ليس من المنطق الادعاء بأن مصر تصوب بوصلتها نحو الشرق وتترك علاقاتها بالغرب والولايات المتحدة تماما، باستقبال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمس فالعلاقات الإستراتيجية لأى دولة محورية تتمتع بثقل إقليمى لا تقتصر على اتجاه معين، وإنما تتشعب رؤاها وأهدافها ، وهذا طبيعة موقع فرضته ظروف الجغرافيا والتاريخ على دولة مثل مصر. ومما لا شك فيه أن نمو العلاقات المصرية الروسية لن يكون على حساب تلك العلاقات بين القاهرة وواشنطن، فهى أيضا متجذرة وليست عرضة للمساس حتى وإن تعرضت لهزات بين الحين والآخر، بسبب تصرفات تبتعد عن الدبلوماسية، مثل التمادى فى الترحيب بجماعة إرهابية وصفتها مصر والدول الخليجية بأنها «إرهابية» فى حين لا تزال بعض عواصم العالم تستقبل مسئوليها فى مقار وزارات الخارجية بها. وتعد العلاقات المصرية الروسية نموذجا للعلاقات التاريخية بين الدول، رغم برودة الأجواء خلال الفترة التى سبقت حرب اكتوبر مباشرة، فالدول المؤثرة إقليميا ودوليا لا تتعامل بالقطعة، وإذا تحدثنا عن التاريخ، فالإمبراطورة كاترينا الثانية أصدرت عام 1784 مرسوما يقضى بتعيين أول قنصل فى الإسكندرية، وبعدها بأقل من 90 عاما وتحديدا فى 1862 افتتحت أول قنصلية بالقاهرة. تلك العلاقات تجذرت مع تشكيل الجمعية الروسية للملاحة والتجارة عام 1856 ودخول القناة قيد الخدمة الملاحية.. وتنامت العلاقات فى مجالات متعددة ثم شهدت تطورات متلاحقة بعد 1952 عندما قدم السوفيت مساعداتهم لتحديث الجيش المصرى وتشييد السد العالى ومنشآت صناعية ضخمة . وبعيدا عن التاريخ، فالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين غالبا ما تتلاقي، فالاتحاد السوفيتى السابق كان من أكبر القوى الداعمة للقضايا العربية، ولم يتخلف الاتحاد الروسى عن الركب حيث واصل مساندته للعرب فى جميع المحافل الدولية. إن مصر وهى تنوع علاقاتها الإستراتيجية لا يغيب عنها هدفها الأكبر وهو تحقيق نقلة اقتصادية شاملة مع القوى الاقتصادية الكبري، وبالتالي، ستفضى زيارة الرئيس الروسى للقاهرة الى نتائج اقتصادية مهمة فى وقت تشهد فيه مصر مرحلة جديدة من النمو فى بداية مرحلة سياسية بالغة الأهمية. لمزيد من مقالات رأى الاهرام