تكتسب القمة العربية الدورية التي تعقد حاليا في سرت أهمية خاصة نظرا للظروف المصيرية التي تواجه الأمة العربية الآن, خاصة استمرار التعنت الإسرائيلي بتصعيد عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس والتهرب من أي محاولة لاحياء عملية السلام. , بالإضافة إلي مشروعات الهيمنة الاقليمية علي منطقة الشرق الأوسط وأثرها علي توقف المصالحة الفلسطينية, وتطورات الأوضاع في العراق, وتحديات التنمية والتحديث التي تواجه الوطن العربي. ولذلك فإن ملايين العرب يتمنون أن تخرج القمة بمواقف موحدة وقوية تراعي متطلبات الأمن القومي العربي وتعلي المصالح القومية العليا للأمة العربية فوق المصالح القطرية والشخصية. وإذا كانت قضية القدس تشكل المحور الرئيسي لأعمال هذه القمة, فإن إنقاذ القدس يتطلب مواقف محددة سياسيا واقتصاديا لمواجهة التعنت الإسرائيلي, لعل أولها هو اتمام المصالحة الفلسطينية خاصة بين حركتي فتح وحماس وفقا للأسس الواردة في الورقة المصرية والتي تحدد حقوق وواجبات كل طرف, وأسس حل كل الخلافات العالقة بين الفصائل الفلسطينية, وبدون هذه المصالحة والتوصل إلي موقف فلسطيني موحد لا يمكن مواجهة التعنت الإسرائيلي. كما أن هناك متطلبات اقتصادية محددة لدعم القدس والمقدسيين لابد من تلبيتها, فإسرائيل تخصص مليارات الدولارات لتهويد القدس, بينما يحتاج المقدسين إلي ملايين الدولارات للحفاظ علي هويتهم ومواجهة المشروعات الإسرائيلية. علاوة علي ضرورة أن تخرج القمة بأسس محددة لمعالجة الخلل الموجود في العمل العربي المشترك, وسبل التخلص من سياسة المحاور التي أصبحت سمة واضحة في هذا الصدد خلال الفترة الأخيرة, وألا نسمح لمشروعات الهيمنة الاقليمية بالتسلل إلي قلب العمل العربي. إن القمة العربية ليست هدفا بحد ذاتها ولكنها وسيلة مهمة علي أعلي مستوي لمواجهة مختلف التحديات التي تحيق بالأمة العربية, ولعل الأيام المقبلة تكشف لنا مدي مصداقية قرارات القمة العربية ودورها في حل مشكلات الأمة.