أعطاه الله الصحة والعمر المديد، فمازال منتجا ومحرضا على التفكير. اليوم صدر كتاب جديد للأستاذ السيد يسين بعنوان (التحليل الثقافى للمجتمع نحو سياسة ثقافية جماهيرية) من دار نهضة مصر للنشر، وفوق أن المناسبة فرصة للاحتفال بالكتاب والكاتب. فإن أكثر من موضوع يتضمنهم ذلك النص يستحقون فى ذواتهم كل اهتمام عام ومناقشة مستفيضة وخاصة مع انفضاض الناس عن حفلات الجهل اليومية المسائية الصاخبة فى التليفزيونات وبرامج التوك شو..، الناس الذين نتمنى عودتهم إلى انفاق أوقاتهم فى مناقشة قضايا جادة ومحترمة كتلك التى يتضمنها الكتاب. يحلق بنا السيد يسين داخل أطر تتسع باضطراد لتحوط الظاهرة الثقافية المصرية (فى سياق تناوله للسياسة الثقافية) التى كلفه د.فوزى فهمى بإعداد ورقة عنها فى المجلس الأعلى للثقافة، ثم توسع فى مناقشتها فى هذا الكتاب، فهو يتناول التغيرات العالمية الثقافية الكبرى من الثورة الصناعية إلى عصر المعلوماتية، ويتعرض لمفاهيم الاحتجاج الثورى والعنف الجماهيرى وسقوط المثقف التقليدى وصعود الناشط السياسى ونضال المجتمع ضد الثقافة السلطوية فى اطار تحليله للواقع المصرى بعد يناير 2011 كما يبرر دعوته إلى ضرورة تفكيك المجتمع العربى وبنيته العميقة وعقله المتهافت، وهو يفعل فى اطار مجموعة من العناوين ينتظمها مجرى الثقافة الذى يتسع فى الحقيقة ليشمل كل شىء. ومن أهم ما توقفت أمامه من فقرات فى هذا النص حديث السيد يسين عن أن التوصل إلى توافق ثقافى مع الاخوان بعد 30 يونيو يكاد يكون مستحيلا فهدف الاخوان هو استعادة الخلافة وكأنها الفردوس المفقود. الذى تحلم به الجماعات الاسلامية عبر الانقلاب على الدولة المدنية وتأسيس الدولة الدينية على هدى مفهوم بدائى للاسلام يقوم على عدم الاعتراف بالآخر. وخلص السيد يسين إلى أن الجماعات الاسلامية تقوم ممارساتها على ثلاثية أساسية هي: (رفض المجتمع القائم) واتهامه (بعدم التطابق مع الشريعة) ثم ضرورة (الانقلاب على النظم السياسية العلمانية وتأسيس الدولة الدينية) وهناك عشرات أخرى من الفقرات والأفكار التى يتجلى فيها فكر السيد يسين وقد استعاد فيها ولعه القديم بمنهجية التحليل الثقافى وكان بدأه فى كتابه (التحليل الاجتماعى للأدب) الذى درست فصولا منه على يديه فى منتصف سبعينيات القرن الماضى بقسم الصحافة بكلية الاعلام. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع