سألت أحد الشباب ما هو طموحك فى الحياة؟ وكانت المفاجأة أن قال لى: هدفى يتركز فى السفر والعمل خارج مصر. فسألته بدهشة لماذا ؟ قال: لقد تخرجت من الجامعة منذ سنوات.. ورغم تحصين نفسى بعناصر الكفاءة اللازمة فى تخصصى إلا أننى لم أنجح فى العديد من المسابقات، وكان الفساد والواسطة والمحسوبية يقفون لى بالمرصاد، لحرمانى بوقاحة من حقى المشروع فى العمل. وحكى لى ماحدث معه من شهرين، حين تقدم لوظيفة محاسب بإحدى الهيئات العامة، بناء على إعلان بالصحف، ويوم الاختبار تجمع عدد كبير من المتقدمين للوظيفة فى القاعة الرئيسية بالهيئة، لمقابلة اللجنة المسئولة عن اختيار الموظفين الجدد. وذكر: بينما نعانى من ملل الانتظار، نزل فى وسط القاعة موظف من مكتب المدير.. وأعلن أسماء ثلاثة من الحاضرين.. وطلب منهم الصعود معه لمقابلة المدير، وبالفعل صعدوا معه فورا، ولم نشاهدهم بعد ذلك. وواصل: ثم جرت المقابلات الشخصية مع اللجنة بشكل روتينى سريع، وأبلغونا أن من ينجح سيرسلون له، لاستلام العمل خلال أسبوعين. وعندما لم يصلنى أى خطاب، ذهبت بعد شهر للهيئة للاستعلام عن النتيجة، وصدمنى أننى اكتشفت أن من تسلم العمل هم الثلاثة الذين طلبهم المدير وصعدوا لمقابلته، بينما كنا أمام اللجنة فى تمثيلية هزلية سخيفة نحاول إظهار ما لدينا من خبرة وكفاءة. وأوضحت للشاب أن صمته وعدم اعتراضه على فساد هذا المدير، يعد أفضل حماية للفاسدين أمثاله من المحاسبة والعقاب، وكان على الشباب المظلوم الذهاب معا إلى مكتب النائب العام ومجلس الوزراء، ببلاغ رسمى يتهم هذه الهيئة ومديرها، بالتلاعب فى نتيجة مسابقة رسمية، والتعدى على مبدأ تكافؤ الفرص فى إعلان للوظائف العامة. حتى لايتكرر مبدأ الواسطة فى التعيينات. فالمأساة أن صمت المظلومين يعطى الضوء الأخضر للفساد لمواصلة جرائمه، بينما لا مفر من المواجهة وبقوة، بإشهار سيف القانون فى وجه الفساد، لنقتلعه من جذوره. لمزيد من مقالات د.عبد الغفار رشدى