مرة أخرى أتناول هنا موضوع الحرب الإلكترونية التى صارت التجلى الأكثر وضوحا فى الصراعات الكونية مستقبلا. ربما كان اتهام أمريكا لكوريا الشمالية بالمسئولية عن الهجوم الإلكترونى ضد شركة «سونى» هو آخر لقطة فى هذا السيناريو، بعد أن تسبب فيلم «الزيارة» الذى أنتجته «سونى» للسخرية من كيم جونج أون الرئيس الكورى الشمالي، فى غضب عظيم اجتاح بيونج يانج. وسبب دخولى إلى ملف الحرب الإلكترونية مرة أخرى هو زيارة دافيد كاميرون رئيس الوزراء البريطانى إلى الولاياتالمتحدة ولقاؤه الرئيس باراك أوباما، فى محادثات كان واحدا من أهم ملفاتها، ما يعرف بالإرهاب الإلكترونى، أى استخدام فصائل المتطرفين فى العالم للروابط والمواقع الإلكترونية للتخطيط والتنسيق لاعتداءاتهم ونشر دعاياتهم وأيديولوجياتهم، وكذلك قضية هجوم كوريا على شركة سوني، أما السبب الثانى لإثارتى موضوع الإرهاب الإلكتروني، فهو ما أعلنته تيريز ماى وزيرة الداخلية البريطانية من مناشدة لأعضاء مجلس العموم، من أجل تمرير مسودة ما يعرف بقانون «بيانات الاتصالات»، الذى يتيح لأجهزة المخابرات مراقبة الاتصالات الإلكترونية والمواقع الخاصة للإرهابيين، ويسمح بقطع الاتصالات بينهم إن واجهت الدولة خطرا، كما يتيح تعطيل المواقع المشكوك فيها فى أى وقت. وطبعا مثل تلك القصص تثير موضوع «حرية التعبير وخصوصية الأفراد»، وهو ما يتواصل مع الضجة التى ثارت بسبب ما سربه إدوارد سنودن الموظف بوكالة الأمن القومى الأمريكى بعد هروبه وكشف عن أن الأجهزة الأمريكية تخترق خصوصيات الأفراد. واذا وضعنا ضرورات الأمن القومى فى مواجهة مقومات الحرية والخصوصية، فإن المسألة صارت محسومة تماما فى الذهن السياسى الأمريكي، أو البريطاني، كما اتضح من محادثات أوباما وكاميرون، إذ أن كفة الأمن القومى ستكون قطعا هى الراجحة، وذلك فى الدولتين الأكثر ديمقراطية فى العالم. أكرر الإشارة إلى عدم منطقية أو تهاون أو جدوى الطريقة التى نتبعها فى مصر، متجنبين اتخاذ إجراءات أو إصدار تشريعات للتصدى للحرب الإلكترونية أو الإرهاب الإنترنتى! لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع