كانت ردود الفعل متوقعة، ما بين مؤيد لما كتبت عن تكفيريات سيد قطب –عفا الله عنه- وبين رافض ومشكك، وصولا إلى من وجهوا لى اتهاماً مباشرا بالنفاق والعمل على نيل المناصب وما إلى ذلك من التهم "الطريفة". لكن أسوأ ما فى الأمر أن هناك من شككوا فيما كتبت من جهة فهمى النابع من سوء النية "عندى طبعاً" وترديد العبارة المأثورة "مش يمكن كان قصده كذا؟" وهى عبارة تعنى عندى قمة العار، لأن معناها أن قائلها إما لم يقرأ شيئاً أو أنه قرأ ولم يفهم بدليل "يمكن"، ولكنه فى النهاية يعمل على الانتصار لهوى نفسه دون الالتفات للحقيقة الواضحة وضوح الشمس. وقد وعدت بأن أنقل إقرار بعض قيادات جماعة الإخوان بالفكر التكفيرى لدى سيد قطب.. وفيما يلي شهادة ثلاثة من رموز الجماعة عبر التاريخ: 1- يوسف القرضاوى كتاب "أولويات الحركة الإسلامية"- صفحة 110 "في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد (هكذا كتب) سيد قطب، التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي بفكرة تجديد الفقه وتطويره، وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع، وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة، والإزراء بدعاة التسامح والمرونة، ورميهم بالسذاجة والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية، ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في تفسير "في ظلال القرآن" في طبعته الثانية، وفي "معالم في الطريق"، ومعظمه مقتبس من الظلال، وفي "الإسلام ومشكلات الحضارة"، وغيرها، وهذه الكتب كان لها فضلها وتأثيرها الإيجابي الكبير؛ كما كان لها تأثيرها السلبي" 2- فريد عبد الخالق كتاب "الإخوان المسلمون في ميزان الحق"- صفحة 115 "ألمحنا فيما سبق إلى أن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد (هكذا كتب) سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفَّر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك" ويقول أيضا فى نفس الكتاب صفحة 118: "إن أصحاب هذا الفكر وإن تعددت جماعاتهم، يعتقدون بكفر المجتمعات الإسلامية القائمة، وجاهليتها جاهلية الكفار، قبل أن يدخلوا في الإسلام في عهد الرسول، ورتبوا الأحكام الشرعية بالنسبة لهم على هذا الأساس، وحددوا علاقاتهم مع أفراد هذه المجتمعات طبقاً لذلك، وقد حكموا بكفر المجتمع لأنه لا يطبق شرع الله، ولا يلتزم بأوامره ونواهيه، ومنهم من قال بعدم كفر مخالفيهم ظاهرياً، وقالوا بنظرية (المفاصلة الشعورية)، فأجاز هذا الفريق الصلاة خلف الإمام الذي يؤم المصلين المسلمين في سجونهم ومتابعته في الحركات دون النية، وقالوا بعدم تكفير زوجاتهم، وأجَّلوا كفرهم على أساس نظرية (مرحلية الأحكام)، وأنهم في عصر الاستضعاف – أي: العهد المكي – بأحكامه التي نزلت إبانه، فلا تحرم المشركات ولا الذبائح ولا تجب صلاة الجمعة ولا العيدين ولا يجوز الجهاد، ويكفرون من لم يؤمن بفكرهم، وأخذوا ببعض أساليب الباطنية في (التقية)، ألا يذكروا أسرار معتقداتهم لغيرهم، ويظهرونها لخواصهم وأتباع فكرهم، وذلك عندهم ضرورة حركية. وطائفة تمسكت بالمفاصلة الصريحة، وكفَّرت مخالفيهم ومن كان معهم، ومنهم جماعة الإخوان المسلمين، ومرشدهم، وآباؤهم، وأمهاتهم، وزوجاتهم، وهم جماعة (التكفير والهجرة)، الذين يسمون أنفسهم (جماعة المؤمنين)". 3- علي جريشة كتاب "الاتجاهات الفكرية المعاصرة"- صفحة 279 قال بعد أن تحدث عن تكفير الخوارج لعلي رضى الله عنه وأصحابه: "وفي الحديث انشقت مجموعة على جماعة إسلامية كبيرة إبان وجودهم في السجون... ومع ذلك لجأت تلك المجموعة إلى تكفير الجماعة الكبيرة؛ لأنها لا تزال على رأيها في تكفير الحاكم وأعوان الحاكم ثم المجتمع كله، ثم انشقت المجموعة المذكورة إلى مجموعات كثيرة، كل منها يُكفر الآخر". وقد تعمدت إرجاء شهادة رابعة إلى الأسبوع القادم، وفيها إجابة عن سؤال فى غاية الأهمية وهو: لماذا كان سيد قطب يرفض أداء صلاة الجمعة والعيدين فى جماعة؟. لمزيد من مقالات عماد عبد الراضى