سوف تستمر الأزمة السورية تستنزف الشعب السوري في حمام دم لا يبدو أن له نهاية قريبة, في ظل إصرار نظام الحكم علي نجاح الحل الأمني وتقويض الانتفاضة مهما يكن الثمن باهظا, بعد أن تجاوز عدد القتلي 6 آلاف شهيد وتعذرت فرص الحوار بين الحكم والمعارضة المنقسمة علي نفسها, تريد قواها الخارجية تدخلا عسكريا أجنبيا يزيح حكم بشار ويسلم مقاليد السلطة للمجلس الوطني السوري!, وفي ظل حماس السعودية ودول الخليج لتسليح معارضة الداخل المتمثلة في الجيش السوري الحر, بعد أن أصبح من المستحيل إصلاح نظام الحكم الذي أمعن في تقتيل شعبه, ويسعي إلي القضاء علي المنشقين عن الجيش في مناطق عديدة أبرزها حمص وحماة ودرعا وادلب والزبداني وريف دمشق بدعم واضح من موسكو! وبرغم نقائض مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في تونس أخيرا, ولم يسفر سوي عن إصدار بيان مكرر يطالب بتشديد العقوبات علي سوريا ومحاولة توحيد المعارضة وبحث إمكانية تسليحها, فان المؤتمر يمثل خطوة مهمة في تنظيم جهود 70 دولة شاركت في أعماله جميعها يساند فكرة عزل سوريا والعمل علي تنفيذ قرار الجمعية العامة الذي صدر بموافقة أكثر من 140 دولة, تساند المبادرة العربية التي تدعو إلي بدء فترة انتقالية ونقل سلطة الحكم إلي نائب الرئيس بشار كما حدث في اليمن. ويكمل هذه الصورة تفاصيل أخري مهمة ترسم الجانب الآخر, تؤكد أن المؤسسة العسكرية السورية لا تزال متماسكة لم ينفرط عقد قياداتها العليا برغم الانشقاقات التي وقعت داخلها, وان بشار الأسد لا يزال يتمتع بمساندة نسبة من السوريين تقرب من 30 في المائة من السكان, كما يؤكد بعض الدارسين, وأن هذه النسبة تضم الطبقة الوسطي في دمشق وحلب ومدن الساحل السوري الذين يقلقهم غياب بديل واضح لحكم بشار يمكن الاطمئنان إليه, كما تضم جموع العلويين ومعظم الطوائف المسيحية ونسبة غير قليلة من أقليات الكرد والدروز, يقلقهم أن تنتشر أعمال الفوضي والثأر والانتقام وأن تطال الأقليات كما حدث في العراق!.., وحتي في نطاق هذه النسبة ثمة أغلبية كبيرة لن تصوت لصالح دستور بشار الجديد الذي ينص علي التعددية الحزبية وينهي احتكار حزب البعث للحكم, لأن الدستور الجديد يكرس كل السلطات في يد الرئيس, ويمكنه من أن يبقي في الحكم فترتين جديدتين بما يعني أن بشار يمكن أن يبقي في الحكم حتي عام 2024, الأمر الذي يؤكد أن الرئيس السوري يعيش في واد وشعبه في واد آخر وأن الفجوة بينهما واسعة وعسيرة يصعب ردمها. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد