منذ أيام قليلة قضت محكمة القضاء الإدارى بمحافظة الإسكندرية، الدائرة الأولى بمحافظة البحيرة، بتأييد قرار مدير أمن البحيرة اللواء محمد فتحى إسماعيل بإلغاء ترخيص سلاح، ماركة حلوان 9 مم لأحد المواطنين، اعتاد إطلاق الأعيرة النارية داخل المدينة فى الأفراح والمناسبات المختلفة. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إنه لايجوز استخدام الأسلحة المرخصة إلا فى حالة الدفاع الشرعى عن النفس، مشيرة إلى أن استخدامها فى الأفراح والمناسبات بدعوى التفاخر والمجاملة يجيز لمدير الأمن ومساعدى وزير الداخلية، إلغاء تراخيص السلاح فى تلك الحالات. مضيفة أن المشروع الدستورى ألزم الدولة بتوفير الحياة الآمنة لكل مواطن فى مصر، وكل مقيم على أراضيها، باعتبارها من الحقوق الأساسية لكل إنسان، لافتة إلى أن استخدام السلاح المرخص بغير مبرر مشروع أو دون وعى بمخاطر وأضرار استخدامه، لايعد من مظاهر الحياة الآمنة، ويدخل فى ذلك اطلاق الأعيرة النارية للتباهى والتفاخر فى الأفراح والمناسبات الاجتماعية تعبيرا عن الفرحة أو المجاملة، لما لهذا التصرف من تعريض حياة المواطنين للخطر، الأمر الذى يجيز لمديرى الأمن ومساعدى وزير الداخلية إلغاء تلك التراخيص بحسبانها من الحالات الخطيرة التى تهدد أمن المجتمع واستقراره. دفعنا هذا الحكم إلى فتح ملف السلاح فى مصر خاصة غير المرخص والذى صار فى الآونة الأخيرة أحد أهم العقبات التى تهدد استقرار وسلامة المجتمع، نظرا لكونه بعيدا عن أعين الدولة وغير مدرج فى سجلاتها، الأمر الذى يشكل صعوبة بالغة فى ملاحقة مستخدمى هذه الأسلحة والقبض عليهم. اللواء فاروق المقرحى الخبير الأمنى يقول أن ماهو متعارف عليه ومتعامل به فى وزارة الداخلية منذ العمل فى تراخيص السلاح الذى يستخدم بغير الغرض المرخص به يتم مصادرته وإلغاء التراخيص، ولكن كان البعض يلجأ إلى القضاء ويحصل على حكم بإعادة تسليم السلاح وإعادة الترخيص له ما لم يكن هناك مانع آخر. ولكن بهذا الحكم الذى اصدرته محكمة القضاء الإدارى فقد وضعت تقليدا جديدا أن ما كان يتم بالداخلية من قرارات إدارية بإلغاء الترخيص لاستخدام السلاح فى غير الغرض المخصص له وهو الدفاع عن النفس أو المال أو أعمال الحراسة فى بعض الأحيان، فقد أصبح واقعا بحكم محكمة القضاء الإدارى الأخير، ويتم الاستناد إليه فى أسباب إلغاء التراخيص بعد ذلك، حيث إنه لم يكن هناك ترخيص لاستخ دام السلاح فى الأفراح والمناسبات، إنما ترخيصه لأغراض محددة. وأشار الخبير الأمنى إلى أن السلاح المرخص يعتبر على »سلاحليك الحكومة« أى أنه فى ضمان الدولة، لأنها وقت أن تطلبه تجده، موضحا أن الأصل فى الترخيص الإباحة طالما أن مبررات الترخيص قائمة وهى أولا الدفاع عن النفس إذا كان الشخص يقيم فى أماكن تقل فيها الحراسة، وغير آهلة بالسكان، وأن يكون ممن يحملون مبالغ كالتجارة ويتجولون بها فى البلاد، أو الدفاع عن الأرض لمن يمتلك مزرعة أو ماشية، وهذه مبررات الترخيص، أما من يطلب الترخيص للوجاهة أو للمظهرية فلا يتم الموافقة عليه، وهذا مايجب أن تبقى وزارة الداخلية عليه، مع عدم التضييق فى منح التراخيص إذا كانت المبررات قائمة. من ناحية أخري، يؤكد اللواء مجدى البسيونى ضرورة الاعتراف بوجود كم كبير من الأسلحة المتنوعة بكميات غير مسبوقة حيث إن ماتدفق منها من خلال منافذ غرب وجنوب مصر لايستهان بها وكانت اغلبها تتجه إلى سيناء حتى أصبحت هذه المحافظة وكأنه تم تعميرها بالأسلحة ونتج عن ذلك انتشار تجارة السلاح وظهور عناصر جديدة فى هذا المجال غير معروفة للشرطة نظرا لما اتسمت به هذه التجارة من أرباح عالية. مضيفا أن الطوفان من الأسلحة الآلية والثقيلة التى تدفقت إلى مصر، شملت جميع المحافظات خاصة منطقة سيناء، واستغلت فى ذلك حالة الانفلات الأمنى ومالحق بالشرطة من ضربات، وعندما تعافت الشرطة وتلاحمت مع القوات المسلحة والشعب، ظهرت الجهود فى ضبط كميات من الأسلحة خاصة الثقيلة والآلية، ترتب على ذلك ان اتجهت العناصر الإرهابية إلى الصناعة المحلية، فانتشر الخرطوش وأصبحت التجارة فيها بطريقة غير مسبوقة لاستخدامها فى التظاهرات والعمليات الإرهابية، وذلك لسهولة حملها وكثرة إصابتها، وقد شهد عام 2014 منذ بدايته وحتى اليوم نحو 32 ألف قطعة سلاح غير مرخص من أهمها مخزن أسلحة به 796 بنادق خرطوش بمديرية أمن مطروح، و 130 خرطوشا بداخل سيارة بالطريق الصحراوى الغربى و 28 سلاحا بالمنيا، وتم القبض على 1500 تشكيل عصابى وبحوزتهم مئات الأنواع والأشكال من الأسلحة غير المرخصة، كما تم ضبط خلية إرهابية أخيرا تشمل طلبة تتراوح أعمارهم مابين 16 و 18 سنة وبحوزتهم 5 فرد خرطوش مما يؤكد أن الخطورة فى الأسلحة الخرطوش غير المرخصة وأن العناصر غير معروفة وهو مايرهق الشرطة، ورغم ذلك فقد تمكنت الداخلية من ضبط العديد من هذه المصانع المحلية، فضبطت فى شهر ديسمير 23 مصنعا للأسلحة المحلية. وهنا يوضح اللواء مجدى البسيونى أن مكافحة هذه الجرائم تتم من خلال إعادة مناشدة الرئيس السيسى للأهالى بتسليم السلاح الآلى كما حدث فى سيناء ومطروح، مع صرف مكافأة رمزية ولتكن 5000 جنيه، مع الوعد بالترخيص لمن يستحق منهم ذلك، ومن يضبط بسلاح آلى بعد ذلك تتم إحالته إلى محاكمة عسكرية وفى اسرع وقت حتى يكون العقاب رادعا. أما بالنسبة لمصانع أسلحة الخرطوش والاتجار فيها، فتطلب المساندة الشعبية الواعية، مما تمثله من خطورة بالغة على الأرواح، وذلك من خلال الإبلاغ الفورى عن أى مصنع يقوم بتصنيع تلك الأسلحة والاتجار فيها. ويطالب الخبير الأمنى بحزمة من التشريعات وتغليظ العقوبات على كل من يحمل سلاحا غير مرخص وقامت قوات الأمن باطلاق العديد من المبادرات فى الصحراء الغربيةوسيناء لتسليم الأسلحة واثمرت عن رد فعل إيجابى من جانب العشائر فى هذه المناطق وهذا يعتبر توجها جيدا لابد وأن يسير بشكل متواز مع الملاحقات الامنية وتغليظ العقوبات.