«مصر تملك الموارد العالية التى تمكنها من الوصول إلى مكانة رائدة فى العالم هذه رؤية الدكتور هانى الكاتب مستشار الرئيس للشئون الزراعية وأستاذ الغابات فى جامعة ميونخ التقنية للإمكانات والموارد المصرية فى ظل الوضع الاقتصادى الراهن والتى يرى أنها متوافرة وكافيه لبناء مصر من جديد. كما أوضح الكاتب خلال حواره فى الأهرام ضرورة منح المسئولين والمستشارين الوقت الملائم للتفكير ووضع الخطط الإستراتيجية واضحة المعالم دون استعجال وذلك لكثرة المشكلات المتشعبة والمتراكمة، كما أكد الدكتور هانى الكاتب أن تحقيق التقدم يحتاج منا وقتا لتدريب وتعليم الكوادر الفنية لان بناء مصر سيتم بأيديهم وليس بأيدى الأكاديميين.. وإلى تفاصيل أخرى بالحوار: } ما انطباعك على فكرة وجود مجلس استشارى للرئيس من العلماء؟ إذا كان الانتماء لأى مكان فى الكرة الأرضية أمرا مهما بالنسبة لى و أحترم كل شيء عليها حتى الحجر فما بالنا ببلدى مصر، فتلبية ندائها واجب مفروض على وعلى كل شخص أن يقوم به ، فهى الأصل لنا جميعا وانتماؤنا لها شديد ففيها ولدنا وبها عائلتنا وأصدقاؤنا. } على مدار السنوات الماضية ألم تكن هناك محاولات للاستعانة بكم فى العمل بالبلد؟ حدثت محاولات فعلية للاستعانة بالعلماء وخبراتهم فى بناء الدولة خلال الثلاثة أعوام الماضية فقط ، وبذل السفير المصرى ببرلين مجهودا رائعا فى تجميع العلماء والخبراء المصريين الموجودين فى ألمانيا لمساعدة مصر . } ألم يكن لديكم دافع لان تتقدموا بأنفسكم للعمل فى مصر؟ تركت مصر فى أوائل السبعينيات وبداية دراستى تناولت الزراعة ثم تخصصت فى الغابات ثم درست الإحصاء فى العلوم البيولوجية ،وأول زيارة لمصر كانت فى منتصف الثمانينات ، وفى تلك الآونة قمت بعرض بعض الأفكار لمشروع لحماية الشواطئ المصرية عن طريق التشجير وللأسف لم يتم اتخاذ أى خطوة نحو تنفيذ ذلك المشروع حتى يومنا هذا،مع أن المشروع كان سينفذ بتمويل ألمانى دون أى تكلفة على كاهل الدولة المصرية. } ما السر فى تعطيل تنفيذ المشروع؟ عطل المشروع لان المنحة الألمانية لا تشمل مكافآت لأحد كالتى تقدمها المنح الأمريكية. } كيف نطور منظومة الزراعة فى مصر التى أصابها خلل كبير؟ ينقصنا فى التعليم الزراعى والجامعى الاطلاع على النظم الزراعية المتبعة بدول العالم من زراعة مستدامة وتطوير التعليم الزراعى ، كما نحتاج للاستعانة بخبرات تلك الدول فى تنفيذ الحلول والأفكار التى تضعها مصر لنفسها. } الشعب المصرى يتمركز منذ آلاف السنين فى 3,6% من مساحة أراضيه، فكيف يمكننا العلم من استصلاح تلك المساحات؟ أفضل حلول المشكلات يتم باستخدام الموارد المتاحة. } وما تلك الموارد المتاحة فى مصر وفى إمكانها استصلاح الأراضى الصحراوية؟ الشمس ومياه البحر والأراضى الصحراوية والموارد البشرية هى الموارد الأربعة المتاحة لدينا وتتميز بالإمكانات والقدرة العالية و فى حال استغلالها بالصورة السليمة سنكون من أفضل دول العالم ونكون القدوة للدول الأخرى وستنتهى مشكلاتنا من نقص فى الغذاء و المياه و الطاقة بالإضافة إلى الخلاص من الكوارث البيئية التى نعانى منها، فالشمس والرياح يمكننا استخدامهما فى توليد الطاقة والتى نستخدمها فى تحلية مياه البحار وهذه هى الوسيلة الوحيدة لإنهاء مشكلة المياه فى مصر وبدورها نستخدمها فى زراعة الصحراء وهذا سيدعم إنشاء مدن جديدة وكل هذا يتم باستغلال الموارد البشرية فى استخدام تلك الموارد وفى تحسين التعليم ونشر الوعى السليم مما يؤهلنا لبناء مصر مرة أخرى من جديد. } ما الآليات والإستراتيجية التى يجب أن نتبعها لاستخدام تلك الموارد بالطريقة المثلى لاستصلاح الأراضي؟ اعتقد أن استخدام الموارد المتاحة يجب أن يكون إحدى الخطط الإستراتيجية فى مصر ويحدد من خلالها البوصلة المستقبلية وما تبتغى الدولة الوصول إليه على المدى الطويل مع مراعاة الحفاظ على «الحقوق الايكولوجية» بالموارد لأنها محدودة وغير دائمة وللأسف العالم كله يسرق حقوق الأجيال القادمة من تلك الموارد، فيجب أن يكون استخدامنا للموارد يراعى الحفاظ على حصة الأجيال القادمة منها ولا نسرقها منهم بعد الآن. } هل هناك تواصل وتعاون بين مجموعة العلماء الأعضاء بالمجلس الاستشارى لوضع خطة عمل فى اتجاه واحد؟ ما ذكرته لك فى السابق ليس مشروعا بقدر كونها خطة إستراتيجية فى إمكان مجموعة العلماء المساعدة فى وضع ملامحها ،لكن قبولها من عدمه وكيفية تنفيذها قرار يعود للقيادة السياسية. } ما أهم المحاور التى تناولها اجتماع مجلس العلماء الأخير و لقاؤكم مع الرئيس؟ الاجتماع تناول النقاش حول المشكلات الموجودة فى مجال الزراعة والمياه والطاقة والتعليم، كما أبلغنا الرئيس بأن لقاءات المجلس ستكون أربع جلسات على مستوى العام وسيشارك الرئيس فى بعض منها ، وعلينا أن نعلم المشاكل فى مصر كثيرة ومتشعبة ومتراكمة وتحتاج لوقت للتعامل معها وعلينا ألا نتعجل تلك الحلول لان الأعباء ثقيلة جدا،فنحن نحتاج تثبيت الدولة أولا. } لو استدعى العمل تفرغ العلماء والبقاء فى مصر فهل توافق على ترك عملك فى ألمانيا؟ أتكلم عن نفسى فقط الآن، ممكن أن أترك كل شيء من أجل مساعدة بلدى وحتى يتم اخذ مثل ذلك القرار فانا رجل علم وواجبى الاهتمام بالطلبة الذين أدرس لهم فى جامعة ميونخ التقنية وبالفعل نحن العلماء نحاول أن نساعد بلدنا دون أن نحملها بأعباء عملنا فى الخارج. } عملتم فى دول كثيرة سواء فى أوروبا او آسيا فهل كان من بينها دول مشابهة لمصر بوضعها الراهن وتمكنت من التقدم الفعلي؟ بالطبع، والصين خير مثال لذلك ، وأول زيارة لها كانت منذ 15 عاما ورأيت حينها مناطق أسوأ جوا من مناطق لدينا واغلب شوارعها كانت ممتلئة بالقمامة كما هى الحال لدينا الآن ، لكن الصين كانت تتطور فى كل عام عن الأخر إلى إن تغير المشهد الآن تماما عما كان فى السابق وأصبح يبهر الجميع ، وحققت الصين ذلك بسرعة أعتقد إننا لا يمكننا تحقيقها فى مصر. } لماذا لا نحقق التقدم بنفس السرعة التى اجتازتها الصين من قبل؟ رغم وفرة الموارد البشرية إلا أنها تفتقر للكوادر الفنية المؤهلة بطريقة علمية، وأذكر أنه فى السبعينيات كثير من الفنيين المؤهلين تركوا مصر والموجودون الآن لا يحملون أى مؤهلات علمية فى المهن التى سيعملون بها، ولذا سنحتاج لوقت لايجاد مثل تلك الكوادر بأسلوب علمى سليم لان بناء مصر الجديدة سيتم بأيدى الفنيين وليس للأكاديميين. } أحد العلوم الحديثة ريادة الأعمال التى تفعله كثير من دول العالم فما أسلوب تطبيقه الأمثل فى مصر؟ سمعت بعض الاقتراحات لتجهيز رواد وقيادات ومنها اختيارهم بداية من مرحلة التعليم الابتدائى ،وهذا رأى لا أوافق عليه ويجب أن نعطى كل شيء حقه إلى أن نضع المعايير التى تمكننا من التأكد من مقدرة الشخص على القيادة من عدمه، فنحن فى الغابات نختار القيادات بالأشجار فى سن متوسط ، ونبعد عن السن الصغيرة لان هناك احتمالية كبيرة لتغير مواصفاته وطبيعته نتيجة تأثير عوامل مختلفة به وهذا نفس الشيء بالنسبة للإنسان، كما يجب علينا دمج السن بالخبرة، والشباب يحتاج الخبرة لتؤهله للريادة. } هل تعتقد لو أنكم مكثتم فى مصر كنت وصلت لهذه المكانة العلمية الرفيعة؟ أنا لم أتغير ،على الرغم من كبر سنى واكتسابى الكثير من الخبرات، وسفرى فى فترة مبكرة بالسبعينيات جعلنى لا أتعرض للتلوث السمعى والبصرى الذى يعانى منه المصريون الآن ولو مكثت فى مصر لم أكن أعلم مدى تأثير ذلك. } بدأتم فى تنفيذ مشروع للغابات فى مصر ، فهل المناخ والبيئة المصرية ملائمة لها؟ هل تعلمين أن مصر منذ عشرة آلاف عام كان معظمها خضراء ومنذ ستة آلاف سنة كانت مليئة بالغابات،ولا عجب أن مصر فى العصر الفاطمى منذ ألف عام كانت أول دولة تنشئ منظمة محلية للغابات على مستوى العالم،وذلك يدل على وجود الغابات فى مصر ومدى الاهتمام بها فى تلك الحقبة،فمصر بلد صحراوى به أتربة ورياح تسبب أضراراً خطيرة على الزراعات والمناطق السكنية ولحمايتهما يستلزم إنشاء الغابات. } وهل الموارد متاحة أيضا لتعميم الغابات فى مصر؟ نعم، موارد زراعة الغابات فى مصر متوافرة فالأشجار لدينا منها أنواع متنوعة وصالحة لإنتاج الأخشاب والتى دخلت البلاد منذ أكثر من مائتى عام، كما أن لدينا ميزة غير متوافرة بأوروبا ، وهى أن فصل النمو فى مصر على مدار العام، أما مشكلة نقص المياه ستحل باستخدام مياه الصرف الصحى بعد معالجتها فى رى الأشجار بالغابات، وتلك المقومات العالية تجعلنا نتوقع نجاح مشروع الغابات. } متى نرى أول غابة فى مصر؟ لدينا فى مصر منذ 15 عاما نماذج لغابات صغيرة ونعمل حاليا فى مشروع الغابات الألمانى المصرى بثلاث مناطق الإسماعيلية والأقصر والغردقة. وهذا المشروع ذكره الرئيس فى خطابه بمؤتمر المناخ بالأمم المتحدة.فالغابات ستساعد على تغيير المناخ البيئى ليس فى مصر وحدها بل تأثيرها سيكون على مستوى العالم وهذا سيجعل بلدنا رائداً. } المسئولون يجدون صعوبة فى تسويق القطن المصرى رغم تميزه لاعتماد الدول الخارجية على القطن قصير التيلة بتحويله بتعاملات معينه طويل التيلة مما يجعلهم يبحثون عن سبل لتغيير نوعية القطن فى مصر فما رأيك فى ذلك؟ القطن المصرى به ميزة عالمية ويجب الحفاظ على تلك النوعية، ولا نحتاج لتغييره بأنواع أخري، وما ينقصنا هو إجادة فن التسويق لمنتجاتنا الزراعية جميعها وليس القطن وحده فنحن على سبيل المثال لدينا أفضل أنواع الليمون على مستوى العالم ولدينا منه الإنتاج الوفير ومع ذلك لم نسوقه بالطريقة المناسبة.