لقد دعانا الإسلام إلى الإيمان بجميع الرسل دون تعصب قال تعالي:( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه, والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله)[ البقرة:285]. وجاءت عبادة الإسلام سمحة لا حرج فيها,( وما جعل عليكم فى الدين من حرج)[ الحج:78], وجاءت تتسم باليسر,( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)[ البقرة:185], وتتسم معاملته بالسماحة رحم الله عبدا سمحا إذا باع, وإذا اشترى, وإذا اقتضي. وليست هذه السماحة والرحمة فى حال دون حال, بل إنها كما تكون فى وقت اليسر والسلم تكون وقت الشدائد, بل حتى فى وقت الحروب حين ينازل المسلمون أعداءهم ويردون عن أنفسهم عدوانهم, فيأمرنا ديننا بألا نقتل شيخا كبيرا ولا عجوزا, ولا طفلا ولا طفلة, ولا امرأة, وألا نحرق زرعا, وألا نهدم بيتا أو بناء. هذه تعاليم الإسلام حتى فى وقت نزال العدو, فما بالك فى وقت السلم, إنه يعد العدوان على النفس الإنسانية خروجا عن حظيرة الإسلام ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)[النساء:93]. كما يعد الإسلام العدوان على نفس واحدة بأنه عدوان على البشرية جمعاء لا على نفس واحدة قال تعالي:( من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)[ المائدة:32], فيعد العدوان على النفس الواحدة عدوانا على البشرية جمعاء, لأن الاستهتار بحرمة النفس الإنسانية فى موطن, يغرى بالاستهتار بها فى مواطن أخري, ولأن العدوان عليها فى شخص, يغرى بالعدوان عليها فى أشخاص, بل فى دولة برمتها. ويصور لنا سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم حرمة النفس الإنسانية وعظمتها ومكانتها حين يطوف بالكعبة المشرفة, فيقول وهو يلقى عليها نظراته الحانية: (ما أعظمك وما أعظم حرمتك, وما أطيبك وما أطيب ريحك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك دمه وماله وعرضه). ويصون الإسلام حرمة النفس من أن يعتدى عليها حتى بمجرد التهديد والتخويف والترويع دون قتل, يحرم ذلك حيث جاء فى الحديث من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي, وإن كان أخاه لأبيه وأمه. بل إن الإسلام يحرم الإرهاب حتى ولو كان بالنظرة التى يخيف الإنسان بها أخاه الإنسان فيقول: من نظر إلى أخيه نظرة يخيفه بها أخافه الله يوم القيامة رواه الطبراني. ولا يقتصر أمر حرمة النفس الإنسانية وأمر صيانة الإنسان لهم على هذا النحو فحسب, بل إنه يصون حرمة النفس ولو كانت غير مسلمة, ولو كانت غير تابعة لدين الإسلام. فالإنسان الذمى يقول عنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آذى ذميا فأنا خصمه)، وهو من له ذمة وأمان وعهد لا يصح أن نعتدى عليه, ولا على أحد لم يحاربنا ولم ينازلنا فى المعركة, ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)[الممتحنة:8]. بل وضح الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه بريء ممن اعتدى على حرمة نفس من غير المسلمين من أهل الأمان والعهد الذين لا يحاربوننا يقول: ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس, فأنا حجيجه يوم القيامة. والإسلام يقاوم الإرهاب, وإن المسلمين قاطبة لا يرضون الإرهاب فى أى وطن كان, فى مصر أو فى أى بلد عربى أو بلد أجنبي, لا يرضى المسلمون الإرهاب بحال من الأحوال, إنهم يدينونه فى كل موقع وفى كل مكان, ولا يقبلونه بحال من الأحوال، ونحن نعلن براءتنا من الإرهاب وجهادنا ضده. لمزيد من مقالات د.احمد عمر هاشم