حالات كثيرة نشهدها هذه الأيام - لم تكن شائعة فى مجتمعاتنا بالسابق- لفتيات ونساء يجدن العيش فرادى دون شريك الحياة .. لم تعد إمرأة اليوم هى تلك التى كانت بالماضى تبحث عن الرجل لتلجأ إليه كقطة مذعورة.. أو لتسند على كتفه جبهتها!.. قدرتها على العيش وحدها باتت واضحة من خلال الإحصائيات التى كشفت فى عام 2009عن أن عدد المطلقات فى مصر بلغ 4 ملايين (معظمهن فى سن الشباب).. كما بلغ عدد الأرامل 9.2 مليون نسمة أى بنسبة 6.3% من عدد السكان، بينما كشف الجهاز المركزى للتعبئة والأحصاء عن إرتفاع العنوسة فى مصر إلى 8.6 مليون فتاة (ما بين سن 18 و35 سنة)، أى ما يعادل 40% من مجموع الفتيات فى سن الزواج، وهو رقم مرشح أيضاً للإرتفاع بسبب الأزمة الإقتصادية والسياسية التى تعيشها مصر فى ظل التوتر السياسى. فيما يتعلق بهذه الظاهرة، ومدى قدرة الرجل أيضا على العيش وحده، يقول دكتور ماجد أرنست رياض إستشارى الطب النفسى: "ليس لدينا احصائيات مؤكدة نعتمد عليها لإقرار ما إذا كانت المرأة فقط من تجيد الحياة وحدها دون شريك.. أم أن المرأة والرجل يتشاركان فى هذه الملكة بنفس القدر.. وإن كنت أرى أن الموضوع غير مقصور على المرأة فحسب، فهناك رجال كثيرون يعيشون دون شريكة العمر". حول ما إذا كانت قدرة الإنسان على العيش وحده هى دليلا على قوة شخصيته وجمود عاطفته، ويضيف دكتور آرنست : "خلق الله الرجل والمرأة متساويين فى العاطفة، لكن المرأة لديها قدرة أكبر على التعبير عنها، فهى بإمكانها أن تبكى وتشكو وتصرخ، بينما المجتمع ينتقص الرجل إذا حاكاها فى نفس السلوك، وينظر له بإعتباره شخصا ضعيفا إذا حاول إظهار عاطفته بالرغم من أنه سلوك إنسانى طبيعى!.. لذلك تبدو الأنثى دائما هى الأكثر عاطفية وإحساسا، لكنهما سواء فى المشاعر والأحاسيس. المرأة أطول عمرا يرجع دكتور ماجد أرنست نظرة المجتمع للمرأة بأنها أكثر قدرة على الحياة بدون رجل إلى أن متوسط عمر السيدات (72 عاما) أكبر من متوسط عمر الرجال (68 عاما)، وهو ما يعكس ربما انطباعاً بأن المرأة تجيد العيش وحدها طويلا، نظرا لأن عمرها أطول من الرجل. من جانبه، أشار دكتور حسنين كشك الخبير بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن هذه الظاهرة ربما تنتشر بصورة أكثر وضوحا فى المدن الكبرى، لكن فرصة إستقلال المرأة فى الريف تكون ضعيفة نظرا إلى العلاقات المباشرة والمتداخلة جيدا بين الناس وبعضهم البعض هناك، كما أن المرأة فى الماضى كانت تفتقد التعليم والوظيفة، لذلك كان الرجل بالنسبة لها هو عائلها الوحيد بالحياة. الأكثر جلدا يؤكد دكتور كشك أن المرأة تتفوق على الرجل فى قدرتها على الصبر والتحمل والكفاح، كذلك تتمتع بالنفس الطويل فى تربية الأطفال، وهو ما يفتقده الرجل لذا يكون من الصعب أن نجد رجلا مطلقا أو أرملا يستطيع تربية أطفاله بمفرده. غالبا ما يقدم الرجال على الزواج بعد وفاة زوجاتهم بحثاً عن شريكة يعتمد عليها فى الحياة كى ترعاه وتهتم بشئون البيت. يوافقه فى الرأى دكتور أرنست مؤكدا أن المرأة تتفوق على الرجل بقدرتها على رعاية بيتها وعملها وأطفالها فى ذات الوقت‘ فقد منحها الله ملكة عمل أكثر من شىء فى توقيت واحد غير أن الله قد خلق أدم وحواء معا، ولم يخلق كلا منهما وحده، وهذا خير دليل على أنهما يمثلان الأمان والحماية والحب والأنس لبعضهما البعض.. وكل منهما يكمل الأخر.. وهما من يصنعان مستقبل الأسرة معا. الانشغال يضيف: "عادة ما يستغنى الإنسان عن الزواج حال إنشغاله بالدراسات العلمية وحصد الشهادات العليا.. أو أن يكون مهتم بعمله والإرتقاء فى الدرجات الوظيفية. فى مثل هذه الحالات، يحقق الطموح الجامح للإنسان الإشباع النفسى ولا يعد بحاجة إلى البحث عن شريك له فى الحياة.. فى هذا السياق، يشدد دكتورحسنين كشك على أنه من الصعب أن يتحدى إنسان الحكمة الإلهية بأن يعيش وحيدا دون نصفه الآخر. وإذا استطاع إنسان أن يعيش وحيدا فى الدنيا، فإن ذلك - فى حد ذاته- يعد مأساة، تورّثه الأمراض النفسية والجسدية.