رغَّب الإسلام في الزواج، وحبب فيه لما يترتب عليه من آثار نافعة علي الفرد نفسه، وعلي الأمة جميعا، وعلي النوع الإنساني عامة: للأسباب التالية: 1 - إن الغريزة الجنسية من أقوي الغرائز وأعنفها، وهي تلح علي صاحبها دائما في إيجاد مجال لها، فما لم يكن ثمة ما يشبعها، انتاب الإنسان الكثير من القلق والاضطراب، ونزعت به إلي شر منزع. والزواج هو أحسن وضع طبيعي، وأنسب مجال حيوي لإرواء الغريزة وإشباعها. فيهدأ البدن من الاضطراب، وتسكن النفس من الصراع، ويكف النظر عن التطلع إلي الحرام، وتطمئن العاطفة إلي ما أحل الله، وهذا هو ما أشارت إليه الآية الكريمة: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). 2 - والزواج هو أحسن وسيلة لإنجاب الأولاد، واستمرار الحياة مع المحافظة علي الأنساب التي يوليها الإسلام عناية فائقة، وقد تقدم قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة). دخل الأحنف بن قيس علي معاوية - ويزيد بين يديه، وهو ينظر إليه إعجابا به - فقال: يا أبا بحر ما تقول في الولد ؟ فعلم ما أراد، فقال: يا أمير المؤمنين، هم عماد ظهورنا، وثمر قلوبنا، وقرة أعيننا، بهم نصول علي أعدائنا، وهم الخلف منا لمن بعدنا فكن لهم أرضا ذليلة، وسماء ظليلة، إن سألوك فأعطهم، وان استعتبوك فأعتبهم، لا تمنعهم رفدك فيملوا قربك، ويكرهوا حياتك، ويستبطئوا وفاتك. فقال: لله درك يا أبا بحر، هم كما وصفت. 3 - ثم أن غريزة الأبوة والأمومة تنمو وتتكامل في ظلال الطفولة، وتنمو مشاعر العطف والود والحنان، وهي فضائل لا تكمل إنسانية إنسان بدونها. 4 - الشعور بتبعة الزواج، ورعاية الأولاد يبعث علي النشاط وبذل الوسع في تقوية ملكات الفرد ومواهبه. فينطلق إلي العمل من أجل النهوض بأعبائه، والقيام بواجبه فيكثر الاستغلال وأسباب الاستثمار مما يزيد في تنمية الثروة وكثرة الإنتاج، ويدفع إلي استخراج خيرات الله من الكون وما أودع فيه من أشياء ومنافع للناس. 5 - توزيع الأعمال توزيعا ينتظم به شأن البيت من جهة، كما ينتظم به العمل خارجه من جهة أخري، مع تحديد مسئولية كل من الرجل والمرأة فيما يناط به من أعمال. 6 - علي أن ما يثمره الزواج من ترابط الأسر، وتقوية أواصر المحبة بين العائلات، وتوكيد الصلات الاجتماعية مما يباركه الإسلام ويعضده ويسانده فإن المجتمع المترابط المتحاب هو المجتمع القوي السعيد. 7 - جاء في تقرير هيئة الأممالمتحدة الذي نشرته صحيفة الشعب الصادرة يوم السبت 6 / 6 / 1959م أن المتزوجين يعيشون مدة أطول مما يعيشها غير المتزوجين سواء كان غير المتزوجين أرامل أم مطلقين أم عزابا من الجنسين وقال التقرير: إن الناس بدأوا يتزوجون في سن أصغر في جميع أنحاء العالم، وأن عمر المتزوجين أكثر طولا، وقد بنت الأممالمتحدة تقريرها علي أساس أبحاث وإحصائيات تمت في جميع أنحاء العالم خلال عام 1958 بأكمله، وبناء علي هذه الإحصاءات قال التقرير: أنه من المؤكد أن معدل الوفاة بين المتزوجين - من الجنسين - أقل من معدل الوفاة بين غير المتزوجين، وذلك في مختلف الأعمار واستطرد التقرير قائلا: وبناء علي ذلك فإنه يمكن القول بأن الزواج شيء مفيد صحيا للرجل والمرأة علي السواء، حتي إن أخطار الحمل والولادة قد تضاءلت فأصبحت لا تشكل خطرا علي حياة الأمم. وقال التقرير: إن متوسط سن الزواج في العالم كله اليوم هو 24 للمرأة و 27 للرجل. وهو سن أقل من متوسط سن الزواج منذ سنوات. وللحديث بقية ليسانس شريعة - دبلوم في الدعوة