وظيفة تجنبهم ذلّ السؤال والحاجة.. والأبرياء الذين يموتون يومياً بلا أي ذنب؛ بسبب شرذمة الظلاميين الذين يزرعون القنابل.. وشهداء الغدر والخيانة... شهداء الإرهاب الأسود! لن أنسى عندما استوقفني رجل كبير في السن، ساخراً من تلك الوقفة، أضحكني ساعتها وأبكاني في الوقت نفسه: "انت عارف فراق ماكس أثر فينا.. ولذلك أقترح عليكم أن تنشروا في الجريدة الآتي: صرف تعويض لأبيه وأمه أو السفر للخارج.. عمل رابطة باسم "كلنا ماكس".. تغيير اسم الشارع أو الميدان باسم "ماكس".. وتعليق صورته في كل شارع أو حارة؛ تخليداً لذكراه!!". يا سادة يا من تنادون بحقوق الحيوان.. رفقاً بالبشر أيضاً! فإنهم يحتاجون منكم وقفات تضامنية وجدانية.. إن لافتات ك"تشريع فوري وعقوبات رادعة" "ومش هنرتاح إلا لما نجيب حقك" هي أولى بالبني آدم؛ للمطحونين والفقراء والمظلومين.. لأي إنسان يتألم ويبكي ويعاني، يحتاج منا أن ننظر له بعين الشفقة والرحمة. لمزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة