أصبح التمييز بين فروع أصلية، وأخرى تقليد، ضرورياً لفهم الحالة الإرهابية التى تحمل فى المرحلة الراهنة اسم الدولة الإسلامية أو داعش. فليس كل من يحمل هذا الاسم يُعتبر امتداداً للتنظيم الذى يوجد مركزه فى غرب العراق وشمال شرق سوريا،. وينطبق ذلك على المجموعات التى ترفع راية داعش فى ليبيا، كما على منظمات عدة فى بلاد أخرى من العالم. ويرتبط هذا التمييز بالمسافة التى تحرص قيادة داعش على وجودها بين مبايعة زعيمه والاندماج فى منظومته أو ما يُطلق عليه الدولة الإسلامية. فالبيعة مرحب بها من أى شخص أو جماعة فى أى مكان. ولكن الاندماج فى المنظومة مشروط بسيطرة المجموعة المبايعة على منطقة وامتلاكها القدرة على الاحتفاظ بهذه المنطقة لفترة طويلة. ويرتبط هذان الشرطان بالصورة التى ترسمها قيادة داعش لدولتها، وهى أنها باقية وتتمدد. فيتطلب ترسيخ هذه الصورة عدم إلحاق أية مجموعة بمنظومته إذا لم تكن سيطرتها على منطقة تعمل فيها قوية، حتى لا يكون تحرير هذه المنطقة هزيمة الدولة الإسلامية. ولا ينطبق هذان الشرطان على المجموعات التى تحمل اسم داعش فى ليبيا، سواء الأقدم التى تنتمى إلى مجلس شورى شباب الإسلام فى درنة، أو الأحدث التى يُرجح أنها جزء من أعضاء تنظيم القاعدة فى بلاد الغرب الإسلامى، الذين انشقوا عليه وبايعوا الخليفة وأطلقوا على أنفسهم جند الخلافة. ورغم الغموض الذى مازال محيطاً بالمجموعة التى سيطرت على مدينة سرت، وارتكبت جريمة قتل العاملين المصريين البشعة، يبدو أن قادتها دخلوا هذه المدينة فى وقت قريب ونجحوا فى تجنيد أعداد من شبابها. وليس مستبعداً أن يكون جزء كبير من هؤلاء الشباب من قبيلة القذافى القذاذفة التى تُعد سرت معقلاً لها. وتفسير ذلك أن هذه القبيلة منبوذة من الطرفين المتحاربين فى ليبيا. ويعنى ذلك أن حاملى اسم داعش وجدوا بيئة مجتمعية حاضنة فى سرت، وصاروا طرفاً ثالثاً فى الصراع على ليبيا، واتخذوا موقفاً معادياً للطرفين الآخرين دون تمييز بينهما. وهذا هو بعض ما ينبغى أن نعرفه عن نسخة داعش المقلدة فى ليبيا. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد