الكل يشعر بقشعريرة البرد، لكنها سرعان ما زالت ، بعد أن دبت الحيوية فى خشبة المسرح الكبير بدار الاوبرا ، بفعل خطوات راقصى التانجو الملتهبة، على نغمات المقطوعة الشهيرة " لا كومبارسيتا" ، بأصوات الأوكورديون والبيانو والكمان والجيتار. ومع توالى اللوحات الاستعراضية، بالأزياء المبهجة ذات الألوان الحارة، كان الدفء قد سرى فى أوصال الجميع. العرض الذى حمل اسم"الحياة والمشاعر" ، قدمته فرقة " بيورو" الأرجنتينية الكولومبية الحاصلة على عدد من الجوائز العالمية، وقبل أن تقدمه للجمهور المصري، كانت قد عرضته فى دول أخرى مثل الولاياتالامريكية، والمكسيك وشيلى وفنلندا وغيرها. والتانجو رقصة قديمة تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، ورغم ظهورها فى أحياء الطبقة الفقيرة المعدمة فى بوينس ايرس بالأرجنتين، فإنها نشأت أساسا على يد المهاجرين من الأسبان والايطاليين. فبعد يوم عمل شاق كان يتجمع سكان المبنى الواحد، يعزف بعضهم الجيتار بينما يرقص الآخرون، وانخرط سكان المدينة الأصليون فى هذا الفن الجديد، وكل أضاف الى الرقصة حسب ثقافته، حتى وصلت الى الشكل الحالي، وباتت تقدم على أفخم المسارح. وأهم ما يميز رقصة التانجو التى أدرجتها اليونسكو منذ سنوات ضمن التراث الانسانى المعنوي، الحميمية الشديدة بين شريكى الرقص، لتصل مشاعر كل منهما للآخر، سواء كانت التعبير عن العشق والحب او العتاب والهجر، فضلا عن العنفوان والقوة فى الحركات والخطوات.