كلنا متطرفون ومتشددون بشكل او بآخر فقد سقطت كل الاقنعة خلال السنوات الأربع الماضية وأعدنا اكتشاف أنفسنا وكان ان رحنا نبالغ فى الحب والكره باقصى المشاعر وصرنا فلولا وثوارا وسنة وشيعة وانصارا ل25 واعداء ل30 يونيو، ولم يعد الوطن يحتمل ان يتعايش فيه هذا وذاك لأننا صرنا ملائكة والآخر شيطان ومن كان بالامس الجار والزميل وشريك الوطن صار خائنا وعدوا وعميلا ،ومن ذهبوا يبايعون الاخوان فى فيرمونت يتوارون خجلا ويبدون ندمهم وأسفهم ومن كان يطربنا بات يبكينا وازدحمت حياتنا بمفردات جديدة الثورة المضادة والمخلوع والمعزول والذى كنّا نظنه موسى اصبح فرعونا ومن ليس معنا عدونا ومن كنّا ننتظره لنضحك على سخريته ايام مرسى اختفى وأصبح رئيس الدولة رمزا لايجب المساس به ومن كانوا ملء السمع والبصر يتوارون فى بيوتهم وأبوتريكة الذى كان مصدر البهجة وصانع الفرحة بات ارهابيا، وكل ما ارتكبه هؤلاء انهم اتخذوا موقفا يتناقض مع رأى الأغلبية الساحقة وننسى اننا كنّا نهتف بأعلى الأصوات لمن كان أمير القلوب يوما ثم نلفظه لانه حرك أربعة أصابع ويستحيل ايضا ان يكون من أهدر هيبة وكرامة الاخوان بالسخرية فجأة إخوانيا وواحدا من أعداء الشعب والذين أهانوا الممثل خالد ابو النجا لانه أبدى معارضته الجمتهم الدولة بمنحه جائزة مهرجان القاهرة السينمائي، لكى يبدو بَعضُنَا ملكيين اكثر من الملك وما كنّا ننتقد الاخوان فئة أصبحنا نمارسه وهناك آلاف الأمثلة الصارخة بغض النظر عن قبولك او رفضك لسلوكهم وننسى ان كل منا حر طالما لم يحمل سيفا او مسدسا او مفرقعات وطالما لم يتآمر، ولكن القضاة الجدد إفراز 25 يناير منحوا أنفسهم حصريا توكيلات للوطنية والإيمان والكفر والنَّاس لديهم اما مؤمن او كافر وطنى او عميل نفس الثنائية العفنة التى نشأوا عليها فى مواخير اليسار وكهوف الضلال وحظائر ابن تيمية وهؤلاء لديهم قدرة عجيبة على الفعل وعكسه بما يخدم وجهة نظرهم ولنتصور موقف الاخوان وتوابعهم مثلا لو كان السيسى انحاز لطغيانهم كانوا سيرفعونه على الاعناق ويصبح هو سيف الاسلام وقاهر الليبراليين ومحطم أصنام العلمانية وخادم الشرعية، واعرف قامات او هكذا كنّا نظنهم ساروا مع القطيع وحبسوا كلمة الحق مخافة تصنيفهم، وكانوا يقولون فى الغرف مالم يجرؤوا على قوله فى الفضائيات، واعرف عشرات الاعلاميين الذين بدلوا مواقفهم ليس اقتناعا ولكن انبطاحا مع القطيع عكس الكبار ايام طه حسين والعقاد وعلى عبد الرازق واحمد لطفى السيد ومحمد عبده والشرقاوى وزكى نجيب محمود ،هؤلاء الذين كافحوا الجهل والتطرف والخرافات ولم يتاجروا بدينهم وعلمهم وحتى عندما عادوا فى أواخر أيامهم كانت عودتهم منطقية ومقبولة فى إطار رحلتهم الفكرية وتطورها ونضجهم ولهذا لم يصفهم احد بالمتحولين ،صحيح ان كثيرين اختزلوا طه حسين فى كتابه فى الشعر الجاهلى وتجاهلوا ،على هامش السيرة مثلا واختزلوا على عبد الرازق فى الاسلام واصول الحكم وخالد محمد خالد فى من هنا نبدأ ونجيب محفوظ فى «اولاد حارتنا» ومن منا لم يغير افكارة وسلوكه واتجاهاته مع الأيام بدلا من العناد والجمود الفكرى لان الحمار فقط هو الذى لايتطور، وكل منا له ماله وعليه ماعليه. والكل معرض للنقد فليس فينا احد معصوم الا سيد البشر محمد بن عبد الله، وكلنا خطاءون وخير الخطأئين التوابون وتلك سنة الله فى خلقة ولو شاء اللة لخلق الناس جميعا مؤمنين وصالحين ولكن التعددية هى سر هذا الخلق البديع وتلك الثنائيات فى كل شئ حولنا شمس وقمر نهار وليل رجل وامرأة سماء وأرض جبال ومحيطات لكى يظل الله هو الواحد الأحد وللاسف بعض من قيم وحصون هذا البلد تسقط بدون ان ينجب الوطن البديل ببساطة، لان هناك من نشط من اربع سنين فى تفتيت هذا النسيج الذى كنّا نتفاخر به الى شيع وجماعات وأحزاب وائتلافات وبدأ كل منها يخوض حربا وجودية فاصلة إما كل شىء وإما لا شئ. بساطة داعش هى التطور الطبيعى للإخوان فى طبعتها الاخيرة. كل الأزمات الدستورية التى ستواجه السيسى فى رقبة عمرو موسى ولجنته. واضح ان النيل عنتيل بدليل ان مصر هبته. مشكلة الإسلاميين ان المذهب قبل الدولة والطائفة قبل الوطن. كنت احترم عصام حجى حتى قرأت مدح مصطفى النجار له . عملية دمياط الإرهابية ردا على القمه اليونانية القبرصية المصرية. أرجو الاننسى ان كل ما نعانى منه الآن بسبب الدائرة الضيقة حول مبارك. فى الثورات المفعول به يصبح فاعلا والعكس صحيح. فى سرادقات اللغو خيارهم قبل احداث يناير خيارهم بعد ثورة يونيو. المطالَبون بغرفة لصحفهم لايملكون من الصناعة الا الصوت العالى ما يؤهلهم لغرفة صناعة السينما. يوم القيامة يحاسبنا الله افرادا وليس دولا أو جماعات أو تنظيمات . برامج التوك شو لاتمثل الدولة ولا الرئيس هى تعبر عن الكفيل اقصد المالك. العروبة حقيقة ... ولكن ◀د. يحيى الجمل أصبحت الكيانات الصغيرة أمراً نادراً فى عالمنا المعاصر الذى أصبح كما يقال قرية واحدة كبيرة . وقد حدث أن تكونت فى العالم مجموعات إقليمية تضم عدداً من الدول المتقاربة لعل أقربها إلينا دول الاتحاد الأوروبى الذى يضم غالبية الدول الأوروبية والذى يتجه إلى التوحد السياسى بعد أن أوشك على التوحد الاقتصادى ومع أن ما يجمع بين الدول العربية وبعضها هو أكثر وأعمق مما يجمع بين دول الاتحاد الأوروبى مثلا وغيرها من الاتحادات فإن الدول العربية تراوح مكانها ولا تتحرك خطوة واحدة نحو الوحدة أو حتى نحو تنسيق سياساتها تنسيقاً فاعلاً سواء فى المجال السياسى أو المجال الاقتصادى. ولن أتحدث طويلاً عما يجمع العرب فهى أمور أوضح من أن نعيد الكلام فيها ونزيد ولكن المهم أن نعرف ما الذى يحول بينهم وبين التقارب. الدول العربية تجمعها لغة واحدة وإن تعددت اللهجات وتوشك غالبيتها العظمى أن تدين بدين واحد. والتاريخ العربى مآسيه ومفاخره مشتركة. والثقافة العربية وكذلك الفنون توشك أن تكون هى هى من أقصى المغرب فى الرباط إلى أقصى المشرق فى بغداد. ومع هذا كله فإننا نراوح مكاننا لا نتقدم خطوة. لماذا؟ هذا هو مربط الفرس والذى أود أن أحاول أن أصل إلى أسبابه الحقيقية. أول هذه الأسباب على ما يبدو لى أن الغالبية من الأنظمة السياسية الحاكمة ليست لديها الرؤية الوحدوية وأنها تفضل السلطة والوضع القائم على ما يدعو إليه من يسمون أنفسهم أمثالنا - الوحدويون العرب أو القوميون العرب. كذلك من هذه الأسباب أن مستوى التنمية البشرية وأقصد هنا التعليم بالذات ليس هو ذات المستوى فى كل الدول العربية كذلك فإن المستوى الاقتصادى نتيجة اختلاف الموارد الطبيعية بين هذه الدولة وتلك من الأسباب التى تعطل التوجه نحو نوع من التوحد. وأحسب أن البون الشاسع بين الكلام من ناحية والرغبة فى الفعل من الناحية الأخرى هى أحد المعوقات الأساسية. إن منظمة الجامعة العربية التى نطلق عليها «بيت العرب» سابقة فى وجودها بسنوات طويلة على منظمة الاتحاد الأوروبى بل وعلى هيئة الأممالمتحدة نفسها ومع ذلك فإن النتائج متباعدة بين ما حققه الاتحاد الأوروبى وما حققته الجامعة العربية. وليس السبب هنا فى أمانة الجامعة وإنما السبب هو السياسات التى ينتهجها أعضاء الجامعة. كذلك فإن التحول الديمقراطى الذى بدأ فى بعض الدول العربية ولم يكتمل بعد والذى لم يبدأ فى دول أخرى هذا التفاوت إحدى عقبات التوجه نحو التقارب بين الدول العربية وبعضها. وأخيراً وليس آخرا فإن الإرهاب والتخلف العقلى فى فهم سماحة الاسلام أدى إلى أن بعض الدول العربية توشك على الانهيار والضياع إن لم تكن قد انهارت بالفعل. قد تكون هذه بعض الأسباب التى لابد من مواجهتها بالعديد من الوسائل التى قد يكون فى مقدمتها موضوع التنمية البشرية وما يتصل به من تأكيد التحول الديمقراطى. والله المستعان. لمزيد من مقالات سيد علي