فجأة، وبدون أى مقدمات، اشتعلت أزمة أنابيب البوتاجاز، وانتعشت السوق السوداء، وارتفع سعر الأنبوبة المنزلية إلى 50 جنيها فى الجيزة، والقاهرة، والعديد من المحافظات، بسبب نقص الكميات المطروحة للبيع فى المستودعات، وهى أزمة متكررة تطل برأسها بين الحين والآخر، مما يستلزم البحث عن حلول جذرية لها. وقد فجرت أزمة الأنابيب، حالة من الغضب بين المواطنين، ممن لم يتم توصيل الغاز الطبيعى إلى منازلهم ، حيث اشتعلت الأسعار، وانتعشت تجارة الأنابيب فى السوق السوداء، وظهور الباعة السريحة، فى مختلف مناطق الأزمات، وحول المستودعات، مما يشكل عبئا إضافيا عليهم. وأخيرا، تمكنت الإدارة العامة لمباحث التموين من ضبط زعيم مافيا الأنابيب بالسوق السوداء بسوهاج ، حيث كان يفرض سيطرته على 5 مستودعات لبيع أنابيب البوتاجاز، وإجبارهم على بيع الحصص بمعرفته ورفع أسعارها، وتم القبض عليه فى أحد المخازن التابعة له وبحوزته 1250 أنبوبة بوتاجاز، وما حدث فى سوهاج، يحدث فى مناطق كثيرة على مستوى الجمهورية، وما خفى كان أعظم!! والحديث عن الأزمة، يقول محمود عبد الخالق (موظف) إنه يعانى شهريا من أجل الحصول على الأنبوبة، وإذا عثر عليها ، فثمنها لا يقل عن 50 جنيها، مما يستلزم توفير الانابيب بالسعر الرسمى فى المستودعات، وتكثيف الحملات التفتيشية عليها، لمنع تسربها للباعة وسماسرة الأزمات. يتفق معه محمد حسنين (مهندس بالمعاش) حيث يؤكد أن أسعار الأنابيب قد أصابها الجنون فى الفترة الأخيرة، بسبب نقص الكميات، متوقعا أن يتجاوز السعر 50 جنيها ، فى ظل العجز الواضح، مما يغرى السماسرة بتخزين الأسطوانات، واستغلال الأزمة، والمواطن البسيط هو الضحية فى كل الأحوال. السوق السوداء ويؤكد الدكتور أيمن جاهين المدير العام بالشركة المصرية للغازات الطبيعية، أن البوتاجاز المدعم يذهب لقمائن الطوب و مزارع الدواجن، كما يتم بيعه إما للباعة السريحة، لبيعها فى السوق السوداء بأسعار خيالية وقت الأزمات، الأمر الذى يستلزم تكثيف الرقابة على الأسواق لمنع تسرب البوتاجاز المدعم، ونقل تبعية مستودعات البوتاجاز الخاصة لوزارة التموين مع استمرار حصول أصحاب تلك المستودعات على فئات التوزيع المقررة لتلك المنتجات لضمان عدم إلحاق أضرار بهم وذلك نظير استخدام مستودعات البوتاجاز الخاصة من قبل أجهزة الدولة، ويمكن دراسة إمكان عدم بيع اسطوانات البوتاجاز بالمستودعات، وأن يقتصر الأمر على التوصيل للمنازل والمحال التجارية لإحكام السيطرة ولضمان عدم تسريب الاسطوانات لغير الأغراض المخصصة لها. والسؤال الذى يطرح نفسه: من أين تأتى المشكلة؟ ولماذا تحدث الأزمة وتنفرج دون أسباب حقيقية واضحة؟. الاجابة كما يقول د. عبد النبى عبد المطلب مدير عام التحليل الاقتصادى بوزارة التجارة الخارجية- تكمن فى وجود الدعم لهذه الاسطوانات ، فعلى سبيل المثال يختلف سعر الاسطوانة المخصصة للاستخدام المنزلى (الاسطوانة الصغيرة سعة 12كجم)عن الاسطوانة المخصصة للمحال التجارية وهى الاسطوانة الكبيرة، والفرق هنا كبير جدا يغرى اصحاب المستودعات بتفضيل بيع الاسطوانات المخصصة للمنازل لأصحاب المحال التجارية. وتكشف الحملات الرقابية، التى قامت بها الأجهزة المعنية لضبط سوق البوتاجاز بين الحين والآخر، عن استخدام مصانع صهر الالومنيوم، ومصانع انتاج الطوب، ومزارع الدواجن، والكثير من المحال التجارية ملايين الاسطوانات شهريا، ففرق السعر فى أى مجال يخلق نوعا من السوق السوداء، كما أن اصحاب المصالح يستعينون بالبلطجية لمنع المواطنين المستحقين لانابيب البوتاجاز من الحصول على حقهم، كما ان هناك عددا كبيرا من سكان المدن لا يستطيعون الذهاب الى المستودعات، والوقوف فى طوابير طويلة لساعات عديدة بسبب ظروفهم الصحية، أو لأسباب تتعلق بظروف عملهم، وبعضهم لا يستطيع حمل الاسطوانة الى أماكن إقامتهم لأن ذلك يتكلف كثيرا، فيجدون أنه لا مفر أمامهم من شراء الأنابيب من الباعة السريحة، وسماسرة أزمات الأنابيب، ومن ثم يخضعون لابتزازهم، والشراء بأسعار خيالية. حلول مقترحة ومن الناحية التحليلية- والكلام هنا للدكتور عبد النبى عبد المطلب، فإنه لا توجد سلعة بديلة لاسطوانة الغاز لمن يستخدمها او يعتمد عليها فى معيشته، ومن المستحيل ان يتمكن المواطن المصرى حاليا من استخدام الكيروسين لاعداد طعامه، كما أنه أكثر تكلفة بمئات المرات من البوتاجاز، مشيرا إلى ان خصائص اسطوانة البوتاجاز الحالية تعبئتها بالغاز الطبيعى بدلا من البوتاجاز لا يمكن بأى حال من الأحوال، أضف الى ذلك أن المساكن المصرية غير مهيأة لاستقبال أنواع جديدة من الاسطوانات التى يمكن تعبئتها بالغاز الطبيعي. ولمواجهة تلك الأزمة المتكررة، يطالب د. عبد المطلب بضرورة توصيل الغاز الطبيعى الى جميع الوحدات السكنية والتجارية والمصانع وغيرها من الاماكن التى تسمح المواصفات الفنية والتقنية بتوصيل الغاز الطبيعى اليها، كما يجب تغليظ العقوبة على المستودعات التى تتاجر فى اسطوانات البوتاجاز المخصص للاستهلاك المنزلى ، واعتبار هذا الأمر جريمة ، وكذلك مصادرة كل الاسطوانات، وغلق المصانع او المحال التجارية التى يتم ضبطها مستخدمة للاسطوانات المخصصة للاستهلاك المنزلى مع حبس أصحابها وتغريمهم غرامات مالية كبيرة، وضرورة مشاركة المجتمع المدنى فى الرقابة على توزيع اسطوانات الغاز على الفئات المستحقة بالكميات المستحقة، بما يمنع التلاعب والتسرب الى الأغراض التجارية.