الإسلام دين للناس كافة، بدأ القرآن الكريم متحدثًا عن عالمية الإسلام، حيث قال ربنا سبحانه في أول سور القرآن: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، فذكر كلمة العالمين موضحًا أن هذا الدين للعالمين، وانتهى القرآن الكريم متحدثًا عن عالمية هذا الدين أيضًا بقوله تعالى في آخر سورة: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[الناس: 6]، موضحًا أن هذا الدين للناس كافة. ومن هنا أثنى القرآن على جميع الأنبياء ورفع مقامهم، بل سمّى سورًا بأكملها بأسمائهم، فهناك سورة مريم، وسورة إبراهيم، وسورة هود، وسورة يونس، وسورة يوسف، وسورة محمد... إلخ عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام، والإيمان بالرسل جميعا هو أصل من أصول الإيمان الستة عند المسلمين. وبنظرة سريعة نجد أن صورة الأنبياء في القرآن صورة كريمة موقرة، قال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ* وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الأنعام: 83-87]، وكذلك قول رسولنا الكريم: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم"، وقوله عن يونس عليه السلام: "لا تفضلوني على يونس بن متى"... إلخ. لقد اهتم علماء العقيدة بتكريم الأنبياء والحديث، وقد جعلوا قسمًا بأكمله تحت عنوان "النبوات"، حيث قسموا علم أصول الدين إلى إلهيات ونبوات وسمعيات، وخصصوا فصلاً بأكمله عن عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ودراسة معجزاتهم، ولنقارن هذا بما فعله الغرب من إساءة لرسولنا الكريم واتهامه بأنه لم يأت إلا بما هو شر، وأنه نشر دينه بالسيف، وكذلك الكوميديا الإلهية التي كتبها دانتي، وما حدث في نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم التي نشرتها الصحيفة الفرنسية شارل إيبدو وكذلك الفيلم المسيء للرسول أيضًا. وهذه شهادة باحثة غربية على عنصرية الغرب، تقول المهتدية للإسلام الدكتورة كريستيانا باولس أستاذة الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر: "أريد أن أوضح فائدة الهجوم على الرسول صلى الله عليه وسلم في الغرب، وما هي الأسباب التي تجعلهم يصفون الرسول الكريم بصفات ظالمة ويتحدون المسلمين بطريقة شديدة، فمن وجهة نظري -وأنا أصلا غربية- أن الإسلام بطبيعته هادئ، وبعيد عن العنف، فهو ينافس المسيحية والعلمانية والليبرالية في الوصول إلى الحقيقة، ومن الممكن أن نقول إن كل الأديان الدعوية تنافس بعضها البعض ويؤثر هذا الموضوع في التعامل مع الآخرين، ونجد شعور التهديد بالمنافسة عند المسيحيين خلال التاريخ الأوروبي بالكامل، فهذا أحد علماء برلين المتخصص في علوم الأديان "كارستن كولبا" حلل 10 أسباب تسبب خوف الغربيين من الإسلام منذ العصور الوسطى حتى الآن، ووصف الفتوحات التي تمت على أيدي العرب والعثمانيين بأنها مثلت تهديدًا للغرب، وهنا لا بد أن نلاحظ أن الحكام والنبلاء ورجال الدين استغلوا هذا التهديد لمصلحتهم ولعبوا بشعور الناس فظهر لنا الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا كأيديولوجية للناس البسيطة، كما نشر الغربيون على غير الحقيقة أن الإسلام انتشر بالسيف، حيث عاش كثير من المسيحيين واليهود في بلاد المسلمين، بل على العكس بعد هزيمة المسلمين في جنوب أوروبا كإسبانيا وفرنسا بدأ المنتصرون الغربيون في إرغام المسلمين على ترك الإسلام والعودة إلى المسيحية". لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر