سبق وأن تناولت مشكلة الإعلام والحاجة الماسة لتطهيره على إثر بيان كان قد أطلقه مجلس نقابة الصحفيين السابق بعد التصريحات الشهيرة لنائب رئيس مجلس الوزراء السابق أيضاً الدكتور على السلمى حول اعتزامه تطهير الإعلام وهى مسألة هامة وضرورية بلاشك لكن المثير فى الأمر أن التغيير لم يطل سوى جريدة الأهرام اليومية دون باقى الإصدارات التى لازال يرأسها رؤساء تحرير ينتمون إلى النظام السابق... ثم حدث تغيير أخير بأن جاء على رأس جريدة الأهرام صحفى مخضرم من جيل الوسط هو الزميل محمد عبد الهادى علام، فيما اعتبرناه نحن شباب الصحفيين - وأزعم هنا أن هذا لم يكن شعورى منفردا- أمراً مثيراً للإرتياح، خصوصاً وأننا تابعنا خطوات الزميل الهادئة التى تنبئ بالخروج بجريدة الأهرام إلى ماتستحق من ريادة ليس فقط على المستوى المحلى ولكن ربما أيضاً على المستويين الإقليمى والدولى.. من الضرورى هنا أن أشير لبعض النقاط الهامة التى تتعلق بهذه المسألة والتى كان لابد من الاشارة اليها وتحتاج الى التوضيح.. بعد "التلميح الصريح"، لرئيس مجلس الشورى حول منصب رئاسة التحرير فى الأهرام والتغييرات التى من المنتظر حدوثها فى الجرائد القومية ومنها بالطبع جريدة الأهرام لأوضح بعضاً من الأمور التى قد تؤدى للبس فيما يتعلق ليس فقط بحاجة تلك المؤسسات للتغيير ولكن لضرورة ذلك أيضاً.. صحيح أن بحث مسألة نمط الملكية للصحف القومية بات أمراً لامناص منه خصوصاً وأن هذه المؤسسات أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل الدولة ليس فقط لتضخم حجمها ولكن أيضاً بسبب سوء إدارتها وهو الأمر الذى بات من الصعب إصلاحه إلا بمعجزة إدارية وليس بمجرد تغييرات شكلية تحافظ على كيانات تلك المؤسسات لتدار كما كانت تدار فى السابق دونما تغيير حقيقى سواء فى السياسات التحريرة أو الإدارية اللهم إلا من بعض التحولات فى السياسات التحريرية لتلائم متطلبات الثورة حتى لا يلفظها القراء الذين باتوا ناقمين على كل مايتعلق بالنظام المخلوع.. وصحيح أيضاً أنه لابد من إحداث تغييرات جذرية فى تلك المؤسسات ليس فقط بتغيير القيادات التحريرية ولكن الأهم والأخطر هى القيادات الإدارية فهى بالطبع المسؤولة عن الخلل الإدارى لمنظومات تلك المؤسسات وهى الجهة المنوط بها تفسير أسباب هذا الخلل وبالتالى وجب على المالك لهذه المؤسسات وهو مجلس الشورى ليس فقط تغييرهم ولكن أيضاً محاسبتهم على ماقدموه لتلك المؤسسات سواء كان ذلك يستوجب الثواب أم يستوجب الحساب، ذلك مع الأخذ فى الإعتبار أن رئيس مجلس إدارة الأهرام يُستثنى من ذلك ليس فقط لأنه حديث العهد بتحمل المسؤولية ولكن أيضاً لخبرته الكبيرة والتعويل عليه فى مسألة إعادة هيكلة الصحف والمؤسسات القومية وبالتالى فمن الطبيعى ومن الأولى أن نتمسك ببقائه على رأس مؤسستنا التى ينتمى إليها فى الأصل.. ليس هذا المقال من قبيل الدفاع عن استقرار مؤسسة الأهرام وإن كان ذلك بالطبع أمر مشروع ومن حقى أن أسعى إليه وأنا أشرف بالإنتماء لهذه المؤسسة العريقة لكن المقصود بالفعل من هذا المقال توضيح المسألة التى لايستوضحها أحد عن من المسؤول عن تردى أوضاع تلك المؤسسات ودور الهياكل الإدارية فى ذلك وضرورة تحديث تلك المنظومات بما يتفق مع أساليب الإدارة الحديثة والرشيدة.. نعم تحتاج المؤسسات الإعلامية إلى كثير من الإصلاح والتغيير لكن يجب أن يكون هذا التغيير بناء على معايير تضمن إعادة هيكلة المنظومة الإدارية واستبدال القيادات القديمة بأخرى أكثر حداثة يمكنها القيام بما يحتاجه الإعلام الحكومى من تحديث لمنظومته وإعادة بناء ترتكز على خطة تنمية مستدامة تضمن الحفاظ على مقدرات تلك المؤسسات بما يضمن إنتقالها للأجيال القادمة وهى تتمتع بالقوة والكفاءة ولتظل منظومة الإعلام المصرية قادرة على المنافسة والبقاء أمام منظومات الإعلام المنافسة فى المنطقة.. وأخيراً، من حق مجلس الشورى الجديد المالك للمؤسسات القومية إجراء التغييرات فيما يملك ولكن فقط نرجو أن يكون هذا التغيير بحذر حتى لا نفقد مؤسسات من اعرق المؤسسات ليس فقط على مستوى مصر والشرق الأوسط ولكن ربما على مستوى العالم... [email protected] المزيد من مقالات أحمد محمود