يقول الشاعر ولم أر في عيوب الناس شيئا.. كنقص القادرين علي التمام كأن يبدأ شخص في تعلم لغة أجنبية ثم يتوقف قي منتصف الطريق أو يبدأ في ممارسة نوع من أنواع الرياضة البدنية كرياضة التنس أو السباحة. ويقطع شوطا لا بأس به في ممارستها, ولكنه لا يستمر, بل يتوقف أيضا في منتصف الطريق, أو يبدأ في إنقاص وزنه ويحقق نجاحا ملموسا, ولكنه لا يواصل إلي ان يبلغ الهدف المنشود ويحافظ عليه.. أشياء كثيرة في حياة الإنسان يبدؤها ولا يتمها.. وتكون النتيجة أنه لا حقق ما كان يرجوه, ولا وفر علي نفسه الجهد الذي بذله, ولا الوقت الذي استنفده, وربما المال الذي أنفقه في المشروع الذي كان بصدده.. وما السبب؟ الملل في أغلب الأحيان, أو فتور الهمة, نتيجة لما يظنه الشخص أن الطريق مازال طويلا أو أن النتيجة غير مضمونة, مع أنه في البداية كان متحمسا أشد الحماس, وبذل جهدا كان حريا به أن يوصله لنهاية الطريق لو أنه لم يفقد الحماس و أدار ظهره لمشروع كان قيد النجاح.. فالوصول إلي نتيجة يتطلب الصبر والتصميم, فبدون الصبر لن نواصل, وبدون التصميم لن نصل.. ويظل الجهد الذي بذلناه معلقا في الهواء.. وإذا كان الأمر لازما هكذا بالنسبة لمشروعات الدنيا, فهو أكثر لزوما بالنسبة لمشروع الأخرة.. فمنهم من ينتظم في الصلاة ويؤديها في أوقاتها, ثم يبدأ في التراخي والتكاسل وعدم الانتظام, وقد يصل به الأمر أن يتوقف عن أدائها كلية.. أمر الأخرة أكثر إلحاحا من أمور الدنيا, ويتطلب الصبر والتصميم علي بلوغ الهدف وهو دخول الجنة, فبالصبر علي الطاعات ندخلها, وبه تهنئنا الملائكة لدي دخولها سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار( الرعد24) ولو أننا لم نتحل بالصبر والتصميم, وأصابنا الملل فتوقفنا في منتصف الطريق فلا عزاء لنا, لأنه لاشيء نحصل عليه بالمجان.. لا في الدنيا ولا في الأخرة.. والله يحمد لنا الصبر ويعيننا عليه إن كنا جادين إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير( هود11).. فإذا كنا قد بدأنا شيئا ولم نصبر عليه, ولم نصر علي المضي فيه إلي النهاية, فلنستفد من التجربة ولا نكررها أبدا.. أنا أتحدث هنا عن أي تجربة, وبغير تخصيص.. فالإقدام علي تجربة ما يتطلب أن نعي جيدا ملابساتها, وما إذا كنا جاهزين لدفع الثمن.. ولا أقصد بالثمن التكلفة المادية وحدها.. حياتنا أمانة في أعناقنا, وعلينا أن نصل إلي غاياتنا- وبخاصة الجادة منها- بعزم وتصميم ومثابرة, وألا نتعجل النتائج, لأن تعجل النتائج من شأنه أن يجهض أي مشروع, فإذا ما استبطأنا النتيجة, ووهنت عزيمتنا, فلن نحقق شيئا لدنيانا ولا لأخرانا..