تم اتهام عبد المسيح وعبدالرحمن وجمال بسرقة خمسة أرغفة وتقرر تشكيل فريق بحث من ضباط البحث الجنائى فى إحدى قرى بنى سويف الفقيرة، فتبين ان السارق هم الأطفال الثلاثة.. نجح الفريق فى ضبطهم وإحضارهم وإرسال القضية الى محكمة جنح الأطفال، و على الرغم من أن محكمة الجنح أمرت بتسليم الأطفال الثلاثة الى ذويهم ، لا زالت القضية مستمرة منذ عام2012، والآن وصل أخطار بتحديد جلسة استئناف للطفل "البائس" عبد المسيح! يقول عبد المسيح عن الواقعة، فى احد الايام خرجنا من المدرسة انا وأصدقائي وكنا نبحث عن خبز لشعورنا بالجوع وبالصدفة وجدنا كيس عيش معلق على باب احد المنازل..اخذنا الكيس وأكلنا العيش! وبعد ذلك مسكونا وسلمونى لقسم الشرطة! ليست هذه نسخة مصرية جديدة في فيلم سينمائي عن رائعة "فيكتور هوجو" " البؤساء". ولا "عبد المسيح" وحده هو "جان فالجان" المصرى الصعيدى، الذى يعانى أهله من ضيق ذات اليد فلا يملكون منحه طعاماً يأكله حين الجوع أثناء الدراسة، إذ يبدو أن العالم لا يريد أن يخلوا أبدا من هذه الرواية التى يعيشها فى كل زمان ومكان أبطالٌ من دمٍ ولحمْ... كتب فكتور هوجو رواية البؤساء ونشرها عام 1862، و هى لازالت تعد من أشهر روايات القرن التاسع عشر، حيث يصف الكاتب وينتقد الظلم الاجتماعي في فرنسا فى الفترة بين سقوط نابليون عام 1815 والثورة الفاشلة ضد الملك لويس فيليب عام 1832. في مقدمة الكتاب، كتب "هوجو" "تخلق العادات والقوانين في فرنسا ظرفاً اجتماعياً هو نوع من جحيم بشري، فما دام يوجد لامبالاة وفقر على الأرض فإن كتباً كهذا الكتاب ستكون دائما ضرورية ". تبدأ الرواية عام 1815 في مدينة "دوني" الفرنسية، حيث كان جان فالجان قد أُطلق سراحه للتو بعد تسعة عشر سنة قضاها مسجونا في سجن طولون، خمسة منها عن سرقته رغيف خبز لأخته وأطفالها الذين يتضورون جوعا، وأربعة عشر سنة أخرى عن محاولاته العديدة للهرب. يستضيف أسقف مدينة "دوني" شارل ميريل "فالجان" في بيته كعابر سبيل، وفي الليل يهرب "فالجان" سارقاً أواني فضية من بيت الأسقف، وعندما تقبض عليه الشرطة، يتظاهر "ميريل" بأنه هو من أعطى هذه الفضيات لجان فالجان، ويصر علي أن يأخذ "فالجان" شمعدانين فضيين أيضا، معاتباً إياه على نسيانه لهما بالأمس قبل رحيله... تقبل الشرطة هذا التبرير وتمضي، بعدها يخبر "ميريل" جان فالجان بأن حياته قد وُهبت لله، وأن عليه أن يستخدم المال الذي يحصل عليه من بيع هذه الفضيات ليجعل من نفسه رجلاً صالحا... هذا العفو من رجل الدين كان سبباً فى أن يتحول هذا السارق إلى رجل صالح يهب حياته لفعل الخير، فماذا يا تُرى سوف يحدث لطفل سرق رغيف خبز لشعوره بالجوع وتم تطبيق القانون عليه، فى وقت يرى أن هناك من ينجو بفعلته دائماً إذا كان يجيد الشر.؟!! سؤال يتردد فى عقلي بعد قراءة خبر القبض على الطفل عبد المسيح، تُرى، كيف ستنتهي النسخة المصرية الواقعية لو أردنا كتابتها من "البؤساء"... [email protected] لمزيد من مقالات أحمد محمود