حول مشروع القانون الجديد المزمع إعداده والحرية الأكاديمية لأعضاء هيئات التدريس، أكد الدكتور محمد سكران الأستاذ بكلية التربية جامعة الفيوم ورئيس رابطة التربية الحديثة أن الحرية الأكاديمية تعنى إعطاء أعضاء المجتمع الأكاديمى من الجامعيين على اختلاف درجاتهم العلمية حق البحث والتدريس فى مجال التخصص، دون قيد أو خوف الإضرار بهم ممن هم داخل الجامعة أو خارجها. وبصرف النظر عن الفلسفات والاتجاهات والأيديولوجيات التى يعملون من خلالها، أو المعتقدات التى يؤمنون بها، من منطلق أن ما يقومون به من أعمال علمية أو تدريسية إنما يرتبط بالفكر والتعامل مع المعرفة: نقلاً وإنتاجاً، وتطبيقاً. وهو فى هذا التعامل قد يرتاد آفاقاً غير معهودة، وقد يتوصل إلى نتائج يمكن أن تتعارض مع اتجاهات ومعتقدات الآخرين، مما قد يعرضه للإضرار به، أو وقوعه تحت ضغوط معينة قد تجره إلى الانحراف عن الطريق الصحيح للبحث عن الحقيقة، مما يعوق تقدم العلم، ويوقف تيار البحث عن المعرفة، الأمر الذى يفرض أن يكون له حق الحرية الأكاديمية التى بها يتميز عن الحرية المعطاة لجميع المواطنين، ضماناً لاستمرارية العكوف على العمل العلمى اللازم لإثراء المعرفة وتطويرها. وقال «للصفحة» إن إعطاء الجامعيين حق الحرية الأكاديمية إنما يفرض عليهم التمسك بالالتزامات الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية من منطلق أن الحرية تتضمن معنى «الالتزام» وإن لم ينص عليه، والعكس صحيح تماماً. وهذا يعنى أن من يتمتع بحق الحرية الأكاديمية عليه الالتزام بما تفرضه من أخلاقيات والتزامات ومسئوليات، ويشكل الإخلال بهذه الالتزامات إخلالاً بالحرية الأكاديمية، وإضراراً بها، ولكن من الذى له حق الحكم بهذا الإخلال؛ إنهم أهل الاختصاص فى مجال تخصص أستاذ الجامعة وليس غيرهم. وأضاف أنه بالنسبة للحرية الأكاديمية فى الجامعات المصرية، فإنه يلاحظ على جميع القوانين الجامعية منذ نشأة الجامعة المصرية بصفتها الأهلية عام 1908، وبصفتها الرسمية عام 1923 م، وعبر تطورها، لا يوجد فيها من قريب أو من بعيد ما يُعرف بحق «الحرية الأكاديمية» لأعضاء المجتمع الجامعى من الأساتذة والطلاب، كل فى مجاله. صحيح يوجد فى الدساتير والقوانين المنظمة للجامعات المصرية ما ينص على استقلالية الجامعة، لكن هذا النص إنما يتعلق وفقط بالمؤسسات الجامعية، لا بالجامعيين كأفراد، يقومون بمهام علمية وتعليمية، تفرض حقهم فى التمتع بنوع خاص من الحرية، وهى المعروفة فى كل جامعات العالم المتقدم بالحرية الأكاديمية، التى تُمنح للجامعيين كنوع من الحصانة عند القيام ببحوثهم ودروسهم، لمواجهة ما قد يتعرضون له من قيود ومساءلة، بل ومحاكمة، ومن تهديدات القوى السياسية والدينية، والتى قد ترى فى أن ما يقوم به عضو هيئة التدريس من بحوث ودروس، أو ما يتوصل إليه من نتائج، يتعارض مع توجهات هذه القوى، ولعل فى محاكمة طه حسين وكتابه «فى الشعر الجاهلى» (1922 1926)، وما حدث ويحدث لبعض الأساتذة من تعرضهم للمساءلات والتهديدات، تحت مبررات الإساءة إلى القيم والأخلاقيات والمعتقدات الدينية، ما يؤكد ويكشف أهمية النص على «الحرية الأكاديمية»، سواء فى الدستور أو فى القوانين الجامعية. وأشار إلى الرغبة فى تحقيق ذلك فى مشروع القانون الجديد وفى ظل التغيرات والتطورات التى تستهدف الارتقاء بمستوى الجامعات، وتأكيد استقلالها والحرية الأكاديمية لأعضاء المجتمع الجامعى. كما نأمل أن يراجع القانون الجديد مسألة اشتراط أخذ رأى «المجالس الجامعية»، والذى نجده فى كل القوانين الجامعية، والذى يكشف الواقع العلمى أنه لا قيمة له؛ لأن العبرة فى النهاية لمن بيده اتخاذ القرار؛ وهذا يعنى ببساطة شديدة أنه لابد من استبعاد هذا الشرط فى القانون الجديد للجامعات، وتحرير اتخاذ القرارات الجامعية من كل القيود التى تحول دون المشاركة الحقيقية فى اتخاذ هذه القرارات، وأنه من الضرورى أيضاً الحد من سلطات الدولة داخل الجامعات، ومن سلطات القيادات الجامعية، وضرورة اتخاذ القرارات عن طريق المشاركة الفعلية فى اتخاذها، دون الانفراد بها من جانب أى فرد، مهما تكن أهمية هذا الفرد.