الجماهير الحاشدة التى نزلت إلى وسط باريس أمس، تلبية لدعوة الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند، لدعم مسيرة الجمهورية وتفويضه لمحاربة الإرهاب، تعيد إلى الأذهان صورة الجماهير المصرية الحاشدة التى تدفقت على وسط القاهرة والميادين الكبرى بالمحافظات يوم 26 يوليو 2013، تلبية لدعوة الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك، لمنح الجيش والشرطة تفويضا شعبيا لمواجهة العنف والإرهاب. فى دعوة أولاند للشعب الفرنسي، قال إن التهديدات الإرهابية تستهدف فرنسا، التى تدرك أن فى قواتها الأمنية رجالات ونساء شجعانا أبطالا، داعيا إلى اليقظة والوحدة، وأمر بنشر قوات الجيش فى الشوارع لمساعدة الشرطة على حماية البلاد. وفى دعوة السيسى للشعب المصري، شدد على وجود شحن يستهدف الجيش واستقرار البلاد باسم الجهاد فى سبيل الله. لم يعرف الغرب قيمة ما تحملته مصر ومازالت تتحمله للتصدى للإرهاب، واقتلاع الجماعات التكفيرية من جذورها، إلا عندما طالتها نار الإرهاب، وبات النهج المصرى نموذجا يحتذى فى مواجهة الإرهاب، وهو النهج الذى يعتمد على تكاتف الشعب مع الشرطة مع الجيش يدا واحدة ضد العنف، واستنفار كل الجهود فى سبيل ذلك، ومعالجة الاسباب التى تؤدى إلى انتشار الأفكار المتطرفة حتى لا تقتصر المواجهة على الجانب الأمنى فقط. إن ما تفعله فرنسا والعالم كله الآن، هو الاستفادة من التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب والتطرف، وهى تجربة دفعنا فى سبيل نجاحها ثمنا كبيرا من أرواح الشهداء، ولو كانت الدول الغربية قد استمعت إلى تحذيرات السيسى المتكررة منذ البداية، ووقفت بقوة إلى جانب مصر ضد الجماعات الإرهابية، لتغيرت الصورة، والآن بعد أن وضحت المعالم أمام الجميع، لابد من تنسيق دولى حقيقى ضد كل الجماعات المتطرفة وكل من يستخدم العنف سبيلا لفرض الرأي، وأن تكون هناك إجراءات رادعة ضد الدول التى تأوى إرهابيين ومتطرفين، أو التى توفر لهم التمويل والانتشار الإعلامي.