رغم الإجراءات التى اتخذتها الدولة خلال الفترة الماضية قبل ثورة 25 يناير وبعد 30 يونيو للحفاظ على أملاك الهيئات والوزارات المختلفة إلا أن الأراضى الفضاء الواقعة فى شمال المحافظة بمركزى البرلس ومطوبس، على جانبى الطريق الدولى الساحلى وساحل البحر المتوسط فى نطاق المحافظة بامتداد 118 كيلو مترا، والتي تصل مساحتها إلى 45 ألف فدان، تشهد حربا حقيقية، وصراعا شرسا بين الأباطرة والحيتان من ناحية، وبين محافظة كفر الشيخ وهيئة الأوقاف من ناحية أخرى للاستيلاء على هذه الأراضى. يأتى ذلك فى ظل صراع آخر حكومى بين محافظة كفرالشيخ والأوقاف، حيث تدعى كل جهة ملكيتها لهذه الأراضى التى عانت من الإهمال الشديد والتعدى عليها لفترات طويلة. وقد كانت هذه الأراضى مهملة لأكثر من 100 عام سابقة ، ولم يفكر أحد فى تنميتها أو حمايتها من التعدى، وذلك نظرا لصعوبة الوصول إليها فى الماضى حتى تم إنشاء الطريق الدولى الساحلى منذ عدة سنوات، وكذلك رافد الطريق الدولى الساحلى بلطيم كفر الشيخ، فتحولت هذه الأراضى إلى كنز ومطمع للجميع، وأصبح الصراع عليها كأنه حرب حقيقية بعد تنافس واضعى اليد عليها من أهالى المنطقة والمحافظة والأوقاف والحيتان والكبار الذين حصلوا على عقود من الأوقاف بتأجير مساحات شاسعة من هذه الأراضى، ورفضت المحافظة هذه العقود واعتبرتها كأنها لم تكن، مما أدى إلى لجوء البعض إلى القضاء وحصل بعضهم على أحكام قضائية بأحقيتهم فى هذه الأراضى، ولم يتم تنفيذ هذه الأحكام خاصة فى ظل ادعاء المحافظة بأن هذه الأراضى وجميع الأراضى الواقعة فى شمال المحافظة هى من أملاك الدولة، وادعاء هيئة الأوقاف بأن هذه الأراضى ملك للهيئة بموجب الحجج الشرعية "ومنها حجة سيدى منان وحجة الأشعرى" والأحكام القضائية الصادرة لها فى هذا الشأن، وأن من حقها هى وحدها استثمار هذه الأراضى أو تأجيرها لمن ترغب. إلا أن المحافظة قد رفضت ذلك بصفة مطلقة، وخاصة خلال فترة تولى المهندس أحمد زكى عابدين وزير التنمية المحلية الأسبق مسئولية العمل كمحافظ لمحافظة لكفر الشيخ سابقا، والذى فوجئ بعد عدة أيام فقط من توليه موقعه بالمحافظة بأحد الأشخاص من الكبار يدخل عليه مكتبه وبحوزته عقد رسمى من هيئة الأوقاف بملكيته لمساحة 2500 فدان من الأراضى الواقعة على الطريق الدولى الساحلى فى نطاق مركز البرلس، وطلب من المحافظ تمكينه من تسلم هذه المساحة، إلا أن المحافظ طلب منه مهلة لمعرفة حقيقة هذا العقد، وبالسؤال عنه فى هيئة الأوقاف تبين أن هذا العقد سليم، وقد صدر بطريقة شرعية من هيئة الأوقاف ورفض عابدين تسليمه هذه المساحة، مؤكدا أن الأرض أملاك الدولة وليس ملك الأوقاف . كما اكتشف المحافظ قيام الهيئة بتأجير مساحات شاسعة من الأراضى الواقعة على الطريق الدولى الساحلى سواء للأشخاص أو الجمعيات أو الهيئات أو الكبار بعقود رسمية صادرة من الهيئة دون الرجوع إلى المحافظة، وعدم معرفتها بهذه العقود. وعلى الفور رفض المحافظ السابق الاعتراف بهذه العقود أو تنفيذها، إلا أنه فوجئ بحرب حقيقية وصراع شديد على هذه الأراضى، خاصة بعد أن نجح البعض فى الحصول على مساحات كبيرة منها وقام بوضع يده عليها، ومنهم مسئولون سابقون وكبار الشخصيات، وقد أصبحت هذه الأرض مطمعا للجميع، وذلك لعدم تحديد الولاية لأى جهة سواء للمحافظة أو هيئة الأوقاف، خاصة فى ظل قيام هيئة الأوقاف بتأجير مساحات شاسعة منها دون معرفة المحافظة أو الرجوع إليها برغم حاجة المحافظة لهذه الأراضى لإقامة المشروعات الجديدة عليها من مناطق صناعية واستزراع سمكى، نظرا لطبيعة الأرض الرملية والجبلية فى هذه المناطق والتى لاتصلح إلا لهذه المشروعات. الغريب أن هيئة الأقاف قامت برفع دعوى قضائية ضد محافظة كفرالشيخ للمطالبة بمبلغ 10 ملايين جنية ثمن الأراضى المقام عليها مستشفى كفرالشيخ العسكرى بحجة أن الأرض المقام عليها المستشفى ملك للهيئة، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل قام عدد من الحيتان بالاستيلاء على مساحة كبيرة من بحيرة البرلس ببلطيم والرياض وبمنطقة الشخلوبة بمركز سيدى سالم من البحيرة، وتم تحويلها إلى مزارع خاصة بهم، وردم مساحات منها والتعدى عليها، وذلك عن طريق الحصول على عقود تأجير من هيئة الثروة السمكية. كما توجد مساحات كبيرة من الأراضى التابعة لأملاك الدولة بمركزى الرياض وسيدى سالم، وهى أراض مقام عليها المزارع السمكية بقيمة إيجارية 2500 جنيه للفدان الواحد، وتصل مساحتها لأكثر من 20 ألف فدان، منها مساحات كبيرة واقعة على رافد الطريق الدولى الساحل بلطيم كفر الشيخ، وهى تعتبر من أملاك الدولة التى يتم التعامل عليها بحق الإيجار السنوى للمنتفعين الذين حصلوا عليها منذ أكثر من 40 عاما بنظام الإيجار، ومازالت بحوزتهم هى ومساحات أخرى بمراكز المحافظة الأخرى، سواء من الأراضى الزراعية أو أملاك الدولة أو المزارع السمكية، بالإضافة إلى أراضى الإصلاح الزراعى ووزارة الزراعة بالمحافظة والتى تشهد العديد من حالات التعدى عليها. ويطالب المنتفعون من أبناء المحافظة بتقنين أوضاعهم وبيع هذه المساحات لهم خلال الفترة المقبلة، نظرا لارتفاع القيمة الإيجارية لهذه الأراضى ودخول العديد من هذه المساحات ضمن التخطيط الجديد للقرى والمدن، حيث أصبحت مساحات كبيرة منها داخل الحيز العمرانى الجديد، مما أدى إلى ارتفاع ثمنها خلال هذه الفترة أكثر من 10 أضعاف. وبعد تولى المستشار محمد عزت عجوة مسئولية المحافظة قام بعقد اجتماع بديوان عام المحافظة مع رئيس هيئة الأوقاف المصرية لحل الخلاف بين المحافظة والهيئة حول هذه الأراضى، ووضع تصور عاجل لاستغلال هذه المساحات الشاسعة فى إقامة المشروعات القومية الكبرى للمساهمة فى التنمية الاقتصادية الشاملة بدلا من تركها مهملة ومطمعا لمافيا التعديات، فهل يتم استغلال هذا الأراضى فى عمليات التنمية ونبذ الخلاف بين الهيئة والمحافظة للحفاظ على هذه الأراضى من الضياع.