واصل الرئيس عبدالفتاح السيسى حديثه لرئيس تحرير صحيفة عكاظ امس الثلاثاء وفى بداية الحلقة الثانية، كتب هاشم عبده هاشم رئيس تحرير الصحيفة يقول: إن الحديث مع الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يتصدى اليوم لأكبر تحديات العصر -التى تواجه بلداً كبيرا هو «مصر» - كان ضرورة قصوي، ولاسيما بعد أن قطع الرجل ببلاده مشوارا لا يستهان به فى تثبيت أركان الدولة المصرية، التى أخذت تخطو بقوة نحو الاستقرار وتحصل على المزيد من الاعتراف والدعم الدولى للمضى فى تحقيق بقية الأهداف بدعم من الشعب المصرى المستنفر (الآن)، حفاظا على مكتسباته الوطنية وبمساندة قوية من أشقائه الأوفياء فى مقدمتهم المملكة العربية السعودية التى وضعت يدها فى يد شعب وقيادة مصر.. لما فيه خير البلدين والشعبين.. ولما فيه تأمين سلامة المنطقة ضد كل المخططات والمطامع والمطامح التى تريد الكثير. وها هو الرئيس السيسى يواصل معنا الحديث اليوم ويعطى تفاصيل غاية فى الأهمية عما حدث ويحدث، مجسدا ما يراه البلدان الشقيقان من خلال بوصلة قراءتهما الدقيقة للأحداث سواء بالنظر إلى أوضاع المنطقة من الداخل، أو بما يرسم ويخطط ويوضع من أجندات لإغراقها فى المزيد من الفوضي.. أو بالنسبة للخارطة الجديدة التى رسمها السيسي، لما بعد خارطة المستقبل التى تبقت فى تنفيذها خطوة واحدة.. وردا على سؤال حول دور مصر الفاعل ورؤيته لمستقبل الخليج قال الرئيس السيسى الجيش المصرى بخير دائما.. جاهز معنويا وقتاليا، يتسلح بالمعلومات التى تحدث ساعة بساعة.. له عين يقظة وحركة نشطة وفعالية فى أداء مهام حفظ أمن وأمان الوطن وحماية حدوده، وهو ما يبدو بوضوح من مدى النجاحات التى يحققها، ولعلك تابعت المناورة »بدر 2014« التى تعد الأضخم للذخيرة الحية فى تاريخ القوات المسلحة وتتضمن توفير ظروف مشابهة للحرب الحقيقية، إلى جانب تحقيق السيطرة على القوات خلال كل مراحل العملية، تحت تغطية كاملة من القوات البحرية، التى تنفذ أعمال العبور للموانع المائية واستخدام الذخيرة الحية، كما أن المناورة تتضمن فعاليات بالذخيرة الحية شهدتها أثناء متابعتى لمناورة ذات الصوارى التى قامت بها القوات البحرية.. وأجد الفرصة هنا سانحة لأعاود التأكيد على أن أمن منطقة الخليج العربى خط أحمر وجزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصري. وحيا الرئيس الملك عبدالله بن عبدالعزيز قائلا: دعنى بداية أوجه تحية إعزاز وتقدير لخادم الحرمين الشريفين على مواقفه الشجاعة والمشرفة التى أبداها وما زال إزاء مصر وشعبها، تلك المواقف التى تدلل على أخوة حقيقية وصداقة وفية، طالما اعتززنا بها، حكومة وشعبا. وأعاود التأكيد على أن جلالة الملك هو حكيم العرب « واننى اتفق معه تماما فى وصفه لمصطلح «الفوضى الخلاقة» بأنها »فوضى الضياع والمصير الغامض« .. وكل من له عينان تريان أو عقل يفكر يستطيع أن يحكم على نتائج ما يسمى بالفوضى الخلاقة فى بعض دول المنطقة التى أثيرت فيها الفوضى بغية تفتيت المنطقة وإعادة ترتيبها وفقا لمصالح أطراف لم تع ولم تقدر خطورة ما فعلت بل وتسدد الآن فاتورة ما شاركت فى إحداثه من فوضي. وقال ردا عن سؤال اخر ان هناك اطرافا باحثة عن دور ما لها فى المنطقة، وتحاول بطرق شتى أن توجد لنفسها موطئ قدم على خريطة القوى الفاعلة، فتلك الأطراف كانت تظن خطأ - أن إنشاء نظام إقليمى جديد سيتيح لها الفرصة لممارسة دور رائد إقليميا.. وكانت النتيجة كما نرى جميعا.. حروبا أهلية.. نزاعات طائفية ومذهبية.. مقدرات تضيع.. وشعوبا تدفع الثمن.. انتقلنا إلى مرحلة اللانظام.. وظهرت هذه الأطراف على حقيقتها.. فقدت احتراما ومصداقية كان يمكن أن تتمتع بهما لو أنها انتهجت منحى مغايرا.. ولكن المقدمات الخاطئة تقود دوما إلى نتائج خاطئة.. وفى النهاية لا يصح إلا الصحيح ..أعتقد أن هناك إدراكا متزايدا من مختلف القوى الدولية، ومن بينها القوى الكبري، لحقيقة الأوضاع فى المنطقة، ولقد بدأ هذا الإدراك يتبلور عمليا من خلال الجهود الدولية التى تبذل من أجل مكافحة الإرهاب لقد بات العالم الآن أكثر وعيا بأن الفوضى لا يمكن أن تنتج سوى المزيد من الفوضى وأنه لا يمكن الوقوف ضد إرادات الشعوب. وردا على سؤال عن زيارته الاولى لموسكو ولقائه أخيرا الرئيس الامريكى وهل يعنى ان مصر اصبحت تملك خيارات عديدة للتوفيق بين ماتحتاجه ماتريده . هل أحصل على إجابة مباشرة ومحددة وغير تقليدية على سؤال كهذا؟ قال الرئيس: بكل تأكيد ستحصل على إجابة واضحة ومحددة وليست تقليدية كما ذكرت.. إن مصر ما بعد ثورة الثلاثين من يونيو تقيم علاقاتها الدولية على أسس من الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية.. وتحرص على إقامة علاقات متوازنة وديمقراطية لا تميل إلى طرف على حساب آخر ولا تعلى سوى مصلحة الوطن.. ولتعلم أن هذه الإجابة هى نص الجزء الخاص بالسياسة الخارجية المصرية فى خطاب تكليفى للحكومة المصرية.. أى أنها جزء من وثيقة رسمية على أعلى درجة من الأهمية.. وليست مجرد كلام يقال.. فزيارتى إلى موسكو جاءت استجابة لمصلحة الوطن وليست خصما من علاقات مصر مع أى طرف، وكذا فإن لقاءاتى مع الرئيس الأمريكى أو المسئولين الأمريكيين ليست خصما من علاقاتنا مع أى طرف آخر.. إننا فى مصر الجديدة نتحرك وفق مصالح الوطن والشعب.. ونعتز بعلاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة، التى نتبادل معها أدوار التأييد والمساندة وقت الأزمات. وحول عملية السلام وهل يتحقق بالدولة الفلسطينية وبالأمن لإسرائيل. قال الرئيس: هناك ضرورة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وهناك احتياج إسرائيلى للشعور بالأمن وتحقيقه، ومن ثم فإن التسوية السلمية للصراع الممتد لأكثر من ستة عقود تعد حقا أصيلا للشعب الفلسطينى وتصب فى مصلحة الشعب الإسرائيلي، ولذا حرصت فى مؤتمر إعادة إعمار غزة أن أدعو الشعب الإسرائيلى إلى تحقيق السلام، وحث قادته على المضى قدما فى طريق السلام. واضاف قائلا اننا فى مصر لا نلتفت كثيرا إلى أية محاولات يائسة للتشويش على دورنا الإقليمى فى المنطقة، ولاسيما فى القضية الفلسطينية التى ستظل محتفظة بمكانتها التقليدية فى صدارة اهتمامات السياسة الخارجية المصرية. وحول مكافحة الارهاب ومايتردد عن ان مصر غير متحمسة للمشاركة فى محاربة داعش قال الرئيس ان مصر كانت من أوائل الدول التى حذرت من مخاطر انتشار الإرهاب ومحاولات بعض الأطراف الدولية لإيجاد جماعات متطرفة تساندها فى مواجهة أطراف دولية أخرى فى المنطقة إلى أن آلت الأوضاع إلى ما نحن فيه الآن، وعلى الرغم من ذلك ولكون مصر قد اكتوت بنار الإرهاب، فإننا منخرطون بالفعل فى الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وليس أدل على ذلك من مشاركة مصر فى الاجتماع الذى عقد أخيرا فى واشنطن فى هذا الصدد والذى ضم رؤساء أركان حرب القوات المسلحة فى عدد من الدول وذلك فى الوقت الذى رفضت فيه أطراف إقليمية أخرى المشاركة. وأود أن أوضح أن مصر تؤكد أهمية أن تتم مكافحة الإرهاب من منظور شامل، لا يقتصر فقط على الشق العسكري، وإنما يمتد ليشمل الأبعاد التنموية بشقيها الاقتصادى والاجتماعي.. الرؤية يجب أن تكون واضحة بما يضمن عدم تكرار ظهور وانتشار هذه الجماعات المتطرفة التى تستهدف مقدرات الدول وتسيء إلى الإسلام. وحول رؤيته للاوضاع فى كل من العراقوسوريا واليمن ،وإن كان هناك من يعتقد أن الموقف المصرى من النظام السورى مازال ملتبسا ومن الوضع فى العراق واليمن غير واضح تماما.. اكد الرئيس ان مصر لها فلسفتها الخاصة إزاء التعاطى مع كل هذه القضايا المهمة والحيوية فى المنطقة وهى فلسفة قائمة على حماية الدول ذاتها وصون حقوق شعوبها دون محاباة لنظام أو معاداة لأتباع مذهب أو عرق أو طائفة بعينها فى أى من الشعوب العربية، فمصر أبعد نظرا وأكبر قدرا من أن تقع فى شرك كهذا، لا طائل من ورائه سوى تأجيج الصراعات وتكون الشعوب هى الخاسر الأكبر. ويمنح هذا الموقف لمصر مصداقية أكبر وقبولا أعلى من أى أطراف أخرى ترتبط بمصالح ضيقة من نظام حاكم أو أتباع مذهب أو عرق بعينه فى أى شعب عربي، وأؤكد لك أن موقف مصر إزاء سورياوالعراق واليمن، موقف واضح يستهدف الحفاظ على السلامة الإقليمية لهذه الدول ووحدة شعوبها وصون مقدراتها، والعمل على إيجاد حلول سياسية لتلك الأزمات. وردا على سؤال عن العلاقات المصرية التركية والمصرية القطرية وهل هناك جهود أو مساعٍ من داخل المنطقة أو خارجها تقود إلى مصالحة من نوع أو آخر فى المدى القريب؟ قال الرئيس السيسى: هناك خطوة يتعين توافرها أولا قبل الحديث عن جهود أو مساع لتقريب وجهات النظر، ألا وهى توافر الإرادة السياسية لدى الأطراف التى تحدثت عنها لإزالة التوتر وإعادة العلاقات مع مصر إلى طبيعتها.. هل تتوافر تلك الإرادة أولا؟ وإذا قيل إنها متوافرة، فهل هناك خطوات عملية وكافية تدلل على توافرها وصدقها؟.. دعنا نطرح هذا السؤال ونترك الحكم للقراء .. إن عدم رد مصر على الإساءات التى توجه إليها يُعد أبلغ رد فى حد ذاته. وحول المؤتمر الاقتصادى حول مصر وابرز المشاريع الطموحة من اجل مستقبل المستقبل قال مرة أخرى أوجه الشكر مجددا لخادم الحرمين الشريفين على دعوته الكريمة لعقد هذا المؤتمر، فجلالته كما عهدناه دوما سباقا إلى التفكير والانشغال بقضايا المنطقة وبأحوال دولها، وأشير إلى أن التنسيق يتم بشكل كامل بين مصر والمملكة من أجل تنظيم المؤتمر وإنجاحه، إن شاء الله. أما بالنسبة للمشروعات التى سيطرحها المؤتمر فهى عديدة ومتنوعة. وحول مستقبل العلاقات بين البلدين الشقيقين على كافة الأصعدة.. وأهميتها فى المرحلة القادمة. قال إن مستقبل العلاقات بين البلدين واعد ومزدهر، ومليء بالفرص الاقتصادية والتنموية التى يعززها التوافق السياسي، وكما تقول الحكمة العربية «رُب ضارة نافعة» فعلى قدر صعوبة المحنة التى مرت بها مصر خلال الفترة الماضية، على قدر ما أثبتت مواقف المملكة العربية السعودية تحت قيادة جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز أصالة مواقفها إزاء مصر وشعبها، وهى المواقف التى سيظل يحفظها الشعب المصرى للمملكة الغالية وشعبها الشقيق، وسيحفرها التاريخ بأحرف من نور فى سجل المواقف الأخوية الحقيقية بين البلدين. واوضح الرئيس ان وقوف المملكة إلى جوار مصر لم تكن له فقط معان نبيلة على مستوى العلاقات الأخوية بين البلدين، ولكنه صان العديد من دول المنطقة ومقدراتها وكان نتاجا لإدراك صائب بخطورة الأوضاع والمخططات التى كانت تصاغ لها، ويقع على عاتق الدول العربية أن تتضامن وأن تسهم بفاعلية فى تحقيق استقرار وأمن المنطقة أخذا فى الاعتبار حيوية المنطقة للعالم بأسره، سواء من حيث كونها مصدرا ثريا لمصادر الطاقة أو معبرا لحركة التجارة العالمية. سياحتنا آمنة حتى فى أصعب الظروف وحول ماتفعله مصر لعودة السياحة مرة اخرى لمكانتها عند شعوب المنطقة وسواها قال: إن المشكلة التى عانت منها السياحة المصرية على مدار السنوات الثلاث الماضية لم تكن تتعلق بأى قصور فى قطاع السياحة المصرية او بتنافسيتها سواء على مستوى المضمون أو الأسعار، فقطاع السياحة المصرية كان وسيستمر بإذن الله أحد أهم مصادر الدخل القومى المصري، ولكن التطورات السياسية التى مرت بها البلاد وما أفرزته من بعض الاضطرابات الأمنية فضلا عن المبالغات الإعلامية أعطت السياح فى مختلف دول العالم انطباعا بأن هذه الحالة من عدم الاستقرار منتشرة فى جميع ربوع مصر وهو انطباع خاطئ تماما ومجافٍ للواقع.. فالمقاصد السياحية المصرية كانت آمنة تماما حتى فى أصعب الأوقات التى شهدت فيها العاصمة بعض الاشتباكات أو الاضطرابات والتظاهرات، بل إن عددا كبيرا من أحياء القاهرة ذاتها كان آمنا تماما طالما لم يكن قريبا من أماكن وقوع تلك التظاهرات. لقد زالت جميع هذه الأسباب الأمنية الآن، ورفعت الدول الأوروبية حظر السفر الذى كانت قد فرضته فى السابق على المقاصد السياحية المصرية وعلى الرحلات النيلية بين الأقصر وأسوان، ويستمتع السياح حاليا من مختلف دول العالم بالمقاصد السياحية فى البحر الأحمر، ويبذل رجال القوات المسلحة والشرطة من الجهد والتضحيات فى سبيل أمن واستقرار مصر ما يستحق التقدير والإشادة.. اعقدوا فقط العزم على السياحة فى مصر وستقضون بإذن الله أوقاتا طيبة فى بلدكم الثانى مصر.