ليس صحيحا أن النائب العام قرر إسقاط العقوبة الخاصة برجل الأعمال الهارب ممدوح إسماعيل، مالك العبارة «السلام 98»، لكن الحقيقة أن محكمة جنح مستأنف الغردقة أصدرت حكمًا قبل 8 أشهر بانقضاء الدعوى الجنائية ضد اسماعيل بعد مرور 3 سنوات على الحكم الصادر غيابيًا بسجنه 3 سنوات في قضية غرق العبارة. أما لماذا تم الآن تسريب خبر انقضاء عقوبة إسماعيل، وبالتزامن مع ظهور مذيع مشهور من اصدقائه على شاشة إحدى الفضائيات دفاعا عنه، فهذا لغز جديد من الغاز مالك العبارة الغارقة الكثيرة. والألغاز بدأت منذ غرق العبارة فى فبراير 2006، وهروب مالكها ممدوح إسماعيل الذى كان عضوا فى مجلس الشورى ومن رجال نظام مبارك المقربين، وتحول هذه الحادثة الضخمة التى راح ضحيتها أكثر من ألف شخص إلى مجرد جنحة، قضت المحكمة فى الدرجة الأولى ببراءة اسماعيل وفى الاستئناف بحبسه 3 سنوات فقط. ولم ييأس أهالى الضحايا وخلفهم الرأى العام المصرى الذى لم ينجح لوبى ممدوح اسماعيل الإعلامى فى تهدئة ثورته، وتقدم عدد كبير من أهالى الضحايا ببلاغ جديد عام 2009 لإعادة فتح التحقيق من جديد فى القضية على اعتبار أنها «جناية» وليست «جنحة»، وسرعة القبض على المتهم الهارب فى لندن. وتضمن البلاغ عشرات الوثائق التى كشفت عنها نتائج التحقيقات بعدة جهات رقابية وتؤكد ارتكاب المتهم لجرائم يعاقب عليها القانون، ارتكاب المتهمين لجناية التعريض عمداً لوسيلة من وسائل النقل العام المائية للخطر، والتسبب بطريق مباشر فى وفاة وإصابة أكثر من ألفى شخص، وما أسفرت عنه التحقيقات التى أجراها جهاز المدعى العام الاشتراكى فى البلاغ المقيد برقم 40 لسنه 2006 والتى أثبتت بالدليل القطعى: أن شهادات صلاحية العبارة مغايرة للواقع، وأن السفينة 98 كانت تسير بالمخالفة للقواعد والقوانين والاتفاقات الدولية الخاصة بسلامة السفن والملاحة البحرية.. وعدم صلاحية أدوات النجاة من قوارب ورماثات. وكذلك ما أسفرت عنه التحقيقات التى أجرتها النيابة الإدارية والتى جرى قيدها برقم 21 لسنة 2006 رئاسة الهيئة، والتى أكدت ذات المضمون وزادت عليها عدم وجود خطة معتمدة لمكافحة الحريق بالعبارة وتحميل العبارة بأعداد ركاب أكثر من المصرح به،وانسداد فتحات تصريف المياه جميعها مما أدى إلى تراكم المياه الذى أدى إلى زيادة ميل العبارة وغرقها. وما قد انتهى إليه تقرير اللجنة الفنية الدولية المشكلة بقرار من وزير النقل والذى انتهى إلى أن ملاك شركة السلام للنقل البحرى قد تعمدوا مخالفة القوانين واللوائح والقرارات وكافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وضربوا بها عرض الحائط، ولو أنهم التزموا بالاشتراطات الواجبة، لما كان لهذه العبارة أن تبحر أصلاً، وما كان لركابها أن يموتوا حرقى وغرقى بعرض البحر. وما أكدته التحريات التى أجرتها الرقابة الإدارية والتى انتهت إلى أن ممدوح إسماعيل صاحب شركة السلام للنقل البحرى قد هيمن بنفوذه على مجموعة من موظفى الدولة بقطاع النقل البحرى بوزارة النقل واستطاع بالتواطؤ معهم فى استخراج شهادات مزورة يفاد منها سلامة السفينة 98 وسلامة معدات الإنقاذ بها، وقد ثبت أن ممدوح إسماعيل هو نفسه صاحب شركة تلى ستا المحظور التعامل معها أصلاً، وقد أصدرت تلك الشركة شهادات مزورة يفاد منها صلاحية الرماثات، وكذلك فعل مع شركة السنوسى لصيانة الرماثات، وأن ممدوح إسماعيل نفسه هو صاحب توريد وصيانة معدات وأجهزة الحريق التى ثبت عدم صلاحيتها. إلى جانب النتائج التى أفضى إليها التقرير النهائى الذى أعدته لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب من أن هذه الكارثة قد كشفت عن مدى التهاون والإهمال الذى يصل إلى حد العمد، لا سيما إهمال هيئة السلامة البحرية فى تطبيق القواعد المنصوص عليها فى القوانين والمعاهدات الدولية لضمان سلامة الركاب،وثبوت عدم التزام شركة السلام للنقل البحرى التى تتبعها العبارة الغارقة بأساليب الإدارة الآمنة المنصوص عليها فى قانون التجارة البحرى وقانون السفن رقم 232 لسنه 1989 ومدونة الإدارة الآمنة الصادر من هيئة الملاحة البحرية الدولية. وعقب قيام ثورة 25 يناير مباشرة، ظن الرأى العام أن الوضع سيتغير بعد أن سقط النظام الذى كان يحمى المتهمين، وتقدم بعض أهالى الضحايا مجددا ببلاغات إلى نيابة البحر الأحمر ضمت 21 مستندا من بينهما شهادة موثقة بالشهر العقاري تفيد أن قبطان العبارة «سيد عمر» مازال علي قيد الحياة ومن بين الناجين ولم يغرق كما ذكر من قبل. وفى عام 2013 تقدم بعض المحامين ببلاغات أخرى بشأن نفس القضية، ناهيك عن مئات المناشدات للسلطات فى جميع العهود لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة ممدوح اسماعيل من لندن، وإدراج اسمه بالنشرة الحمراء للانتربول، لكن لغز ممدوح اسماعيل بقى كما هو حتى سقطت عقوبة الجنحة بمضى المدة. وإذا كان بعض محامى الضحايا عاكفين الآن على إعداد بلاغ جديد يثبت وقوع جرائم تقع تحت بند الجنايات وليس الجنح، واستغلال أن قانون الإجراءات الجنائية لا يسقط التحقيق والمحاكمة فى جرائم الجنايات إلا بعد 10 سنوات من تاريخ ارتكاب الجريمة، وهى الفترة التى لم تمض حتى الآن على تاريخ حادث غرق العبارة وما صاحبه من جرائم أخرى، فإن مثل هذه الحوادث لاينساها الرأى العام بالتقادم، وتظل فى وجدانه دائما، حتى يرى فصل الختام فيها أمام المحكمة الإلهية يوم القيامة. # كلمات: أن تبتسم ثلاث مرات فى اليوم يغنيك عن كل دواء. مثل صينى لمزيد من مقالات فتحي محمود