عجزت عن حل مشكلتي، فقررت أن أكتبها إليك عسى أن أجد طريقا يوصلنى الى بر الأمان، فأنا شاب فى السابعة والثلاثين من عمرى أعمل فى القطاع الخاص منذ سبع سنوات، وتقدمت عقب دراستى بمعهد الخطوط العربية وأدائى الخدمة العسكرية الى العديد من الوظائف الحكومية فلم أجد وظيفة، ولذلك لجأت الى القطاع الخاص، واعتمدت على نفسى فى تكوين مستقبلي، وكان والدى رحمه الله تاجرا كبيرا، ولكن وقعت خلافات بيننا، إذ حاولت العمل معه مرارا وتكرارا لكنه رفض، باعتبار أن أخى الأكبر يعمل معه منذ صغره، وكانت حجته أن تجارته لا تتحمل فردا ثالثا، وقال لى بالحرف الواحد «التجارة ماتشلش، اللى جاى على قد اللى رايح»، علما بأننى منذ كنت طالبا كان الرزق وفيرا والحمد لله، ولكن أخى هو السبب فى إبعادى عن ثروة والدي، وقد أقنعه هو ووالدتي، بأنه كتب على نفسه شيكات وكمبيالات بالأجل للتجار الذين يتعامل معهم، لكى يسلموه البضائع التى يتاجر فيها هو وأبي، وهى أدوات منزلية، وقال إنه فوجئ ذات يوم بسرقة مخزن البضائع، وأن السرقة تمت على مراحل عديدة، وصدقه والدي، وعلى جانب آخر فإن زوجته تقول إنه يتعب ويشقي، واتفق معها أبى فى ذلك وسمعناها ذات يوم وهى تقول لأخى «هو هايبقى زيك زى اخواتك» فحللت له الحرام، على حسابنا». ومرت سنوات ومرضت أمي، ووقفت الى جوارها، فى الوقت الذى غاب فيه أخى وزوجته عنها تماما، ثم راعيت أبى فى سنه الكبيرة، ولم أتركه لحظة واحدة برغم تقصيره فى حقى الى أن رحل عن الحياة، وبعد رحيلهما ظهر العز على أخى وأبنائه، إذ يشترى كل عام سيارة أحدث موديل ويصرف ببذخ على أسرته، وقد جلست معه عدة مرات من أجل تقسيم الميراث، ففوجئت به يقول «والدك لم يترك شيئا، وما أنا فيه، نتيجة مجهودى وتعبى وشقاي»، فاستعنت بالمعارف والأقارب والأصدقاء، ولكن أخى ظل على موقفه، فلجأت الى القضاء، وأقمت عدة دعاوى قضائية لإثبات حقى الشرعى فى الميراث، فمن حقى أن أتزوج وأنجب مثله، فلقد اعجبتنى فتاة، وتمنيت أن أخطبها، ولكن ليس معى امكانات الزواج، فلجأت إليه لكى يعطينى حقي، فجدد رفضه، وفشلت الخطبة، فماذا أفعل؟ وكيف أحصل على حقي؟
ولكاتب هذه الرسالة أقول: أرجو أن يعلم أخوك أنه يرتكب إثما عظيما بحرمانك من الميراث الشرعى والطبيعي، فإذا كان من حق أبيك أن يميزه عنك بإعطائه مالا أو عقارا فى حياته، فإن ما تركه باسمه لك حق أصيل فيه، وتستطيع عن طريق اعلام الوراثة إثبات التركة، وطريقة تقسيمها، وبعد وفاة والدتكما أصبح من حقك أن تحصل على نصف التركة بالشرع والقانون، فليته يتحرك من تلقاء نفسه، ويصحو ضميره، فيعطيك نصيبك العادل من الميراث، ولا يأكل مالك بالباطل، إذ يقول تعالى «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل»، وهو اذا استمر على النحو الذى يسير فيه، فسوف يخسر الكثير فى الدنيا والآخرة، ولن يمر وقت طويل حتى يلقى جزاء ما صنع، هكذا يعض الظالم على يديه، ويتمنى لو عادت به الحياة من جديد، فيعيد الحقوق الى أصحابها. والله يا سيدى إن البريد يحمل إليّ مئات الرسائل عن أمثال أخيك الذين أكلوا أموال أشقائهم ظلما، وقد كان انتقام الله منهم كبيرا، فحاصرتهم الأمراض، ولا يهنأ لهم بال، ويعيشون شقاء لا يعرفون له سببا، وكم من أمهات اتصلن بى والدموع بادية من أصواتهن حسرة على ما آلت إليه أحوال أولادهن الذين سيطروا على ميراث آبائهم، ولم يعطوا إخوتهم حقوقهم، وكم من بنات يعشن على حد الكفاف فى الوقت الذى ينعم فيه شقيقهم الوحيد بكل شيء، وإننى أحذر كل الظالمين من عذاب الله وانتقامه، وليتهم يتعلمون الدرس بأن الدنيا كلها لا تساوى شيئا، ولا شيء يعادل الطمأنينة وراحة البال، فيؤدون الحقوق الى أصحابها، ويطلبون من الله العفو والمغفرة.