أثارت الاعتداءات التى يتعرض لها المسيحيون المصريون فى ليبيا قلق رجال الدين، الذين أكدوا مخالفة الاعتداء على غير المسلمين للشريعة الإسلامية السمحاء، مشددين على حرمة النفس البشرية أيا كان دينها. الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو هيئة كبار علماء الأزهر, قال إن الدين الإسلامى قرر حماية أهل الذمة والمستأمنين ماداموا فى دار الإسلام، وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته أو اخذ شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة)، وإرساء لأسس التعاون والتواصل بين عنصرى الأمة احل الله طعامهم، فقال: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم..الآية) . وأضاف أن الإسلام دعانا إلى الإيمان بجميع الرسل دون تعصب وصور لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حرمة النفس الإنسانية وعظمتها ومكانتها حين طاف بالكعبة المشرفة, فيقول: (ما أعظمك وما أعظم حرمتك وما أطيبك وما أطيب ريحك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك دمه وماله وعرضه) ولا يقتصر أمر حرمة النفس الإنسانية وأمر صيانة الإنسان لها على هذا النحو فحسب بل انه يصون حرمة النفس ولو كانت غير مسلمة فالإنسان الذمى يقول عنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آذى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة)، وقال تعالي: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) ، بل وضح الرسول صلى الله عليه وسلم، انه بريء ممن اعتدى على حرمة نفس من غير المسلمين من أهل الأمان والعهد الذين لا يحاربوننا يقول: (ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) ومن وصايا سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه: أوصيكم بذمة الله، فإنه ذمة بينكم ورزق عيالكم. الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، يرى أن ما حدث مؤسف وصادم لكل المصريين، فالدماء التى أريقت مصرية, وهذا ما تحرمه الشريعة الإسلامية, ويقول تعالي: (ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق) وهذه الواقعة المروعة أصابت كل مسلم غيور بالإحباط والحزن، وأوجبت أن تكون هناك جهودا مستمرة ومتواصلة لتعميق روح الأخوة الإيمانية وغرس تعاليم الإسلام السمحة, وأن يعلم الجميع أنهم أقرب لنا مصداقا لقوله تعالي: (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون). وينبغى ألا يقف المسلم عند مجرد تلاوة هذه الآيات أو ترديدها وإنما عليه أن يطبقها فى الواقع العملي، ومن هنا فإن على كل مسلم الالتزام بتعاليم الإسلام والمسيحية لأن فيها عصمة الدم وسلامة النفوس، وان تشيع المؤسسة الدينية والإعلام ومنظمات المجتمع المدنى والتربية والتعليم ثقافة الأخوة والمواطنة فى جميع البلاد الإسلامية. بدوره، أكد الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، أن قتل الأقباط فى ليبيا حادث إجرامى لا يمت لأى دين، وان الأديان السماوية كلها حرمت قتل النفس البشرية إلا بالحق، والنفس فى الإسلام معصومة سواء كانت بالدين أو بالعهد أو بالذمة من غير المسلمين، ودخول هؤلاء إلى ليبيا من خلال تأشيرة الدخول اصبحوا فى عهد وأمان على الدولة ويجب على الجميع الحفاظ على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم، لأنهم دخلوا بطريق مشروعة لهذا البلد ولا يجوز إيذاءهم أو قتلهم وان كانوا غير مسلمين، والرسالات السماوية جميعا جاءت لتحافظ على النفس. وطالب الجهات المسئولة فى الدولة باتخاذ السبل القانونية والرادعة للقصاص للضحايا واخذ حقوقهم ليكونوا رادعا للغير .