فى محاولة للكشف عن الوجه الآخر لحياة بعض الشباب فى إيران والتى قد لايعرفها الكثيرون، وربما فى محاولة للتمرد على بعض سياسات القمع التى يتبعها النظام. نشر حساب “ريتش كيدز أوف طهران” الذي تم إنشاؤه منذ سبتمبر الماضي على موقع “إنستجرام” لتبادل الصور وملفات الفيديو وجذب عشرات الآلاف من المتابعين صورا للفتيات الإيرانيات بالمايوهات الساخنة على حمامات السباحة داخل أحد القصور، وصورا أخرى تصور الشباب يرقصون معا دون التفرقة بين جنس وآخر، وأخرى تصور حديثى النعمة من أثرياء إيران وهم يرقصون فى سيارات فاخرة على أنغام الموسيقى فى أحد أحياء طهران الغنية، وعشرات من الصور تبرز مدى التفاخر بين الفتيات لإجرائهن جراحات التجميل . كل هذه الصور تؤكد مدي الاستهتار والفوضوية التى يعيش فيها الشباب الإيرانى من أبناء الأسرة الحاكمة دون إبداء أى مخاوف من الحرس الثوري، أو ما يطلق عليه آية الله على خامنئى “الشرطة”. ولم تكن صور “ريتش كيدز أوف طهران” عن ثراء الشباب الإيرانى الفاحش هى الأولى من نوعها، بل ظهرت فى الأشهر الأخيرة صور مماثلة على موقع فيس بوك وفى تقارير صحفية أجنبية، ولكن كان يشكك فيها البعض حتى وقت قريب ، حتى جاءت صفحة “ريتش كيدز أوف طهران” كالقشة التى قصمت ظهر البعير ، حيث أثارت موجة استنكار حادة فى الداخل ، وقامت مجموعة مقابلة بالرد عبر إنشاء صفحة منافسة أطلقوا عليها اسم “بور كيدز أوف طهران”، أى (فقراء طهران)، يظهرون فيها مشاهد من حياة البؤس فى العاصمة الإيرانية ، خاصة أن أكثر من نصف عدد سكان إيران فى المدن يعيشون تحت خط الفقر ، وذلك وفقا لإحصائيات عام 2011. ولكن سرعان ما قامت السلطات الإيرانية بحجب الصفحة مثل باقى المواقع الأخرى التى تم حجبها مرارا، بزعم أنها منافية للقيم الإسلامية أو معادية للنظام. وفى حوار أجراه موقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكى مع أحد مؤسسى صفحة “ريتش كيدز أوف طهران”، قال إنهم أنشأوا هذه الصفحة لإظهار صورة عامة أفضل عن إيران للعالم بأسره، وتأكيد أنها ليست سيئة دائما كما هو شائع عنها فى وسائل الإعلام العالمية. وتعليقا على الثراء الفاحش الذى يتمتع به الشباب الإيرانى من أبناء صفوة المجتمع ، تشير الصحف الغربية إلى أن هذه الطبقة نمت فى الفترة ما بين 2005 و2013 فى عهد رئاسة الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد، موضحة أن أبناء هذه الطبقة لا يخشون بطش النظام، كما أن هذه الهوة الكبيرة بين الأثرياء والفقراء في إيران ازدادت ولم ينجح نجاد فى تقليص رقعة الفقر، التى وعد الإيرانيين بها عندما تولى الرئاسة عام 2005. وفى الإطار نفسه، ذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية أن شباب إيران الأثرياء يقومون بتعاطى المخدرات والكحول وراء جدران منازلهم، ويحصلون عليها بطرق غير قانونية من مصادر متعددة ، وفى الوقت الذى يغض الحرس الثورى الإيرانى ومسئولون آخرون فى النظام أعينهم عن هؤلاء ، حكموا على ستة من الشباب الإيرانى بالسجن لمدة 6 أشهر و91 جلدة لكل منهم، بسبب نشر فيديو لهم على موقع “يوتيوب” يصورهم وهم يرقصون فرحا على أنغام إحدى الأغانى الشهيرة فوق أسطح أحد المبانى فى طهران. جانب آخر كشف عنه “إنستجرام” وهو أن إيران قد تصبح واحدة من أكبر أسواق السيارات الفاخرة والرياضية فى الشرق الأوسط، على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة عليها والأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعانيها الطبقتان الدنيا والوسطى من الشعب الإيراني. فقد كشفت الصور عن نوع شهير من السيارات الرياضية التى حصلت عليها إيران عام 2011 ، وعلى الرغم من رفض الشركة المنتجة لهذا النوع بيع 1400 سيارة فإن إيران حصلت فى العام نفسه على أكبر عدد من هذا النوع من السيارات مقارنة بأى دولة أخرى فى الشرق الأوسط، وذلك وفقا لما أكدته مجلة “إيكونوميست” الأمريكية. نعم .. هذه هى صورة من إيران، التى ترتدى عباءة الدين وتتخفى وراء غطاء الحياء والاستقامة، لتبدو وكأنها نظام ملتزم يرفض رفضا قاطعا الخروج على القيم الإسلامية، ويعاقب بشدة كل من يخالف حدود الحياء ، بينما يستحله لأبنائه من الشباب الثري، تطبيقا لمبدأ “حرام عليهم وحلال لنا”.