يمر العالم بالعديد من الصراعات، وتلعب القدرة العسكرية للدول الدور الأكبر فى حسمها أيا كانت- فالسلاح هو الورقة الرابحة، وفى الشرق الأوسط تتعرض تلك المنطقة الحيوية لهجمة شرسة من الارهاب المنظم، وحروب داخلية، وثورات، ومؤامرات خارجية عديدة لتقسيمها وتدمير جيوشها، وجاءت هذه الصفحة لتلقى الضوء على تلك الصراعات وتكشف العديد من الحقائق التى تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى المصرى. يزداد الوضع اشتعالا يوميا فى منطقة الشرق الاوسط وذلك بسبب تنظيم داعش الارهابى فى سورياوالعراق، وانصاره فى مناطق اخرى مختلفة، فقد ادخل هذا التنظيم الدموى المنطقة فى حرب ضروس بل انه فتح المجال للتدخلات العسكرية الاجنبية من خلال التحالف الدولى لمواجهته، وهو الامر الذى فتح مجالا لعودة الوجود العسكرى الأجنبى بالمنطقة، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد فقط ولكنه فتح مجالا لايران ان تتدخل فى العراق و سوريا عسكريا، من خلال طلعات جوية لضرب عناصر التنظيم الارهابي، الوضع الذى قد يغير من طبيعة الصراع فى المنطقة من جديد. فى البداية لا يمكن ان ننكر ان ايران متغلغلة بشكل كبير فى دولة العراق وذلك منذ احتلال القوات الامريكية للعراق فى عام 2003، حيث وجدت ايران فى ذلك الوقت الفرصة سانحة للوجود فى الاراضى العراقية وبخاصة فى منطقة الجنوب التى تعتنق المذهب الشيعي، بل انها فتحت مكاتب خاصة بها للمساعدات وهى فى الغالب مخابراتية، ومن اجل تجنيد العديد من اهل العراق وتكوين ميليشيات للدفاع عن المصالح الايرانية فى تلك المنطقة، وكان لها ما ارادت، وبمباركة امريكية لانها تركت الساحة خاوية فى الجنوب العراقي، ومع عدم التدخل البريطانى فى الشأن العراقى بشكل كبير حيث ان بريطانيا كانت المسيطرة على مناطق الجنوب. ومع ظهور الارهاب فى سوريا ووجود عناصر مسلحة ترغب فى اسقاط الدولة السورية وقفت الادارة الايرانية بجانب النظام السورى ، بل إنها أرسلت قوات من الحرس الثورى الايرانى للقتال بجانب الجيش العربى السوري، وذلك طبقا لاتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين، لمواجهة الاخطار والتهديدات. ومع وجود نظام داعش ومحاولات تغلغله فى الاراضى العراقية والسورية، طورت ايران من ادائها العسكرى وذلك بعد مشاركتها فى قصف مواقع لتنظيم داعش فى العراق، وذلك فى اطار ان الدولة الايرانية اصبحت مصالحها مهددة داخل العراق فى الوقت الحالي، فى ظل التنظيم الداعشى الذى يسعى الى عمليات التطهير المذهبى والعرقى فى العراقوسوريا، وكان لايران هذا الموقف الذى ربما يزيد الموقف اشتعالا اكثر واكثر. ان التحالف الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدةالامريكية لضرب تنظيم داعش الارهابى لم يحقق حتى الآن نجاحا على الارض بل ان الموقف اصبح يزداد تعقيدا، فعدد الطلعات الجوية ضعيف جدا بالنسبة لتحالف دولى اذا ما قورن بأى عمليات عسكرية اخرى ضد دول عديدة كيوجوسلافيا فى تسعينيات القرن الماضي، او حتى ليبيا ابان الثورة على نظام القذافي، بل على العكس ان التحالف يلقى بالسلاح على انصار تنظيم داعش بدلا من المقاتلين ضد التنظيم الارهابي. من المعروف عسكريا انه لا يمكن تدمير قوة على الارض دون المواجهة البرية، فمهما تم تنفيذ عمليات جوية لن تفى بالغرض المطلوب لتحقيق مكاسب على الارض، وهو ما تنفذه عناصر الجيش العراقى فى الوقت الحالي، اما بالنسبة لسوريا فهناك مؤامرات عديدة ضد الدولة السورية، فعلى الرغم من تعرضها بشكل مباشر لمخاطر من تنظيم داعش وميليشيات مسلحة اخرى إلا ان الغرب لا يرغب فى سيطرة النظام على الارض فى سوريا لذا فيتم تسليح ما يطلق عليه الجيش الحر السوري، الذى لا يعرف لمن ينتمى ولمصلحة من يحارب، فأصبح تنظيم داعش وما يسمى الجيش الحر يقاتلان الجيش العربى السورى فى نفس الوقت الامر الذى يزيد المشهد ارتباكا، بل يزيد من قوة تنظيم داعش. ان الوضع فى المنطقة يزداد تعقيدا، فتطور الاحداث على الارض قد يفتح مجالا لحرب طائفية اقليمية ستجر فيها العديد من الدول، وذلك بسبب الاخطاء الفادحة التى فى الغالب تكون مقصودة من قبل الولاياتالمتحدة والغرب لتدير المنطقة واعادة صياغة سيناريو جديد لها، لذا فتدخل العديد من الاطراف فيما يحدث عواقبه وخيمة.