«عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    "مدبولي" يصل البحيرة لتفقد ومتابعة سير العمل بعدد من المشروعات    وزيرة البيئة تبحث مع «الاتحاد الأوروبي» مستجدات مفاوضات معاهدة الحد من التلوث البلاستيكي    إيقاف أعمال وإزالة حالة بناء مخالف في مدينة البياضية بالأقصر    رئيس الوزراء يبدأ جولة في محافظة البحيرة    جوتيريش يٌعرب عن قلقه الخاص إزاء الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية في إيران    تصاعد مؤشرات الإنذار في محطة فوردو النووية بعد القصف الإسرائيلي.. هل هناك تلوث نووي؟    مرتجي يتسلم شهادة مشاركة الأهلي للمرة العاشرة في مونديال الأندية    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    ياباني وبرازيلي يقودان طموحات أوراوا في مونديال الأندية 2025    القبض على شاب اعتدى على فتاة بالضرب أمام مسجد في دمياط    لمدة 9 أيام.. بدء الامتحانات العملية للدبلومات الفنية في شمال سيناء    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    الكشف عن البرومو التشويقي الأخير للمسلسل الكوري "Squid Game" (فيديو)    بوسي توجه رسالة ل منة القيعي بعد حفل زفافها.. ماذا قالت؟ (صور)    من أضواء السينما إلى ظلال المرض.. تعرف على حياة زبيدة ثروت وصلتها بمي عز الدين    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب    اليوم العالمي للمتبرعين بالدم 2025 .. هدية منقذة للحياة مع فوائد صحية للمتبرعين    النظام الغذائي المناسب، لطلاب الثانوية العامة خلال الامتحانات    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المتحف المصرى الكبير    كرة اليد، مواعيد مباريات منتخب الشباب في بطولة العالم ببولندا    أسعار الخضروات اليوم السبت 14 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    النفط يرتفع 7% بعد تبادل الضربات الجوية بين إسرائيل وإيران    السبت 14 يونيو 2025 .. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع خلال تعاملات اليوم    أجواء شديدة الحرارة خلال الساعات المقبلة.. الأرصاد تعلن التفاصيل    لحماية الطلاب.. النيابة الإدارية تفعّل قنوات تلقّي الشكاوى خلال الامتحانات الثانوية العامة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : نحن بحق فى معركة!?    محافظ مطروح يشيد بجهود المشاركة المجتمعية في التيسير على المواطنين    غدا.. بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية عن شهر يونيو    إعلام إسرائيلى: إيران أطلقت نحو 200 صاروخ باليستى منذ بداية الهجوم    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الهلال السعودي يصل واشنطن للمشاركة فى كأس العالم للأندية.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    تجهيز 76 لجنة استعدادًا لانطلاق ماراثون الثانوية العامة بأسيوط    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    الأمن العام الأردنى: إصابة 3 أشخاص بسقوط جسم على منزل فى إربد    غدا .. انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بالمواد غير المضافة للمجموع    افتتاح كأس العالم للأندية.. موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وإنتر ميامي    قصور الثقافة تعرض "طعم الخوف" على مسرح مدينة بني مزار الأحد المقبل    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات قوية في شرق طهران    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    الكويت تدعو مواطنيها فى مناطق التوتر بتوخى الحذر والمغادرة حال سماح الظروف    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    احذرها.. 4 أطعمة تدمر نومك في الليل    «تضامن الدقهلية» تطلق قافلة عمار الخير لتقديم العلاج بالمجان    4 أبراج يتسمون ب «جاذبيتهم الطاغية»: واثقون من أنفسهم ويحبون الهيمنة    «الأهلي في حتة عاشرة».. محمد الغزاوي يرد على المنتقدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق الى تنصيب الرئيس السبسى
كواليس 6 أيام حاسمة فى تاريخ تونس
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 12 - 2014

ستة أيام عاشتها تونس على وقع أزمة سياسية، بدأت بيوم الاقتراع فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة بين الرئيس المؤقت منصف المرزوقى، و رئيس حزب نداء تونس (حزب الأكثرية فى البرلمان الجديد) الباجى قائد السبسى.
وكادت هذه الأزمة التى تحركت جوانب منها فى الكواليس بعيدا عن الأضواء تنزلق بالبلاد إلى دوامة احتقان وعنف، لولا جهود حثيثة داخلية وخارجية فتحت الطريق أمام تسليم سلس لمهام الرئاسة فى قصر قرطاج أمس، منهية مرحلة انتقالية استمرت أربع سنوات بعد ثورة 14 يناير 2011.ستة أيام عاشتها تونس على وقع أزمة سياسية، بدأت بيوم الاقتراع فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة بين الرئيس المؤقت منصف المرزوقى، و رئيس حزب نداء تونس (حزب الأكثرية فى البرلمان الجديد) الباجى قائد السبسى.
وكادت هذه الأزمة التى تحركت جوانب منها فى الكواليس بعيدا عن الأضواء تنزلق بالبلاد إلى دوامة احتقان وعنف، لولا جهود حثيثة داخلية وخارجية فتحت الطريق أمام تسليم سلس لمهام الرئاسة فى قصر قرطاج أمس، منهية مرحلة انتقالية استمرت أربع سنوات بعد ثورة 14 يناير 2011.
فصباح يوم الاقتراع الأحد 21 ديسمبر الماضى، أظهرت مؤشرات جولة الإعادة الرئاسية، أن الإقبال على مراكز الاقتراع بالعاصمة سيكون أقل من الجولة الأولى فى 23 نوفمبر الماضى، ومن الانتخابات التشريعية فى 26 أكتوبر، وهو ما تأكد مع إغلاق صناديق الاقتراع مساء.
لكن ظاهرتين كانتا أكثر إثارة للقلق، أولاهما: أن مكاتب اقتراع الشباب كانت شبه خالية، والمؤكد أن إقبال الشباب الذى يمثل 60 فى المائة من المجتمع التونسى وقام بالثورة، جاء أقل من جولة الرئاسة الأولى، حيث ذهبت التقديرات إلى عزوف 75 فى المائة من الشباب عن التصويت خلالها.
أما الظاهرة الثانية، فهى أن أحياء الأغنياء والشرائح العليا من الطبقة الوسطى كما فى حى "سكرة" الذى يقطنه السبسى سجلت إقبالا أعلى من الأحياء الفقيرة ك" الملاسين ".
ففى "سكرة"، صوت الناخبون بكثافة لصالح السبسى، بينما كان الحماس فى " الملاسين " أقل للمشاركة، التى جاءت لصالح المرزوقى، الذى كان قد صرح لدى انطلاق الحملة الانتخابية "إن لديه مشكلة مع البرجوازية التونسية".. هذه الطبقة التى استفزها السبسى من البداية لا بتحالفه السابق مع إسلاميى النهضة فحسب، بل وأيضا بتمسكه بألا يرتدى ربطة عنق "كرافت".
لكن بعد نحو ساعة ونصف الساعة من بدء الاقتراع، أظهرت نتائج عينات استطلاع رأى للناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أجرته ثلاث مؤسسات أن السبسى متقدم بفارق واضح ( بين سبع وعشر نقاط).
ولم يخف رجال الشرطة ابتهاجهم بهذه النتيجة، التى عكستها ملامحهم وتعليقاتهم التى أسروا بها للصحفيين فى شوارع وسط العاصمة، لكن الأضواء كلها ذهبت إلى حى "البحيرة" حيث المقر الانتخابى للسبسى، إذ بدأت الاحتفالات فور إغلاق الصناديق، وأطل الرئيس القادم بنفسه على جمهوره .
واحتشد الآلاف يطلقون الألعاب النارية و يغنون ل "بجبوج" الذى حررهم من هاجس فقدان مكتسبات الدولة الحداثية البورقيبية ، كما تعالت الهتافات على طريقة مشجعى كرة القدم :"باى باى مرزوقى"، فيما كان مكبر الصوت يصدح فى المكان أيضا بأغان باللغة الفرنسية .
لكن "المرزوقى" ظل يعاند القدر ويتشبث بالأمل، فانتقل على عجل إلى مقره الانتخابى بميدان شعبى فى "إريانة" إحدى ولايات العاصمة الكبرى ، وأطل من شرفة منزل قديم يخطب فى بضع مئات من أنصاره ، حيث جمهور أكثر فقرا، وترتدى كثرة من نسائه الحجاب على نحو أوضح، لكن الأرجح أن معظمهم لا ينتمى إلى الحزب الذى أسسه المرزوقى "المؤتمر من أجل الجمهورية " ولا الى حركة النهضة الإسلامية .
وفيما أبلغنى شاب تونسى: أنه غير راض عن أداء المرزوقى أو عن حكم الترويكا الذى دام عامين حتى نهاية 2013، لكنه جاء لأنه يرى فى السبسى رمزا للنظام القديم، وخشية خطر الثورة المضادة، كان المرزوقى يخطب فى أنصاره، قائلا:" تونس انتصرت لأنها حققت أهداف الثورة بإنهاء المهازل الانتخابية السابقة "، وزعم ان هناك معطيات تؤكد فوزه، داعيا إلى تجنب أى استفزازات أو عنف، لكن ملامح وجهه ووجوه المحيطين به غاب عنها الفرح .
وفى صباح اليوم التالى (الإثنين) جلس راشد الغنوشى رئيس النهضة فى مقر الحزب ب "مونبليزير"، ليدلى بحديث صحفى إلى عثمان لحيانى، مراسل صحيفة "الخبر" الجزائرية المتخصص فى الشئون التونسية .
وقد أخبرنى لحيانى: كم كانت دهشته لأن الرجل غير كلامه هذه المرة بدرجة 180 درجة، وانقلب على آرائه السابقة فى السبسى، وحزب نداء تونس، وصار يمتدحهما، وأن "شيخ مونبليزير" أخذ يهزأ من "الثوريين فى زمن انتهت فيه الثورة ".
وفى ظهيرة اليوم نفسه أسر لى أحد مساعدى المرزوقى بأن الرئيس المؤقت تعرض لخيانة من قيادة النهضة (حلفاء الأمس) . وبحلول صباح الجمعة لم يكن مدهشا أن تصدر أسبوعية "الفجر "الناطق الرسمى باسم "النهضة"، بغلاف يحمل صورتى "الغنوشى" و"السبسى" وبينهما عنوان رئيسى هو :" الباجى والغنوشى يدفعان نحو حكومة وحدة وطنية".
أما صحيفة "الشروق" اليومية الأوسع انتشارا فقد صدرت فى اليوم ذاته بعنوان:" بين النهضة والمرزوقى .. انتهى زواج المتعة ".
وبالعودة إلى الثالثة عصر يوم الإثنين 22 ديسمبر، أعلنت هيئة الانتخابات رسميا فوز السبسى بفارق نحو عشر نقاط. الإذاعات والتليفزيونات فى المساء نقلت اتصال المرزوقى بالسبسى لتهنئته. وأصدر الرئيس المؤقت بيانا يشيد بنجاح الانتخابات وانتهاء المسار الانتقالى ويدعو لنبذ العنف والحفاظ على السلم الأهلى . غير أن المعلومات الواردة من مدن الجنوب إلى هواتف الصحفيين، أفادت باتساع أعمال الاحتجاج وتطورها إلى مهاجمة مقار لحزب "نداء تونس " وللشرطة.. هذه المعلومات تجاهلتها وسائل الإعلام فيما يشبه الاتفاق الضمنى على "التعتيم ".
واستدعت الاحتجاجات ميراثا تاريخيا مريرا حين رفع المحتجون شعارات تندد بالبورقيبيين وبالسبسى وزير الداخلية زمن بورقيبة بوصفهم قتلة "اليوسفيين " وزعيمهم "صالح بن يوسف" ابن الجنوب، فى عقد الستينيات .
وفى ظهيرة الثلاثاء 23 ديسمبر شهدت بنفسى امتداد هذا الميراث الدفين إلى العاصمة ذاتها . لاحظت على سور مجاور لمحطة "مترو" حى "الخضراء" عبارة طازجة كتبت بعفوية :" يسقط حزب السبسى قاتل اليوسفيين ".
وفى مساء اليوم ذاته، انقلب المرزوقى على قبوله بالنتائج .. عاد إلى شرفة مقره الانتخابى ليتحدث عن خروقات واسعة فى الانتخابات وعن "مؤامرة على الثورة "، فيما كان مؤيدوه الذين احتشدوا بأعداد أضخم هذه المرة يشكون للصحفيين من عيوب جسيمة فى سجلات الناخبين، ويتقدمون بروايات عن تصويت بالنيابة عن المتوفين .
وبدا الأمر كله على نقيض المؤتمرات الصحفية التى عقدها العديد من منظمات المراقبة الدولية قبل ساعات لتشيد بسير العملية الانتخابية ونزاهتها وشفافيتها. وقبل أن ينتهى هذا اليوم أبلغنى دبلوماسى أوروبى رفض التصريح باسمه ب "مدى الغضب من تصريحات المرزوقى الأخيرة، ومن أنه يصب النار على زيت الجنوب المشتعل" .
وصدرت صحف صباح الأربعاء تهزأ من المرزوقى، وخرجت جريدة "المغرب" أكثرها مصداقية ورصانة بعنوان : "زعيم الشعبوية الجديدة؟"، متندرة على إطلاق الرئيس المؤقت، مبادرة تشكيل "حركة شعب المواطنين ". لكن سرعان ما أوضح لى مدير حملة الأخير الانتخابية والمتحدث السابق باسم الرئاسة الدكتور عدنان منصر، أن الرجل لا يطمح لزعامة المعارضة وأنه قصد إطلاق "حراك" لا "حركة".
بحلول الخميس بدا أن الأمور تتجه إلى الهدوء فى مدن الجنوب، بينما انتقلت الأضواء إلى مقر حزب نداء تونس الذى عقد اجتماعا ماراثونيا بقيادة السبسى لاختيار رئيس جديد للحزب استعدادا لتسلمه الرئاسة . لكن الاجتماع انفض دون التوصل إلى قرار وسط تسريبات بانقسامات حول هذه المسألة، وأيضا بشأن اختيار رئيس الحكومة، وهل يكون من خارج "النداء" كما يريد السبسى درءا لشبهات تغول الحزب على كل مؤسسات الحكم أو من قياداته نفسها ؟، فضلا عن خلافات أخرى حول فرص مشاركة النهضة فى حكومة وحدة وطنية، كما يميل السبسى فى مواجهة صقور الحزب من اليساريين والتجمعيين القدامى (نسبة لحزب بن على )، الذين يرفضون أى ائتلاف مع النهضة.
الجمعة وهو ليس يوم عطلة فى تونس شهد اختبارا للقوة بين سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، المكلفة بملف العدالة الانتقالية، وبين من بدوا لمراقبين أنهم رجال النظام القديم . فقد توجهت سدرين، ومعها ست شاحنات لنقل أرشيف القصر الرئاسى إلى مقر الهيئة . لكن الأمن الرئاسى تصدى ومنع . وبدا الأمر كله بمثابة تحرك فى الوقت الضائع . هذا على الرغم من أن الهيئة لم تبدأ أعمالها إلا فى مطلع ديسمبر الماضى. وقالت مصادر موثوقة إن المنع جاء على خلاف رغبة الرئيس المؤقت المرزوقى، الذى لم يكن قد غادر قصر قرطاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.