اليوم.. آخر موعد للترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    أسعار الخضراوات فى الأسواق حول الأقصر.. اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    البرتقال 40 جنيها والجوافة 35.. أسعار الفاكهة فى أسواق الأقصر    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 15 أكتوبر    تراجع أسعار النفط وسط توقعات بوجود فائض في المعروض العام المقبل    هيئة البث الإسرائيلية: 600 شاحنة مساعدات تدخل غزة مع إعادة فتح معبر رفح    اجتماع لوزراء دفاع الناتو والاتحاد الأوروبي بعد انتهاكات جوية روسية    اليوم.. المغرب يواجه فرنسا في نصف نهائى كأس العالم للشباب    انتظام حركة قطارات السكة الحديد بسوهاج بعد خروج عربتين من قطار 990 دون إصابات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بطريق إسكندرية الصحراوى    السجن 5 سنوات لمتهم بإرسال صور مخلة لمعلمة بقنا    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 15-10-2025 بعد الانخفاض الأخير.. كم سجل عز الآن؟    عاجل- إسرائيل تقرر فتح معبر رفح لنقل المساعدات إلى غزة بعد إعادة رفات 4 محتجزين    مسلسل ولي العهد الحلقة 1 تتصدر الترند.. ما السبب؟    طن الشعير الآن.. أسعار الأرز اليوم الأربعاء 15-10-2025 ب أسواق الشرقية    أسعار الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض الأبيض والأحمر الأربعاء 15 أكتوبر 2025    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025.. تعرف على موعد الأذان في محافظة المنيا    تسجيل أول إصابة محلية بفيروس شيكونجونيا في الولايات المتحدة منذ 6 سنوات    قمة «شرم الشيخ للسلام»    الفيلم السعودي «تشويش» يواصل حصد الجوائز عالميًّا    كل ما تريد معرفته عن سكر الدم وطرق تشخيص مرض السكري    طرق متنوعة لتحضير البيض المقلي بوصفات شهية للإفطار والعشاء    اليوم، غلق لجان تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    نتنياهو يحذر: إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق "ستفتح أبواب الجحيم"    العكلوك: تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ 70 مليار دولار.. ومؤتمر دولي مرتقب في القاهرة خلال نوفمبر    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    ياسمين علي تتصدر تريند جوجل بعد بيانها الحاسم حول شائعة زواجها وطلاقها    داليا عبد الرحيم تهنئ القارئ أحمد نعينع لتعيينه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    ترامب يلغي تأشيرات أجانب سخروا من اغتيال تشارلي كيرك    الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر    الزمالك يجهز محمد السيد ومحمود جهاد للسوبر المصري    قرار عاجل في الأهلي بشأن تجديد عقد حسين الشحات    في شهر الانتصارات.. رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال تطوير مستشفى سيد جلال    هيئة الدواء: تصنيع المستحضرات المشعة محليًا خطوة متقدمة لعلاج الأورام بدقة وأمان    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمورة يوجه ضربة ل صلاح، ترتيب هدافي تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026    بالفوز على كينيا وبدون هزيمة، كوت ديفوار تحسم تأهلها رسميا إلى مونديال 2026    رونالدو يتألق بثنائية وسوبوسلاي يحرم البرتغال من التأهل المبكر للمونديال    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في العام الحالي    اليوم، إغلاق الزيارة بالمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي    بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا    تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم بعد صعود إنجلترا والسعودية    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    دماء في أم بيومي.. عجوز يقتل شابًا بطلق ناري في مشاجرة بقليوب    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    اليوم.. أولى جلسات محاكمة الراقصة ليندا بتهمة نشر فيديوهات خادشة    العربية تهشمت، حادث مروع لسيارة الفنانة هالة صدقي بالشيخ زايد    معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافتنا معادية للمرأة
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 03 - 2010

أعتقد أن التخلف الملازم لثقافتنا السائدة هو سر كوارثنا وتراجعنا المستمر حتي عن الخطوات الحضارية التي دفعتنا إلي الأمام‏,‏ في الزمن الذهبي لليبرالية المصرية‏,‏ حيث حققنا من الإنجازات‏,‏ علي كل المستويات وفي كل المجالات‏,‏ ماجعل مصر رائدة النهضة العربية وقائدة التقدم العربي‏.‏ فكانت مظاهرة هدي شعراوي ضد الاحتلال البريطاني‏,‏ في مارس‏1919,‏ المظاهرة النسائية العربية الأولي في القرن العشرين‏,‏ وقبلها كان إنشاء الخديو إسماعيل‏,‏ بتأثير من زوجه‏,‏ المدرسة السنية للبنات أولي المدارس العامة للبنات في العالم العربي‏,‏ وذلك بالقدر الذي كان اتحاد النساء المصريات وانضمامه إلي اتحاد النساء العالمي‏,‏ سنة‏1923,‏ أولي السوابق العربية في مدي التنظيمات النسائية العربية‏,‏ وقس علي ذلك الجامعية الأولي والمحامية الأولي والوزيرة الأولي‏.‏ إلخ ولكن للأسف اجتمعت عوامل أدت بثقافتنا المصرية العربية إلي الانحدار المستمر‏,‏ فانهارت مكانة مصر الثقافية‏,‏ وشاعت فيها ثقافة التخلف التي لاتزال تقتطع من مساحات ثقافة التقدم التي أصبحت غريبة مقموعة في بلادنا‏,‏ فأصبحنا نري أشكالا من التمييز ضد المرأة‏,‏ والعداء للفنون‏,‏ ورفض الآخر‏,‏ والاحتقان الطائفي‏,‏ تسير في موازاة الكوارث الاقتصادية‏,‏ وعوائق الحريات الفكرية والسياسية‏,‏ ولذلك لم يكن غريبا أن يجمع ثلاثمائة وسبعة عشر مستشارا في مجلس الدولة علي رأي سلبي في تعيين المرأة بالمجلس نفسه الذي حكم‏,‏ منذ أكثر من خمسين عاما‏,‏ بتعيين المرأة إلي جانب الرجل‏.‏ وكم أود أن أرسل التحية للمستشار أو المستشارين اللذين رفضا أن ينصاعا إلي رأي الجماعة‏.‏
هذه الثقافة المعادية للمرأة عميقة الجذور في تراث التخلف العربي‏,‏ متأصلة في الفكر السلفي الذي شاع في أزمنة الهزائم الكبري‏,‏ فأنتجت ثقافة التمييز المعادية للمرأة‏.‏ ويعني مصطلح التمييز في هذا السياق‏:‏ أي عمل أو فكر أو موقف يؤدي إلي إيذاء المرأة علي نحو مباشر أو غير مباشر في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية‏...‏إلخ‏,‏ فالتمييز هو موقف ضد المرأة ينطوي علي تفرقة أو استعباد أو تهوين من شأنها‏,‏ وازدراء لها‏,‏ أو استخفاف بها في أي مجال‏.‏ وتشجب الدول المتحضرة هذا التمييز‏,‏ وقد صاغت الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز التي أصدرتها الأمم المتحدة‏,‏ ووقعتها مصر‏,‏ واعتمدتها قانونا في البلاد‏,‏ لكن هذا علي الورق ونظريا فحسب‏.‏ فالثقافة المتخلفة السائدة في مصر أقوي من القوانين والدساتير والاتفاقيات الدولية لأنها مترسخة‏,‏ ثابتة‏,‏ في وعي الناس الذين عاشوا عليها‏,‏ وتوارثوها إلي أن أصبحت بعض وعيهم‏,‏ متحجزة في لاشعورهم‏.‏ وأعتقد أن هذه الثقافة هي التي دفعت هذا العدد الضخم‏(317)‏ من مستشاري مجلس الدولة إلي رفض تعيين المرأة قاضية‏.‏ وكانوا في موقفهم هذا متسقين مع هذه الثقافة التي يتزايد شيوعها في مجتمعهم‏,‏ وتزيدها رسوخا وسائل إعلام رسمية وغير رسمية‏,‏ وجماعات دينية متطرفة في سلفيتها‏,‏ وتقاليد اجتماعية معادية للمرأة‏,‏ منحازة إلي الرجل‏,‏ وموروثات شفاهية تدني من شأن المرأة بالقياس إلي شأن الرجل‏,‏ ولذلك فإن الرجال قوامون علي النساء بحكم ذكورتهم لابحكم ماأنفقوا‏.‏ والمرأة عورة‏,‏ ناقصة عقل ودين‏,‏ مصدر الغواية والفتنة التي لايفارقها الخوف وسوء الظن بها‏,‏ وهي نصف رجل بدليل أن شهادة امرأتين توازي شهادة رجل واحد‏..‏ وطبيعي‏,‏ والأمر كذلك‏,‏ أن نقرأ في المعاجم القديمة أن الأفن هو النقص الملازم للنساء‏,‏ وقلة العقل أو اختلاله‏,‏ ولاأدل عليه من الحديث المنسوب إلي علي رضي الله عنه‏:‏ إياك ومشاورة النساء‏,‏ فإن رأيهن إلي أفن وهو ضعف الرأي والحمق‏.‏ ويقال أفن الرجل لا المرأة‏,‏ لأن المرأة بطبعها ناقصة عقد ودين‏.‏
هكذا نقرأ في تلبيس إبليس لابن الجوزي‏,‏ وهو من أعلام المذهب السلفي و ماينقله عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قوله‏:‏ مابعث الله نبيا إلا ويأمل إبليس أن يهلكه بالنساء‏,‏ وهو قول يدعمه نزوع معاد للمرأة‏,‏ يؤكده ماينقله ابن الجوزي كذلك من حديث حسن بن صالح الذي قال سمعت الشيطان يقول للمرأة‏:‏ أنت نصف جندي‏,‏ وأنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطيء‏,‏ وأنت موضع سري‏,‏ وأنت رسولي في حاجتي‏.‏
وما أكثر مانجد في كتب التراث السلفي‏(‏ التي ينهل منها فكر الإخوان المسلمين المعاصرين‏)‏ فصولا في ذم المرأة‏,‏ وذلك مثل كتاب ابتلاء الأخيار بالنساء الأشرار لإسماعيل ابن نصر السلاحي المعروف بابن القطعة‏.‏ وعنوان الكتاب واضح الدلالة علي مافي غيره من الأقوال المعادية للمرأة‏.‏ ولايفوتني التنبيه إلي كلمة الأخيار التي يشير تذكيرها إلي الرجال عموما مقابل صفة الأشرار التي تلاصق النساء تخصيصا‏.‏ ولذلك ذهب البعض إلي تحريم تعليم المرأة كما فعلت طالبان‏,‏ استنادا إلي ماروي من حديث يقول‏:‏ لاتعلموهن الكتابة ولاتسكنوهن الأعالي لأن تعلم المرأة الكتابة قد يدفعها إلي مراسلة ممن هو محرم عليها‏,‏ وسكنها في الأعالي قد يتيح لها أن تنظر إلي مالاينبغي لها النظر إليه‏.‏ ولذلك تواترت الروايات عن تحريم حرفة الكتابة علي النساء‏.‏ واستحرم البعض أن تكتب الشعر‏,‏ وروي عن جرير الشاعر الأموي أنه سمع شعرا فسأل عن قائله‏:‏ فقيل امرأة فلان‏,‏ فقال‏:‏ إذا زقت الدجاجة زقاء الديك فاذبحوها‏.‏ وهو قول مأثور‏,‏ يتجاور مع عشرات غيره من الأقاويل التي تجزم بتحريم مهنة الكتابة بكل أنواعها علي المرأة‏.‏ وذلك قال السلمي الشاعر‏:‏
ما للنساء وللكتابة والعمالة والخطابة؟
هذا لنا ولهن منا أن يبتن علي جنابة
والكتاب‏(‏ أي الوظائف الكتابية وأعلاها الوزارة‏)‏ محرمة علي النساء في التراث السلفي تحريم العمالة أي وظيفة الوالي ومافي حكمها‏,‏ والخطابة معروفة‏,‏ فهي نوع من القيادة التي لاتجوز لناقصة عقد ودين‏.‏ وهي عورة في صميم وجودها وما أكثر الأقاويل التي تشبه ذلك في التراث الذي يضم كتب أبي حيان التوحيدي التي نقرأ فيها‏:‏ إن المرأة تلقن الشر من المرأة‏,‏ كما أن الأفعي تأخذ السم من الأصلة‏(‏ وهي أخبث الحيات وأشدها خطرا‏).‏
ووصل الأمر إلي حد الرواية عن عمر بن الخطاب أنه قال في حق النساء‏:‏ استعينوا عليهن بلا‏,‏ فإن نعم تضريهن في المسألة وفي رواية الأبشيهي‏:‏ أكثروا لهن من قول لا‏,‏ فإن نعم تضريهن علي المسألة‏.‏ ويشبه ذلك القول‏:‏ شاوروهن وخالفوهن ويبدو أن سياسة مجلس الدول هي‏:‏ أكثروا لهن من قول لا‏,‏ فإن نعم تضريهن‏,‏ أو تشجعهن‏,‏ علي المسألة أي تزيدهن إلحاحا في المطالبة بحقوقهن‏,‏ ولذلك فقمع المسارعة بالرفض أليق بمطالب ناقصات العقل والدين‏.‏ وقد نسب المؤلفون السلفيون القدامي إلي الشيطان قوله سهمي الذي إذا رميت به لم أخطيء النساء‏.‏ ولماذا نذهب بعيدا‏,‏ وقد قرأنا‏,‏ صغارا‏,‏ الأبيات التي تبدأ بها حكايات ألف ليلة‏.‏
لاتأمنن إلي النساء ولاتثق بعهودهن
يبدين ودا كاذبا والغدر حشو ثيابهن
بحديث يوسف فاعتبر متحذرا من كيدهن
أو ماتري إبليس أخرج آدما من أجلهن
هذه هي الثقافة التي تغلغلت في موروثنا السلفي‏,‏ والتي ورثناها من عصور الانحطاط‏,‏ وتروج لها ولاتزال‏,‏ أدوات وجماعات‏,‏ تريد أن تعود بنا إلي عصور الانحطاط مرة أخري‏,‏ فتدفعنا إلي الإيمان بأن المرأة عورة لابد من تحجيبها وتنقيبها‏,‏ وليس من الغريب أن ترفض بعض لجان مجلس الدولة قرار منع الطالبة المنتقبة من دخول الامتحانات‏,‏ وهو أمر لاينفصل عن ثقافة متجذرة معادية للمرأة‏,‏ لاتكف عن محاصرتها برفض كل ماتريد‏,‏ حتي لاينتشر شرها‏,‏ فلم يخلقها الله‏,‏ في ثقافة التخلف‏,‏ إلا بكي تكون متاعا لنا نحن الرجال الأخيار‏,‏ والعاقل من قمع النساء الأشرار بطبعهن‏.‏ ونزعم مع ذلك أننا نريد أن نتقدم‏,‏ ويكون لدينا مجلس قومي للمرأة‏,‏ وسفيرات ووزيرات وقاضيات‏,‏ فليخسأ من يقول ذلك من أصحاب البدع والضلالات التي يطلقون عليها اسم التنوير‏,‏ وهم ليسوا سوي مبتدعين ضالين‏,‏ مصيرهم النار وبئس المصير‏.‏ وهذا مايقوله بعض خطباء المساجد الذين سمعتهم بأذني‏,‏ ولعلكم استمعتم إليهم مثلي‏,‏ فاتعظوا يا أولي الألباب‏!!!!‏

المزيد من مقالات جابر عصفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.