ساهمت ثورة 30 يونيو في إعادة تشكيل خريطة الأحزاب الإسلامية في مصر حيث ظهرت أحزاب على الساحة، واختفت وضعفت أخرى، فاختفي حزب الحرية والعدالة من الحياة السياسية بعد حله للجوئه للعنف وعدم اعترافه بثورة 30 يونيو والواقع السياسي الجديد، بينما ضعفت أحزاب ما يعرف بتحالف دعم الشرعية الداعم للرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي ولم يعد لها وجود يذكر في المشهد السياسي الحالي. ومن أبرزها أحزاب الوطن والوسط والبناء والتنمية، وكذلك حزب مصر القوية الذي رفض المشاركة في التحالف ولكنه رفض الاعتراف بالواقع الجديد، في حين ظهر حزب النور بقوة في المشهد السياسي، خاصة بعد انحيازه للإرادة الشعبية، ومشاركته في خارطة الطريق. ويبقى حزب النور فى المشهد حيث يواجه تحديا كبيرا في الفترة المقبلة خاصة أنه يعتبر الممثل القوي الوحيد للتيار الإسلامي، رغم ما يتعرض له من حرب شرسة من جانب الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية المنافسة التي تتهمه بالعمالة وبيع التيار الإسلامي لانضمامه للإرادة الشعبية، كما يتعرض الحزب لهجوم آخر من جانب الأحزاب المدنية خاصة أننا علي أبواب انتخابات مجلس النواب. وهناك خمس مشاهد ميزت تواجد حزب النور داخل المشهد السياسي المصري، أولها مشاركته في خارطة الطريق وظهور المهندس جلال مرة أمين عام الحزب في مشهد 3 يوليو. وأرجع الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب مشاركة الحزب في خارطة الطريق انطلاقا من الحرص على المصالح العليا للبلاد، ومنعا لسفك الدماء، واستجابة للجهود المبذولة لمنع حدوث حرب أهلية، ومنع صدام غير محسوب العواقب يضر أعظم الضرر بالعمل الإسلامى كله ويجعله فى مواجهة غير مقبولة شرعا وواقعا مع جموع الشعب، خاصة بعد أن صور البعض الصراع القائم علي أنه صراع بين معسكر الإيمان والكفر، إضافة إلي محاولة البعض جر البلاد إلي منحدر العنف والفوضي والصدام بين أبناء الوطن الواحد ودفعها إلي أتون صراع يقضي على الوطن بأسره . والمشهد الثاني الذي أكد فيه حزب النور انحيازه للشعب وللإرادة الشعبية مشاركته في لجنة الخمسين لوضع الدستور والمشهد الثالث المشاركة في انتخابات الرئاسة ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأرجع الدكتور يونس مخيون مشاركة الحزب إيمانًا منه بأهمية استكمال مؤسسات الدولة من الرئاسة والحكومة والبرلمان، وجاء اختيار الحزب للسيسي لأنه الأنسب في هذه المرحلة الفارقة من عمر البلاد. والمشهد الرابع هو الحملة التي نظمها الحزب لرفض المشاركة في مظاهرات 28 نوفمبر حيث قام الحزب بالتحرك بقوة علي الأرض للتحذير من الدعوات التي أطلقها البعض للتظاهر تحت مسمي "الثورة الإسلامية" لإحداث حالة من الفوضي بالبلاد. والمشهد الخامس هو مشاركة الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة لاستكمال مؤسسات الدولة، فبالرغم من اعتراضه علي قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر فإن الحزب أعلن مشاركته في الانتخابات في ظل أي قانون، حتي يكون هناك برلمان يشرع ويراقب أداء الحكومة. وستكون الانتخابات المقبلة كاشفة للأوزان النسبية لكل حزب وحجمه الحقيقي في الشارع، ويعتبر حزب النور هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي أعلن مشاركته في الانتخابات القادمة في حين ترفض أحزاب مايسمي بدعم الشرعية المشاركة في الانتخابات، وإن كانت المؤشرات وتحركات هذه الأحزاب علي الأرض تشير إلى أن بعض هذه الأحزاب ستشارك في الانتخابات. ويواجه حزب النور في الانتخابات القادمة تحديات كبيرة أهمها جماعة الإخوان المسلمين التي تعمل على تشويه صورة الحزب ومرشحيه خاصة في الدوائر التي يحظى فيها الإخوان بتواجد كبير فهم يرون أن حزب النور قد تخلى عن الرئيس المعزول محمد مرسي، وشارك في خارطة الطريق ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية، إضافة إلي الحرب التي يتعرض لها الحزب من بعض الأحزاب المدنية التي ترفض وجوده في المشهد السياسي.