لا يمكن أن تبدأ السطور دون تحية إجلال لشهدائنا ومصابينا من خير أجناد الأرض، الذين يواصلون تقديم الدم والحياة لحماية بلادهم ومواجهة السرطان الإرهابى المزروع فى سيناء، والذى لا مثيل لخسته ونذالته، والذى تؤكد كل حلقة جديدة من حلقات الدم والغدر أن ما فعله عشرات الملايين من المصريين فى 30 يونيو 2013 كان ضرورة حياة وإنقاذ لمصر من تمدد وتمادى هذا السرطان.. آن الأوان للاستجابة لدعوة إخلاء هذه المناطق من سيناء التى يتمدد فيها سرطان هذه العصابات وبالأسلوب الذى يقترحه أبناء سيناء ولا يتسبب فى إضرار بمصالحهم والى فترة محدودة يتم فيها دك وتطهير جميع معاقل وبؤر شياطين الأرض، الذين يزداد هوسهم وجنون مخططات محركيهم كلما بدا أن الشعب المصرى يقطع خطوات الى استقرار لتحيا وتلتقط أنفاسها الملايين المتعبة ويحصدوا ثمار ثورتهم. وعودة الى ما أردت كتابته استكمالا لمقال الأسبوع الماضي، وما تلقيته أو ما لم أتلقه من ردود القضيتين اللتين تناولهما المقال، والذى استغرقه بالكامل تقريبا تساؤلات عن حقيقة ما حدث فى الحديقة النباتية بالمعمورة، وما قيل عن جهات غير معلومة استولت على 57 فدانا من أخصب الأراضى الزراعية منزوعة من أملاك الملك السابق للمصلحة العامة، وضمت الى وزارة الزراعة ومعهد بحوث الحدائق النباتية وتكررت محاولات طرد الخبراء والباحثين منها، وقيل انها جرائم بلطجة، وفى الأسبوع قبل الأخير، نفذ إخلاؤها نهائيا وقيل إنها بيعت على عهد وزير الزراعة الأسبق أمين أباظة، ودعوت رئيس مجلس الوزراء لإجراء تحقيقات عاجلة عن حقيقة ما حدث ومن امتلكوا حق الاستيلاء عليها، وبأى قانون استطاعوا تحويل أرض للمصلحة العامة الى أملاك خاصة!! أما القضية الثانية، ففى ما لا يتجاوز ثمانية أسطر أشرت إلى ما وصلنى حول الوفد الذى تشكل من أهل النوبة لمقابلة وزير العدالة الانتقالية، للاستماع الى شكاوى ومطالب أبناء المنطقة، وأن جميع أعضاء الوفد كانوا من الحزب الوطني، وتساءلت فى إطار ما نشاهده يدور الآن فى أنحاء مختلفة من مصر من سباق لعودة كثير من رموز النظام الأسبق للسيطرة على البرلمان والحياة السياسية «ألم تحدث ثورة فى بلدنا وهناك قوى وأطياف وعناصر جديدة من أبناء النوبة ومن عموم المصريين يجب أن يكونوا شركاء فى بناء مصر الجديدة؟!»، وفور نشر هذه السطور الأحد الماضي، لم تتوقف الاتصالات التى تختلف مع ما كتبت وترى أن من حضروا الاجتماع المشار إليه مثلوا جميع أبناء النوبة ومختلف الأطياف السياسية والوطنية، ودون انتماءات حزبية لعرض عدالة قضيتهم النوبية أمام وزير العدالة الانتقالية المستشار إبراهيم الهنيدي، الذى قام بدوره بإرسال رد انضم الى الرد الذى أرسله مجموعة من أبناء النوبة يحملان نفس المعني، وأنه فى جلسة الاستماع التى عقدتها الوزارة بمقر مجلس النواب حضر لفيف من أبناء أسوان وممثلون من جميع الأطياف سواء النوبيون أو الجعافرة أو العرب أو العبايدة، أو البشارية وأفاض الوزير فيما لم يتطرق له المقال عن جهود الوزارة والحكومة لحل مشكلة أبناء النوبة وأذكر أنه فى مقالات كثيرة سابقة لم أتوقف عن توجيه الدعوة للاهتمام بأبناء مصر من ساكنى الأطراف والمناطق البعيدة مكانيا فقط، ولكنهم يجب أن يكونوا فى القلب من الاهتمام والرعاية بعد طول الحرمان والإقصاء، وفى مقدمتهم أبناء النوبة وسيناء، وما يحدث الآن من جهود مخلصة لحل مشكلات أبنائها وتلبية مطالبهم، أثق أنه توجه أصيل ومن أولويات نظام 30 يونيو. وأعود الى القضية الأولي، التى شغلت المقال بأكمله تقريبا، ولم يتفضل مسئول واحد بالرد عليها لتوضيح حقيقة ما حدث فى الحديقة النباتية بالمعمورة، وهل بيعت بالفعل، واذا كان وزير سابق قام ببيعها فهل كان على الوزير المسئول الآن أن ينفذ أم يمنع اتمام الجريمة؟! المفاجأة أن يأتينى الرد من اثنين من أساتذة وخبراء الزراعة وبما يؤكد أن مصر برغم شراسة وتوحش الفساد الأسبق والسابق، والذى مازالت ذيوله وأذرعه ممتدة تدير معركة حياة أو موت أخيرة بإذن الله لن تعدم مصر أبدا الأمناء والحراس..!! أما المفاجأة الأكبر فهى أن قضية الحديقة النباتية بالمعمورة أمام النائب العام كما كتب لى د. غريب البنا مدير معهد بحوث البساتين الأسبق. «قرأت باهتمام مقالك بجريدة الأهرام الأحد 19 أكتوبر 2014 عن مزرعة المعمورة بالإسكندرية التابعة لمركز البحوث الزراعية، معهد بحوث البساتين، وأحيطك علما بأننى تقدمت ببلاغ للنائب العام سنة 2011 بخصوص هذا الموضوع وهو الآن تحول الى قضية لدى المستشار أحمد إدريس تحت رقم 571 لسنة 2011، ومن الأشياء المهمة التى علمت بها وأرجو أن تظهر التحقيقات مدى صحتها، أن بيع المزرعة تم لأخت وزير شهير فى النظام الأسبق!! وهناك خطاب من معهد بحوث البساتين أرسل لمن كان يستأجر المزرعة 2010 يطلب فيه إخلاء المزرعة لأنها بيعت لأحد الأجهزة السيادية!! هذه المزرعة كانت تحتوى على كثير من سلالات الفاكهة النادرة التى انتخبها المرحوم أحمد عزت مدير محطة بحوث الصبحية ومشاتل لانتاج نباتات الزينة وغيرها الكثير لتجارب وبحوث علماء مراكز البحوث الزراعية». واتفق مع ما نشر عن الحديقة النباتية مهندس أحمد البنا خبير مصرى فى الزراعة والمياه بالسودان وأضاف وقائع لا تقل خطورة، فإضافة الى ما حدث فى الحديقة النباتية بالمعمورة بأن هناك قطعة أرض أخرى تابعة لمحطة بحوث الصبحية الزراعية فى الإسكندرية، استولى عليها وزير زراعة سابق من مركز البحوث الزراعية ونزع ملكيتها وردمها بالحجارة والدبش باسم أنه يريد أن يقيم أسواقا للمحاصيل الزراعية وسيطر على مبنى الهيئة العامة للجهاز التنفيذى لمشروعات تحسين الأراضى باسم بناته!! وهناك 15 جمعية زراعية فى الاسكندرية منها 12 جمعية قرب أبيس و3 جمعيات فى منطقة الاسكندرية، وبعضها كان فى المعمورة أغلقت تماما وليس بها فدان أرض للزراعة، أصبحت كلها مبانى + مزرعة تابعة للهيئة العامة للاصلاح الزراعى فى أبيس العشرة تدعى مزرعة أبيس التدريبية ومساحتها 176 فدانا بيع الفدان ب 250 ألف جنيه، فى حين اننى الكلام مازال للمهندس أحمد البنا، جئت بعقد بيع ب 2 مليون و600 ألف جنيه، وكان هذا السعر فى نفس الشهر وعليه فسعر المزرعة كان يقدر ب 3 مليارات جنيه، بينما لم يصل سعر البيع الذى تمت به إلى 51 مليون جنيه!! هذه معلومات يقدمها خبراء زراعة، وما حدث فى الحديقة النباتية بالمعمورة تحول الى قضية أمام النائب العام!! السؤال الذى يجب أن يجد إجابات موثقة، كيف تباع أراضى مصلحة عامة من أخصب الأراضى الصالحة للزراعة وتجرف وتتحول الى مساحات مغطاة بالطوب والأسمنت، وهل نستصلح ملايين الأفدنة بكل ما يتكلفه الاستصلاح ونترك التدمير يتواصل ومن دمروا بلا حساب وهل يمكن كشف الحقائق على أيدى بعض من كانوا شركاء أو مستشارين لعمليات البيع وأعوان أساسيين لمسئولين عما حدث!! أكتب هذه السطور مساء الجمعة والدماء الطاهرة والزكية، دماء شهدائنا ومصابينا تملأ أرض سيناء.. كيف يتسق هذا الجهاد النبيل لجميع الشرفاء والأمناء على أرض مصر مع استمرار الفساد فى تحقيق من التدمير والتخريب ما لا يقل عما يحققه الإرهاب.. ولنا عودة بإذن الله وسلام على الأرواح والدماء الزكية التى تزيد المصريين صلابة وقوة وإصرارا على تحدى وهزيمة مخططات وجرائم عصابات وجماعات وتنظيمات الإرهاب والفساد. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد