أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين متحديا أن بلاده قادرة على تجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة وانهيار العملة الوطنية، متهما الغرب ببناء «جدار جديد» فى أوروبا، وذلك فى الوقت الذى عقد فيه قادة الاتحاد الأوروبى أمس قمة تركزت على العلاقات المتوترة مع روسيا والعقوبات المفروضة عليها بسبب أنشطتها فى أوكرانيا. واتهم بوتين فى المؤتمر الصحفى السنوى الغرب بالتصرف «كإمبراطورية تتحكم فى أتباعها». وقال الرئيس الروسى ردا على سؤال حول أجواء المواجهة بين موسكو والغرب : «إنه جدار افتراضى .. لكن تشييده بدأ». وأضاف «الدرع الصاروخية بالقرب من حدودنا، أليست جدارا؟ شركاؤنا قرروا أنهم المنتصرون وأنهم إمبراطورية، والآخرون ليسوا سوى أتباع لهم يجب التحكم فيهم». وأوضح أن العقوبات التى فرضها الغرب ضد بلاده ساهمت فقط بنسبة لا تزيد على30٪ فى المشكلات الاقتصادية الروسية الراهنة. وأكد بوتين أن روسيا ستعود إلى النمو فى غضون عامين فى أسوأ الاحوال، وذكر أن الاحتياطيات اللازمة موجودة ومنها 419 مليار دولار لدى البنك المركزى وما يزيد على ثمانية تريليونات روبل الاحتياطى الحكومي، وقال إن ذلك لا يعنى عدم الاهتمام بتنويع مصادر الدخل والاقتصاد القومي، وكشف عن أن ميزانية العام المقبل تتضمن زيادة الدخل القومى عن المصروفات بنسبة 1،9٪. وعزا الرئيس الروسى الأزمة الحالية إلى عوامل خارجية ومنها انخفاض أسعار البترول التى قال إنها قد تؤثر لاحقا على الأوضاع الاقتصادية، لكنه أكد فى الوقت نفسه ضرورة أخذ ذلك فى الحسبان ومواجهة الأزمات المرتقبة بالكثير من القرارات الصائبة. وفى هذا الشأن قال بوتين إنه راض عن أداء الحكومة والبنك المركزى وما اتخذاه من قرارات لمواجهة الأزمة الراهنة. وحول الأزمة الأوكرانية، أدان بوتين الهجوم الذى تشنه كييف على الانفصاليين الموالين للروس فى شرق أوكرانيا ووصفه بأنه «عملية عقابية»،وقال بوتين إنه «بعد الانقلاب الذى قامت به القوة المسلحة فى كييف»، لم ترغب السلطات الأوكرانية الجديدة فى إجراء حوار مع الشرق الموالى لروسيا لكنها «أرسلت الشرطة ثم الجيش عندما لم يكف ذلك، والآن فرضوا حصارا اقتصاديا». وحول ضم القرم، قال بوتين إن ما يحدث ضد روسيا ليس ردا على استعادة شبه جزيرة القرم، بل هو ثمن لتمسك روسيا باستقلالية القرار ورفضها لهيمنة القوى الخارجية. يأتى ذلك فى الوقت الذى واصل فيه الروبل أمس انتعاشه مع فتح الأسواق المالية فى موسكو بعد التدهور التاريخى الذى سجله الاثنين والثلاثاء الماضيين ، وذلك بعدوقت قليل من مؤتمر بوتين الصحفي. فى الوقت نفسه، قال وزير الاقتصاد الروسى أليكسى أوليوكاييف لصحيفة فيدوموستى إن العقوبات التى فرضها الغرب على روسيا بسبب دورها فى الأزمة الأوكرانية ستستمر على الأرجح «لفترة طويلة جدا» ربما لعشرات السنين. من جانبها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ضرورة الإبقاء على العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا طالما ظلت روسيا تنتهك القيم الغربية فى تعاملها مع الأزمة الأوكرانية. وقالت ميركل فى بيان لحكومتها أمس بشأن القمة الأوروبية إن أوروبا لا تستطيع ولن تسمح لنفسها بأن تنتهك روسيا مبادئ القانون والاحترام والشراكة. وأكدت ميركل أيضا أن الاتحاد الأوروبى يسعى للتعامل بشكل مشترك مع روسيا وليس ضد روسيا. وذكرت مصادر مطلعة أنه من المتوقع أن يقر زعماء القمة التى يرأسها للمرة الأولى رئيس الوزراء البولندى السابق دونالد تاسك خطة استثمار ضخمة ب315 مليار يورو - 380 مليار دولار - كشف عنها فى الشهر الفائت رئيس المفوضية الأوروبية الجديد جان كلون يونكر، بالرغم من توقع نقص السيولة اللازمة لإنعاش الاقتصاد الأوروبي. وقال دبلوماسى أوروبى «سيكون الوضع الاقتصادى الروسى ماثلا فى أذهان الجميع»، وأكد عدد من المصادر الأوروبية أنه سيتم تخصيص محادثات لبحث «استراتيجية» حيال موسكو. وذكر دبلوماسى آخر أنه لن يتم إقرار عقوبات جديدة فى قمة بروكسل نظرا إلى أن الاتحاد الأوروبى «ليس فى ذهنه التشدد».