مدقات، منحنيات عتمة، حفر و مطبات عشوائية .. هذا هو حال معظم الطرق بالشرقية التي تحولت إلي شراك للموت لافرق فيها بين طرق رئيسية يرتادها يوميا الآلاف ذهابا وجيئة للتنقل بين المراكز والمحافظات، وأخري فرعية نائية تربط بين القري الفاصل فيها بين الموت مجرد لحظات صغيرة تنتشر بعدها الدماء وأشلاء الضحايا إما مقطوعة أو محروقة، ليعلو صوت النحيب والعويل لأسرهم وذويهم المكلومين، بعد أن تركوا وراءهم الأيتام والثكالى، وفي كل مرة تقوم الدنيا، ونسمع من التبرير والتحليل، وتتعالي التصريحات بإيجاد حلول للكارثة، حتى لا تتكرر مرة أخرى، ولكن هيهات فلا يكاد يمر الوقت حتى تستيقظ على يوم دام جديد يسقط فيه ضحايا جدد، وكأن أرواحهم باتت رخيصة، وكأن المشهد بات معتادا الشرقية الأعلى في حوادث الطرق ففي الشرقية التي تتصدر نزيف الأسفلت بنسبة 8٫3٪ بواقع 81 قتيلا ومصابا يوميا بحسب تقرير صدر أخيرا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كشف عن وقوع 1144 حادثا خلال عام واحد لقي خلالها 305 أشخاص مصرعهم، وأصيب 973 شخصا، شهدت السنوات الأخيرة العشرات من حوادث السير التي راح ضحيتها الأبرياء من مئات العاملين بالمدن الصناعية والأراضي والقري كانوا في طريقهم لكسب قوتهم، فذهبوا بلا رجعة دون أن يأبه أحد، لتبقي تلك الطرق كما هي شاهدا على مصرعهم والإهمال والتخاذل في إنقاذ آخرين في طريقهم للموت ففي طريق فاقوس الحسينية الشهير بطريق الموت لما شهده من عشرات الحوادث الدامية كان آخرها العام الماضي مصرع 15 شخصا وإصابة 7 آخرين، ومصرع أسرة مكونة من الأب وهو طبيب شهير ونجليه مما أدي لحالة من الاحتقان والغضب بين المواطنين، ودفعهم للخروج للتظاهر والوقوف احتجاجا لجذب انتباه المسئولين، والتأكيد علي سوء حالة الطريق، مطالبين بضرورة النهوض به وتزويده بعلامات وإشارات ضوئية، مازال المواطنون يعانون تعدد حوادث السير التى تحصد أرواح العديد من الأهالى الأبرياء دون مبالاة كذلك طريق مفارق الصالحية، والذي كان مسرحا لعشرات الحوادث راح ضحيتها أكثر من 25 طفلا من عمال التراحيل في حادثين مأساويين، ثم مصرع 8 فتيات من عمال المصانع إثر انقلاب الأتوبيس الذي كان يقلهن أثناء توجههن لعملهن ومازال الحال كما هو عليه وفي طريق بلبيس القاهرة الزراعي مازالت الشكوى قائمة من ضيق الطريق أمام بعض القري، رغم وقوع عشرات الحوادث، لكونه اتجاها واحدا ، وكذا طريق رمسيس، والمؤدي إلى مدينة العاشر من رمضان، و سالت عليه دماء العشرات من العمال والمواطنين بسبب سوء حالته ووعورة دروبه وعدم تمهيدها، في الوقت نفسه مازال استخدام سيارات النقل اللا آدمية تحمل عشرات المواطنين البائسين في رحلات جماعية للموت عبر طرق وعرة يترقبونه بين لحظة وأخرى في ظل غياب التخطيط السليم والانشغال بتجميل هنا وهناك، أو بناء نافورة أو إعادة طلاء لعامود إنارة.