فى الوقت الذى تعرب فيه كثيرمن الدوائر الأمريكية عن رغبتها فى انهاء اخر احتلال فى العالم، وإقامة دولة فلسطينية وإنهاء الصراع فى المنطقة، فان الواقع يبدو غير ذلك، حيث توفر واشنطن الدعم الأعمى لليمين المتطرف فى إسرائيل، وهذا الدعم لا يجمد فرص الوصول الى حلول عادلة فحسب بل يتجاوزه الى تعقيد أى مسار سياسى سلمى من الممكن ان يكون مخرجا لإنهاء الصراع وهو ما يعضد من تنامى التيارات العنيفة فى المجتمع الفلسطيني، ويمثل تراجعا كبيرا فى منظومة الأمن الإسرائيلي، ورغم الرأى العام الأمريكى الرافض والمخاوف الإسرائيلية والرجاء العربى لواشنطن والإجماع العالمى على دولة فلسطينية، فان كل الدلائل تشير الى أن إدارة اوباما سترضخ فى النهاية للوبى اليهودى الصهيونى المنتشر فى اروقة صناعة القرار الأمريكي. ويكشف تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي" فى تل ابيب عما أسماه مثلث علاقات "إسرائيل واليهود والولاياتالمتحدة"، وعن خطورة الدعم الأمريكى لليمين الإسرائيلى حيث يمنح الحكومة غطاء سياسيا، يزيد من عزلتها امام دول العالم ويرفع من معدلات الغضب والسخط. ويكشف التقرير عن حقائق بالأرقام تشير الى ان أبناء الديانة اليهودية يشكلون فى الولاياتالمتحدة ما نسبته 8ر1% من إجمالى عدد السكان، وأنهم يتركزون فى عدد من الولايات الكبري، مثل نيويورك، وفلوريدا وكاليفورنيا، وغيرها، ولكن مركز قوتهم يعود إلى حجم الثروات الضخمة التى يملكونها، وكونهم يتشكلون فى أطر سياسية وبالأساس صهيونية، واكبر منظمة لديهم هناك "إيباك"، تضم أكبر عدد من الاثرياء اليهود، الذين اعتادوا دعم مرشحى الرئاسة والحزبين الديمقراطى والجمهورى فى كل انتخابات، بما يؤهلهم الى المطالبة العلنية وممارسة الضغط السياسى على الإدارة الأمريكية لتبنى وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية والدفاع عنها وتبرير ممارستها بل واستخدام الفيتو فى مجلس الأمن الدولى فى قضايا لا أخلاقية لا علاقة لها بأمن إسرائيل، مثل الفيتو الذى منع صدور قرار اممى بإدانة الاستيطان ووصفه بعدم الشرعية عام 2012 بما جعل الناخب الأمريكى لا يصدق الروايات اليهودية عن الحق التاريخى ويلفظ المرشحين اليهود وبخاصة اثرياؤهم حتى وصل الأمر فى السنوات الأخيرة الى تراجع عدد النواب اليهود فى الكونجرس من 33 نائبا إلى 22 نائبا، وفى مجلس الشيوخ من 13 نائبا إلى 9 نواب، وهناك علاقة مباشرة بين هذا التراجع، وتراجع تمثيل الحزب الديمقراطي، الذى يحظى تقليديا بغالبية أصوات اليهود. والتقارير الصادرة فى الولاياتالمتحدة والتى تنتقد إسرائيل، أشارت الى أن الإدارة الأمريكية أظهرت ضعفا فى إدارتها السياسة الخارجية فى الشرق الأوسط وفشل الجهد الأمريكى لدفع عملية السلام، متهمة إسرائيل بافشال المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، فضلا عن التقارير التى تتهم إسرائيل بمحاولات المس بالمصالح الأميركية من خلال عمليات تجسس إسرائيلية على أراضى الولاياتالمتحدة، وممارسة الضغوط السياسية على القرار الأمريكى بما يضر بالقيم الأخلاقية والديمقراطية التى تروج لها أمريكا حول العالم، باعتبار ان التوجهات الإسرائيلية مناقضة للمصالح الأميركية، على خلفية تعامل إسرائيل مع مسألة يهودية الدولة وسياسة التمييز تجاه الأقلية العربية فى إسرائيل، وتجلى رد الفعل لهذه التقارير من خلال تراجع الكونجرس عن مبادرة لإعفاء حملة الجنسية الإسرائيلية من تأشيرة للدخول إلى الولاياتالمتحدة.وما يجعل الناخب الأمريكى يشعر بالقلق من التأييد المطلق لإسرائيل ما انتهت اليه الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ايام، بالتصويت بأغلبية ساحقة على مشروع قرار بعنوان "حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير"، وكانت نتيجة التصويت 180 دولة لصالح القرار، ويشير القرار إلى الفتوى التى أصدرتها محكمة العدل الدولية فى التاسع من يوليو عام 2004 بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد الجدار فى الأرض الفلسطينيةالمحتلة، بما يعوق بشدة حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير، وقد عارضت القرار7 دول هى إسرائيل، والولاياتالمتحدة، وكندا، وبالاو، وميكرونيزيا، وجزر المارشال، وناورو فيما امتنعت 4 دول عن التصويت وهى الكاميرون، وتونجا، وجنوب السودان، وبارجواي. كما تداولت الصحافة الأمريكية نص بيان جامعة الدول العربية الذى يرجو الولاياتالمتحدة ان لا تستخدم حق النقض "الفيتو" ضد المشروع الفلسطينى المقدم فى مجلس الأمن الدولي، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وفق سقف زمنى محدد، وقال الأمين العام المساعد لشئون فلسطين والأراضى العربية المحتلة بالجامعة العربية السفير محمد صبيح: نتمنى أن تضع الولاياتالمتحدة الأميركية معايير ومقاييس جديدة للخروج من هذه الأزمة حتى لا تبقى لسنوات طويلة والمنطقة فى حالة شديدة من الخطورة، محذرا من ان مزيدا من الإحباط واليأس سيؤجج ما هو موجود فى المنطقة من توتر. مخاوف إسرائيلية وقد نشر موقع إسرائيل اليوم تقرير ابدى فيه مخاوف عميقة من امتناع الولاياتالمتحدة عن إستخدام الفيتو ضد ما اسموه مشروع ابومازن، واشار الى التوجهات اليمينية الإسرائيلية المتصلبة فى مواقفها الأيديولوجية، وأن سياسة هذه الحكومة تحددها معايير حزبية، من أجل بقاء الائتلاف، وكثرة التصريحات التى يطلقها قادة إسرائيليون ويطالبون من خلالها بضم مناطق فى الضفة الغربية، كخطوة إسرائيلية من جانب واحد، ومحاولات إسرائيل لإستغلال جهات صديقة لها فى الكونجرس، من أجل انتقاد سياسة البيت الأبيض، إضافة إلى التصريحات الحادة التى أطلقها وزراء وأعضاء بالكنيست ضد وزير الخارجية جون كيري، وطاقمه المساعد فى المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.