أثار إطلاق بعض ضباط الشرطة اللحية جدلا واسعا داخل وزارة الداخلية بعد أن تقدم نحو20 من ضباط الشرطة بطلب للسماح لهم بإطلاق لحيتهم. وذلك علي اعتبار أنها حرية شخصية لا تحتمل أي نوع من أنواع الأذي للغير. إلا أن هذه الطلبات تحولت إلي قرارات تعسفية تصل إلي حد التحقيق, والتوقف عن العمل, وسحب سلاحهم الميري الخاص بالرغم من الجدل علي عدم وجود أي قانون يمنع أي ضابط من إطلاق لحيته, إلا أن هناك العديد من الآراء بين مؤيدي ومعارضي هذا المطلب بين رجال الشرطة, ومن هنا: كانت البداية مع النقيب هاني صبر الشاكري الذي تقدم بطلب لوزير الداخلية بعد أحداث ثورة25 يناير بالتحديد في2 فبراير2011لإطلاق لحيته, ولكن لم يتم البت فيه حتي11 فبراير2012 أي بعد مرور عام إلا أنه تم استدعاؤه من قبل رؤسائه وسؤاله عن سبب هذا الطلب, وأعرب عن دهشته من هجوم الوزارة, في حين أن القانون يقول إنه إذا تقدم أي شخص بطلب إلي رؤسائه, ولم يتم الرد عليه بعد مرور عام عليه, فله أن يفعل ما يطالب به. ويقول النقيب محمد السيد الضابط بمديرية أمن الشرقية, وأحد أعضاء ائتلاف( أنا ضابط شرطة ملتح) إنه يواجه هو وزملاؤه هجوما شرسا وتهديدات من قبل وزارة الداخلية, وحتي الآن لا أحد يعلم لماذا كل هذا الهجوم, في حين أن هؤلاء الضباط الذين أطلقوا لحيتهم استندوا إلي فتوي شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق عام1981 والذي صرح بأنه لا يجوز للقضاء العسكري إجبار أي مجند علي حلق لحيته لإنه أمر مخالف للشريعة الإسلامية والمادة الثانية من الدستور. ويضيف النقيب محمد السيد إنه تم استدعاؤه يوم19 فبراير2012والتحويل للتحقيق والوقف عن العمل لمدة شهر بسبب, إعفاء اللحية ومنسوب إليه الإخلال بكرامة الوظيفة لخروجه عن العرف العام لوزارة الداخلية بطلق اللحية في حين أنه لا يوجد أي مادة قانونية في القاعدة القانونية تصرح بأنه لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص قانون هيئة الشرطة رقم109لعام.1971 ليس هناك أي نص يفيد بأن هناك أي جريمة أو عقوبة علي من يطلق لحيته, ولذلك فإن تصريح الوزير كان صادما لأنه بدون سيادة القانون والعدل لن تتحقق أي ديمقراطية, وسوف نقوم برفع دعوي قضائية إدارية لأن القرار تعسفي, ولا يوجد له أي سند قانوني( قانون هيئة الشرطة) وأيضا جنائيا بسبب التمييز الديني والإزدراء لأن هناك مادة قانونية تمنع التميز الديني بين المواطنين. كما أوجه نداء إلي مجلس الشعب أن يطالب السيد الوزير برفع الأذي والظلم عن الضباط والأفراد, والاستماع لشكواهم وآرائهم وإحتواء العديد من هؤلاء, وأيضا رسالة إلي قيادات الداخلية بأنه لابد أن يتم تغيير طريقة تفكيرهم, وفتح باب للمناقشة والاستماع إلي شباب رجال الشرطة لأن ثورة25 يناير كانت بداية الانطلاق من قبل الشباب صغار السن, ولكنهم كبار التفكير وتحمل المسئولية, ورجال المستقبل. وعلي الجانب الآخر يوضح اللواء رفيق محمد رفعت رئيس نيابة مرور الدراسة الاسبق أن جهاز الشرطة ما هو إلا هيئة مدنية نظامية مثل القوات المسلحة الهيئة العسكرية الأولي تحمي أمن الدولة الداخلية والثانية تحمي أمن البلاد الخارجي وحدودها, ولكنهم الاثنين لهما صفة واحدة, وهي الالتزام بالتعليمات والنظم التي تحكم, وتساعد علي تحقيق الأمن للشعب والبلاد, ولذلك, يجب الالتزام بالسلوك والمظهر الخارجي الذي يبعث الاطمئنان لدي المواطنين عند التعامل معهم لأن جهاز الشرطة يقوم علي خدمة الشعب والاحتكاك في جميع الأمور الداخلية, ولذلك لا يجوز تقسيم أو تصنيف رجل الشرطة أو حتي تحيزه لحزب ما أو سياسة تابعة لفكر مؤيد أو معارض حتي لا يصبح محسوبا علي أحد, وهذا علي عكس أي مهنة أخري, ونحن منذ القدم لم نري علي مر العهود السابقة أي رجل شرطة يطلق لحيته, فلم نتعود علي هذا المشهد من قبل. ويعارض اللواء محمد أبو زيد مساعد وزير الداخلية الاسبق فكرة إطلاق اللحية ويقول: إنه في هذه الأيام قام بعض أفراد الأمن وضباط الشرطة بترك لحيتهم, وهذه ظاهرة تعتبر جديدة, وغريبة علي جهاز الشرطة, ولكن هناك أعرافا وتقاليد تحكم رجال الشرطة علي اعتبار أننا هيئة مدنية نظامية تشترك مع القوات المسلحة في الزي العسكري, وأيضا إمكانية التسليح الذي هو مرتبط بالمهنة, ولكن فعليا يستوجب التعامل بمرونة مع المواطنين, أكثر من رجال الجيش. لذلك أعتقد أن هناك معارضة كبيرة لهؤلاء الضباط لأن الذي ينتمي إلي جهاز الشرطة يعلم النظام والتقاليد العسكرية التي تحكم بذلك, وهو التقييد بقواعد المهنة, كما أري أنها لا علاقة لها بالدين, فهي حرية شخصية, وأيضا ليست إلزاما, فهي سنة عن النبي صلي الله عليه وسلم لأن شيخ الأزهر السابق, وهو( الباخوري) كان لا يطلق لحيته مثل الكثيرين من الشيوخ والدعاة. أما عن ما يدور في هذه الأجواء من أنتشار البلطجية وسرقة الزي العسكري, فهناك الكثيرون الذين ينتحلون صفة الضباط في ظل الإنفلات الأمني الذي يسود البلاد منذ العام الماضي, ومن هنا لايستطع أحد أن يفرق بين الضابط والمنتحل صفته. وأيضا يعارض اللواء رفيق حبيب الخبير الأمني مطالبة بعض الضباط بإطلاق اللحية موضحا أن هناك قانونا في الشرطة مادته تنص علي أن الضباط لابد أن يكونوا حسن المظهر أي حليقي الشعر والذقن لأن المظهر العام هو جزء لا يتجزأ من هيبته أثناء التعامل مع المواطنين, وأيضا أرباب الجرائم لأن الشرطة شعارها الكامل هو الانتماء للوطن. أما الدكتور محمد المنسي أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة فيقول: إن الحكم الاصلي للحية أنها سنة مستحبة من فعلها أثيب عليها, ومن لم يفعلها, فلا حرج عليه مع إختلاف بين الفقهاء في هذا الأمر والحكم الفقهي في هذه المسألة يتراوح بين ثلاثة آراء, فبعض الفقهاء يراها أمرا واجبا والبعض يراها سنة مستحبة والبعض يراها سنة من سنن العادات, ومعني ذلك أنها مرتبطة بما يشيع في المجتمع, وينتشر بين الناس, بحيث تصبح عادة متبعة, من هنا يكون موافقة العادة أولي من مخالفتها لتحقيق التألف والتقارب بين أفراد المجتمع. وأن كل مجتمع له عاداته التي ينبغي أن تحترم لتحقيق الألفة بين الأفراد, كما سبق ما أشرنا, وعلي نحو ما يوجد في الدول العربية أما في مصر فالامر مختلف, حيث لم تصل اللحية إلي أن تكون عادة إجتماعية متبعة, وإنها سلوك لبعض الأفراد محل تقدير واحترام, لكن ما يذاع ويفكر فيه البعض الآن من رغبة بعض العاملين في أجهزة الشرطة ربما يكون ذلك مصادما للحالة الواقعية المتبعة لصورة أفراد الشرطة لدي عامة الشعب, ومن ثم لا داعي لوجهة نظرنا إلي أفتعال قضية أو معركة في غير وقتها لأن المسلم في النهاية بأعماله وتصرفاته قبل مظهره, ومن يرغب في زيادة الثواب والأجر فأمامه عشرات الأعمال دون خلاف.