«انتظرينى مطراً لا موسمياً» عنوان أحدث دواوين الشاعر فولاذ عبد الله الأنور، وهو يضم قصائد مختارة من ستة دواوين كانت قد صدرت للشاعر من قبل وهى: «رايات السلام، شارات المجد المنطفئة، عودة الأحلام الغائبة، سيدة الأطلال الشمالية، اعقدى حاجبيك، روائح من عشب مارس» ويضم الديوان ثلاثا وأربعين قصيدة مختارة ومرتبة ترتيباً زمنياً دقيقاً، من بدايات الشاعر عام 1972 حتى عام 2008، وهو مما يُعين النقاد والباحثين على تتبع تطور القصيدة عند فولاذ الأنور فنياً وأسلوبياً بسهولة، والكشف عن الخبرات الإبداعية التى اكتسبها على مدى ستة وثلاثين عاما من الإبداع الشعرى، مع مراعاة انقطاعه عن الشعر عشر سنوات كاملة قبل أن يعود لقرائه عام 2001. ويمكن تقسيم قصائد الديوان إلى ثلاثة أقسام تتعلق بالمراحل الزمنية التى كُتبت فيها: الأولى: من عام 1972 حتى 1979، والقصائد فيها تدور حول محور الوطن وهموم العمل من أجله، وتتسم بالبعد القومى، حيث تمتلئ هذه الفترة بالتغيرات السياسية أبرزها حرب أكتوبر واتفاقية السلام وغيرها من الأحداث، وكتب الشاعر فيها العديد من القصائد المتميزة، من أبرزها قصيدة «اعقدى حاجبيك» التى اعتُبرت من الشعر الملحمى المعتمد على دراما المسرح وعمق الحوار: .. والرصاص الذى يتصاعد عبر الفضاء، يحوله الجند نحو الضلوع فيسقط تاجك، أجرى إليكِ ويهبط صدرك أجرى، ويعلو وأجرى، لألقاك محنيةً تسعلين دماً بين كفيكِ، صحت: بلادى.. بلادى.. الثانية: من عام 1980 حتى 1985، وتتسم بالقصائد العاطفية ذات الدلالة الوطنية، وظهرت بصمة الشاعر فى هذه المرحلة التى ازدحمت فيها الساحة بالأصوات الشعرية، ومن أبرز قصائدها «الحبيب الذى قتلته» التى نشرتها الأهرام فى عام 1985، ويقول مطلعها: أنا لا أحبك مرتينِ، ولا أقرر عنك بُعداً مرتينِ هى مرة كالموت كالميلادِ، ليس تعاد، كيف يتم ميلاد لشخص واحدٍ، فىمرقدينْ أنا لا أحبك مرتينْ الثالثة: من عام 2001 حتى 2008، ومثلت هذه المرحلة عودة الشاعر إلى فنه الأصيل مدفوعاً بتأثره بالجرائم التى ارتكبت ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك والانتفاضة الفلسطينية عام 2001، ومن أبرز قصائد هذه المرحلة قصيدته إلى شروق أسعد التى يقول فيها: أطلعينا على سر ما هو للوردِ، حين يقاوم حدَّ المناجل أتحفينا بهذا الجمال الذى تتحلى به القدسُ، إذ يتخلى الكبار، ويبقى الصغارُ، ويحرسها حجرٌ وغلامٌ مناضل كما امتازت هذه المرحلة بقصائد عاطفية وغزلية تداخلت فيها ملامح المحبوبة مع ملامح الوطن والمدن العربية الغائبة، وهى المرحلة التى توجها ديوانه »سيدة الأطلال الشمالية« الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 2007. الديوان فى مجمله يمكن أن يُعد عنواناً للتجربة الشعرية لفولاذ عبد الله الأنور، وهى تجربة امتازت بالخصوصية والتفرد والبحث عن الجديد فى القصيدة وموضوعها وصياغتها.
الكتاب: ديوان «انتظرينى مطراً لا موسميا» المؤلف :فولاذ عبد الله الأنور تاريخ النشر :سبتمبر 2014. الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة