علي مدي العقدين الماضيين نجحت الولاياتالمتحدة وإسرائيل في جر منطقة الشرق الأوسط إلي حربين خاسرتين دمرتا مقدرات المنطقة واهلكتا الحرث والنسل, دون أن تحققا أي انجاز سوي الخراب والموت. وفي النهاية غادرت القوات الأمريكية العراق بعد ثمانية أعوام من حرب مهلكة ليصبح العراق منطقة نفوذ واسعة لإيران, بينما تستعد القوات الأمريكية لمغادرة أفغانستان التي يبدو أن استقرارها سوف يكون رهنا باتفاق مصالحة بين طالبان وحكم الرئيس الأفغاني حامد قرضاي, وكأنك يا أبو زيد لا رحت ولا جيت!. ومع الأسف تحاول إسرائيل والولاياتالمتحدة جر المنطقة إلي حرب ثالثة مع إيران برغم الكوارث الثقيلة التي أسفرت عنها الحربان الأفغانية والعراقية.., وكما بدأت واشنطن عملية غزو العراق تحت دعاوي امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل ثبت كذبها!, تخطط الولاياتالمتحدة وإسرائيل لتوجيه ضربة جوية ثقيلة لمنشآت إيران النووية, برغم انتفاء وجود أي دليل علي أن إيران تملك برنامجا عسكريا لصنع القنبلة النووية باعتراف الوكالة الدولية للطاقة والولاياتالمتحدة ذاتها, وبرغم المخاطر المخيفة التي يمكن أن يتعرض لها امن الشرق الأوسط إذا صعدت إيران ردود أفعالها في منطقة الخليج, خاصة أن إيران تعتقد أن من حقها المشروع تخصيب اليورانيوم لإنتاج وقود نووي يصلح لتشغيل محطاتها الكهربائية النووية, كما أن البرنامج النووي الإيراني أصبح جزءا من فخار إيران الوطني, لن تقبل طهران إغلاقه بالضبة والمفتاح تحت التهديد العسكري أو تحت طائلة العقوبات الاقتصادية التي يبدو أنها تعض الاقتصاد الإيراني بقسوة. والواضح أن واشنطن وتل أبيب تختلفان حول الموعد الملائم لتوجيه الضربة الجوية لمنشآت إيران النووية, وهل يكون قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة في نوفمبر, كما تخطط إسرائيل أم يحسن تأجيلها إلي ما بعد الانتخابات كما يريد الرئيس أوباما, خاصة أن معظم التوقعات تؤكد أن الضربة الجوية لن تسفر عن تدمير شامل للبرنامج النووي الإيراني, الموزعة منشآته علي مساحات واسعة ولوجود بعضها علي أعماق سحيقة تحت الأرض, وربما يكون من نتائج الضربة أن تندفع إيران إلي المضي قدما في مشروعها النووي العسكري, وتعمد إلي تصعيد هجماتها علي مضيق هرمز في ظل ضغوط الحرس الثوري الإيراني الذي يطالب بان تحافظ إيران علي زمام المبادرة وتبادر بالهجوم إذا تيقنت أن الضربة الجوية قادمة لا محالة, ويزيد من تعقيد الصورة تضارب تصريحات كل الأطراف علي نحو يزيد غموض الموقف لكنه يضاعف من فرص الصدام المسلح. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد